نبيلعمرو
بعد انقضاء ثلاث سنوات دون مبرر، انعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير.
سُئل رئيس المجلس لماذا كل هذا الانقطاع، وقد كان المجلس ذاته قد اتخذ قرارات يفترض أن تكون ملزمة بعقد دورة اجتماعاته بانتظام كل ثلاثة أشهر.
لم يجب رئيس المجلس.. فليس لديه أي سبب مقنع لهذا الانقطاع الأقرب إلى الإلغاء.
الخطبالمكررة
على مدى ساعات طوال.. تحدث أكثر من نصف أعضاء المجلس باستفاضة، أغمضت عيني وتخيلت نفسي في الجزائر أو بغداد أو تونس أو رام الله.. لم أجد فرقا يذكر بين ما كان يقال قبل ثلاثيين سنة وما يقال اليوم، سوى أن العناوين اليوم كانت أكثر حرارة وأكثر تعقيدا إلا أن ما تحت العناوين هو ذات الكلام.
أحد الأصدقاء ممن لم يتكلموا قال:
إن الخطابات التي ألقيت حملت مطالب لا يقوى على تنفيذها تحالف أوروبا وروسيا والصين، وهذا كشف كلمة السر في الخطاب الفلسطيني، وهي أن هنالك انفصاما ملحوظا بل وواسعا بين القرارات وبين امكانيات تنفيذها..
القرارات محقة إذا كانت مجرد تذكير بالحقوق والمنطق، إلا أنها تصبح مجرد كلام حين لا تقترن بالإمكانيات الفعلية لتنفيذها، وهذا ما جعل لغة الشعار مستمرة في حياتنا حتى الآن، دون أن يتحقق واحد منها أو حتى دون أن يتم الاقتراب من تحقيقها ولو خطوة واحدة.
إذا فنحن بحاجة إلى إصلاح أمر الإطار الذي هو المجلس، وكذلك إلى إصلاح الخطاب الذي ما يزال الهواية المفضلة لدى طبقة سياسية تعتنق شعار قل كلمتك وامضي.
البيانالمعلن
سألني أحد الزملاء العاملين في إذاعة محلية ناجحة، عن توقعاتي من المجلس، وكيف ستكون قراراته وهل هنالك مفاجآت. قلت له .. لن يخرج المجلس في بيانه المنتظر عن خطاب الرئيس عباس.
سألني.. إذا لماذا عقد المجلس.. أجبت.. إنها تظاهرة سياسية مقيدة.
بعد صدور البيان الذي أعد قبل عقد الدورة، وصادق عليه الأعضاء كالعادة بالتصفيق، أقول في الخلاصة أنه بيانٌ عاقل قدر الإمكان.. فيه توجهات سياسية لا تحمل أي جديد وأفضل ما في البيان تجنبه لما كان متوقعا.. مثل إلغاء التنسيق الأمني، وتسليم مفاتيح السلطة للاحتلال.
إن خلو الإعلان الختامي من هاتين النقطتين أكد للقاصي والداني أن الحديث عن إلغاء التوجه التفاوضي لمنظمة التحرير أمر لا أساس له في الواقع، وأن إلغاء التنسيق الأمني مجرد مطلب خطابي، لن يتخذ فيه قرار دراماتيكي. أما حكاية الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف ففي خطاب الرئيس إشارات حاسمة تتمثل بهذين الأمرين مع إشاعة جو بأن حماس حين تشارك في تشكيل الحكومة المرتقبة تكون قد اعترفت بإسرائيل ونبذت العنف ولكن من وراء ستارة اسمها حكومة الوحدة، ولعل هذا هو أعقل ما تم.