الحدث- روان سمارة
كان هذا السؤال الذي طرحته "الحدث" على عدد من النساء من شرائح مختلفة، وتأرجحت الإجابة عليه بين الحاجة والاحتياج، وكل إجابة كانت تحمل إشارة معينة قد تثير رغبة التحليل لدى الأخصائيين من اجتماعين ونفسيين، فالدوافع كثيرة، والأسباب التي قد تقف وراء خوض المرأة لهذه التجربة قد تمتد جذورها للطفولة.
الإنجاب والأمومة
الإنجاب وتحقيق حلم الأمومة أول الأسباب التي تقف وراء إقدام بعض النساء على هذا القرار، ن.أ صحفية من رام الله أجابت على هذا السؤال قائلة: "سأتزوج لأجل الأولاد، فالقانون لدينا لا يجيز التبني، وأنا أريد أن أصبح أما".
وقد وافقتها الرأي ج.س وهي معلمة في إحدى مدارس بيت لحم، تقول: "تزوجت لأنني كنت أحلم بأن أصبح أما فقط، وحتى اليوم لم أتمكن من تحقيق هذا الحلم، فزوجي عاقر ومن الصعب أن أنفصل عنه لأسباب كثرة، لذا فأنا "عكمت" فالزواج كان وسيلة لأصل لغايتي التي لم أصلها وعلقت في الوسيلة".
الاستقرار
الاستقرار كان السبب الثاني لتفكير النساء في الزواج، تجيب ر.ع: "أنا أصبحت في الخامسة والثلاثين من العمر، لم أتزوج من قبل، لكني مررت بعدد من العلاقات، وقد وصلت لقرار بأنني أحتاج للاستقرار ورسم ملامح واضحة لحياتي، فبحثت عن عمل ثابت، وبدأت بترتيب حياتي، والزواج هو جزء من الاستقرار".
ل.ح. باحثة، تجيب: "الاستقرار المادي والمعنوي هو سبب إقدامي على هذه الخطوة، التي لم أفكر بها وأنا في العشرين من عمري، لكن الآن وأنا أقف على أعتاب الأربعين فأنا بحاجة للاستقرار".
الحب
الحب كان سببا آخر للزواج من وجهة نظر العديد من الفتيات، تقول ن.ع وهي مقدمة برامج: "سأتزوج من أحب، فالحب هو وحده من سيقنعني بفكرة الزواج".
أما م.ن وهي طالبة جامعية فتقول: "الزواج هو النتيجة الطبيعية للحب، لذلك سأتزوج من أحب فقط، ولن أفكر في الزواج إن لم أجد رجلا أحبه".
وتقول س.ج: "لدي رغبة كبيرة في أن أجرب الزواج بعد قصة حب كبيرة، رغم أنني أعلم أن الحب لن يدوم بعد الزواج طويلا إلا أنني أرى أن الحب يمكن أن يكفل الاستمرار في العلاقة لفترة أطول".
الاحتياج الجنسي
الاحتياج الجنسي هو أحد الأسباب التي تدفع ه.ن للتفكير بالزواج مجددا، تقول: "تزوجت، وانفصلت قبل عامين، ولأن المجتمع والدين يرفضان العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، فأنا أفكر بالزواج مرة أخرى لأنه الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن ألبي هذه الحاجة".
وتقول م.س مهندسة معمارية: "أنا لم أتزوج من قبل، وفي مجتمعنا من المستحيل أن أقيم علاقة كاملة مع رجل بدون زواج، لذلك فأنا كمعظم الفتيات مضطرة للزواج، وفي حال الانفصال لن يكون هناك عائق فيزيائي لإقامة علاقة جنسية كاملة، لكن سيبقى العائقان الديني والاجتماعي".
تحقيق الأحلام
تحقيق الأحلام هو جزء من الأسباب التي تقف وراء رغبة بعض النساء في الزواج، تقول أ.ل: "أنا تزوجت لتزداد حياتي جمالاً وكمالاً، وتزوجت لأن مستقبلي القادم يحتاج لرفيق عمر، ولأني لا أستطيع تحقيق احلامي بمفردي، ولكن لم يتم هذا اذا ما احسنت اختيار الشخص المناسب لحياتك".
