الحدث- روان سمارة
كانت الحجارة عنوان انتفاضته الأولى، وكانت الجدران وسيلته الإعلامية فكان يصرخ ويغضب ويتحدث فوقها، كتابة أو رسما لايهم المهم أن يصل صوته للمارة في الشوارع، يقول الفنان عمار البرغوثي: "في الانتفاضة الأولى كانت تقصدني معظم التنظيمات الفلسطينية للكتابة على الجدران، كنا نكتب شعارات نحيي فيها الشهداء، والأسرى، ونحتفي بذكرى انطلاقة التنظيمات المختلفة، كنا نخرج ليلا ملثمين من كافة التنظيمات، وبالرغم من عقوبة السجن لعامين، التي فرضتها قوات الاحتلال على الكتابة على الجدران إلى أننا كنا نجازف، ونخرج كل ليلة."
سادت في الانتفاضة الأولى روح العمل الطوعي، فكان من يعمل لأجل الوطن لا ينتظر مقابلا أو أجرا على ما يقوم به، حتى دخلت مع قدوم السلطة ثقافة الممول، يقول الفنان حمزة أبو عياش: "كانت لدينا فكرة العمل من أجل الكل، فكان التعليم الشعبي، وتوزيع المؤن، والكتابة على الجدران، وغيرها، كانت جميعا أعمالا تطوعية، نقوم بها بحرية ونحن سعداء، أما الآن فأصبحنا محكومين برسالة الممول التي يرغب بتقديمها من خلال جدارية ما، فتجدنا مرة نعمل من أجل الاقتصاد في الماء والكهرباء، وأحيانا نعمل من أجل قضية نسوية كقضية الميراث، وأحيانا نعمل من أجل حقوق المعاقين، كل هذه رسائل اجتماعية مهمة ولكننا مقيدون فيها برسالة قد لا تشبهنا."
وأشار عياش أن كونك فنّان جرافيتي، يعني أن تبقى في الظل، مجهولًا. ففنانو الكتابة على الجدران دائما ما يوقعون باسم مستعار هو كناية عن مزيج من الحروف والأرقام، ويصرّ معظمهم على البقاء مجهولين، حتّى لو وصلت أعمالهم إلى المتاحف، أو حتّى بيعت، مَن لم يسمع بِبانكسي؟ وهو إنكليزي، في الثامنة والثلاثين من عُمره تقريبًا، أعماله (غالبًا بقوالب سبك) منتشرة في كل العالم، بما في ذلك جدار الفصل، وقد كُتبت عنه كُتب وعُرضت أفلام وثائقية، لكنّ هويته غير واضحة تمامًا.
وعن دلالات الألوان والأفكار يقول علاء البابا: "الألوان بالنسبة لي لها علاقة بالتكوين للرسمة والعناصر، بقدرأكبر من رمزية الألوان، أما الأفكار فتنقسم لقسمين: القسم الأول له علاقة في كون الرسم يأتي عن طريق مؤسسة تهدف لموضوع معين، وعليه تبنى الفكرة، فمثلا يوم المياه العالمي يكون موضوع الجدارية مرتبط في التوعية وإبراز هذا اليوم بشكل ترويجي، أما القسم الثاني فيعود للفكرة التي أرغب أنا بطرحها، ومن خلالها أحاول إيجاد عناصر ورموز لطرح موضوع الجدارية وفي هذه الحالة أركز على الرموز الغير مباشرة، مثل مشروع "مسار السمك" وهو عبارة عن جداريات في أكثر من 30 موقع جفرافي في فلسطين أطرح من خلاله حالة اللجوء من خلال رمزية السمك وكيفية ارتباطها باللاجيء الفلسطيني المهجر من الساحل".
ويؤكد البابا على أن الدفع والتمويل يجعل موضوع الجداريات محصورا بسياق معين، دزن ان يؤثرعلى الخيال والحرية في التعبير، لأنه يعتمد معايير واضحة.
يذكر أن الجرافيتي هو رسوم تُرسَم على ممتلكات عامة أو خاصة، ويمكن أن يكون الجرافيتي فنًّا، رسمًا، أو كتابات بشكل عامّ، ويجري الرسم دون إذن صاحب الملك، ولذلك يُعتبَر انتهاكًا للقانون وتخريبًا. وهو فن قائمٌ منذ أيام القِدم، فقد وُجدت كتابات الجرافيتي في الإمبراطورية الرومانية واليونان. يمكن القول إنّ رسوم المغارات القديمة هي نوع من الجرافيتي.