م.ك ترى أن كثيرا من الفتيات ينظرن للزوج على انه الفارس الذي سيأتي لتحقيق أحلامهن، تقول: "معظم الفتيات اللواتي يتزوجن في أعمار صغيرة هن ينظرن للرجل على أنه الفارس المخلص لهن، وهو من سيحقق أحلامهن فمن منزل جميل، للسفر، وتأمين كافة متطلبات حياتهن، أي أنهن ينظرن للزواج كفانوس سحري يسكنه مارد هو الزوج".
الاستقلالية عن الأهل
تحقيق الاستقلالية والضغوط الاجتماعية هي دافع آخر لدى العديد من الفتيات للسعي وراء الزواج، تقول س.ع: "أكملت من شهر الثامنة والعشرين عاما، وتسكن عائلتي في إحدى قرى الشمال، وهم يعاملونني بازدواجية لم أعد أفهمها، فهم يتعاملون معي كطفلة عندما أتحدث عن استقلاليتي عنهم، ويتعاملون معي كـ"عانس" عند الحديث عن تأخري في الزواج، وكلا الأمرين يدفعاني للزواج، فأنا لن أستطيع الاستقلال بحياتي بدون رجل، وبالمقابل لن أتخلص من فكرة "العنوسة" إلا بالزواج أيضا".
رد متخصص
رائدة عميرة، الأخصائية في مركز المرأة للإرشاد النفسي قالت في اتصال هاتفي مع "الحدث": "إن كل الأسباب التي ذكرت كفيلة بتحقيق زواج مستمر وناجح في حال توفرت مجتمعة".
تكمل: "الحب والرغبة الجنسية والرغبة بالاستقرار والإنجاب، كلها حاجات إنسانية، وهي قد تكون وراء شعور الكثيرات بالحاجة للزواج، لكن وجود الحب وحده، أو الرغبة الجنسية وحدها، على سبيل المثال لن يكفل استمرار الزواج، فتوفر عوامل الأخرى كالاحترام، والمشاركة في المسؤولية هي أيضا عوامل مهمة، يجب أن تتوافر".
وتضيف عميرة: "أسباب الزواج تختلف من امرأة لأخرى، وأنا أرى أن أسوأ هذه الأسباب هو الناتج عن ضغط اجتماعي، كحرمان الفتاة من استقلاليتها، أو من تعليمها، أو دفعها لقبول أي زوج للتخلص من عقدة التأخر في الزواج، فشعور النقص لدى بعض الفتيات قد يقودها للقبول بأي زوج، وقد نلمس هذا الأمر عند الفتيات الصغيرات اللواتي يتزوجن بأعمار مبكرة، ويكفي في هذه الحالة أن يكون الرجل ثريا، أو قادرا على تأمين احتياجاتها وطلباتها".
وحول الزواج بهدف الإنجاب تقول عميرة: "نحن نتيجة لواقعنا ومجتمعنا وطفولتنا، كلها عوامل تؤثر ليس على سلوكنا فقط بل على رغباتنا أيضا، والتفكير بالزواج وخوض تجربة تفرض عليك مشاركة شخص ما في كل تفاصيل حياتك لمجرد الإنجاب يأخذني كأخصائية للبحث عن أسباب هذه الحالة، وهي في هذه الحالة قد تكون احتياجات لم يلبيها الأهل لهذه الفتاة، وهو ما ترغب بتعويضه من خلال طفل خاص بها، لتعطيه كل ما حرمت منه".
وفي جانب آخر تقول صفاء طميش من منتدى الجنسانية لـ"الحدث": "الزواج هو الباب الذي تطرقه العديد من الفتيات لأجل تلبية احتياجاتهن الجنسية، التي لا يتعاملن معها بنضوج كافي، فالمجتمع لا يسمح لها بإقامة علاقة جنسية خارج إطار الزواج، وإن قامت بذلك فهي ستفرض على نفسها عقوبات اجتماعية تبدأ بالتسميات وتنتهي بالقتل ربما".
وتضيف طميش: "نحن لا نتعامل مع الجنس كاحتياج، ولا نعلم بناتنا ان أجسادهن مللك لهن، هي ملك للعائلة أولا وللزوج ثانيا، وكثير من الفتيات ينظرن للجنس على انه واجب يوازي واجب تحضير الطعام للزوج، وهذا الامر طبيعي فهن لم يتصالحن حتى اليوم مع أجسادهن ورغباتهن، لذلك فالجنس الذي قد يؤدي لبحث الكثيرات عن الزواج، هو من يبعد الكثيرات أيضا عنه".