"على سلالم من دون درابزين، وعلى أفاريز حيث خطوة واحدة غير صحيحة تعني سقوط المرء إلى أسفل البناء، وفي غرف قد يهبط سقفها عليه أو تنهار أرضيتها تحته في أي لحظة... هنا يعيش تيمور". بقصة محزنة لطفل شيشاني يتيم يبلغ من العمر اثني عشر عاماً، تفتتح الصحافية النرويجية والمراسلة الميدانية "آسني سييرستاد" كتابها الذي يحمل عنوان "ملاك غروزني.. بارقة أمل في ظلمة الشيشان".
في السادسة والأربعين من عمرها، وحاصلة على ثماني جوائز حتى الآن، تبدو الصحافية المستقلة والكاتبة النرويجية "آسني سييرستاد" مهتمة جداً بشؤون الدول التي تدور فيها حروب طاحنة. وذكرت تيكلا زايمانسكي، محررة مجلة وورلد برس، في تقرير لها، أن سييرستاد تتحدث خمس لغات بطلاقة، وتمتلك معرفة جيدة في أربعٍ أخرى. الصحافية النرويجية نشرت خمسة كتب حتى الآن، في الفترة الواقعة ما بين عامي 2000 وحتى 2015.
تكتب "آسني سييرستاد" باحترافية وحياد، وتظهر مهنيتها واضحة في ثنايا صفحات كتبها. هي أيضاً سخية في التفاصيل، محاولة نقل الصورة إلى قارئها قدر المستطاع. تستمع إلى قصص الناس، تتلمس آلامهم ومشاكلهم، وتشاركهم حياتهم. ومع كل الأخطار التي تكتنف الدول التي تزورها، تواصل بحثها الشجاع عن الحقيقة.
في كتابها الأول "صور من صربيا"، تتتبّع "سييرستاد" حياة ثلاثة عشر مواطناً صربياً عادياً من خلفيات متنوعة وآراء سياسية مختلفة، تصف حياتهم وتسجل آراءهم، مقدمة لقارئها صورة وافية عن الناحية النفسية للشعب الصربي، كما تتحدث فيه عن مقابلاتها العديدة مع سياسيين من الحزبين، الاشتراكي والديمقراطي. كانت سييرستاد قد نشرت كتابها عام 2000، حيث كانت قد زارت كوسوفو مرتين. المرة الأولى كانت عام 1999، بعد قصف الناتو للبلاد، وعندما كان "سلوبودان ميلوسيفيتش" لا يزال في الحكم. وعادت إليها مرة أخرى عام 2000 لتسجل أحداث الثورة الديمقراطية التي أطاحت بميلوسيفيتش.
لكنها، وبعد أن زارت كوسوفو مرة ثالثة عام 2004، بعد اغتيال رئيس الوزراء الصربي زوران دينديتش، وترحيل مجرمي الحرب (بما في ذلك ميلوسيفيتش نفسه) إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، أعادت نشر الكتاب عام 2004 حيث أضافت له الكثير من المعلومات. الكتاب صدر باللغة النرويجية، وتُرجم إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والبرتغالية، لكنه لم يترجم إلى العربية حتى الآن.
في الثاني من أيلول عام 2002، نشرت سييرستاد كتابها الثاني "بائع الكتب في كابول"، والذي احتل المرتبة الأولى في قوائم الكتب الأكثر مبيعاً. كانت الصحافية قد سافرت إلى أفغانستان لتغطية الحرب هناك، وبعد أن سقطت قوات طالبان وانتهت الحرب، قررت سييرستاد أن تعيش لمدة ثلاثة أشهر مع عائلة أفغانية، لترصد ملامح الحياة الاجتماعية في كابول. الكتاب صدر باللغة النرويجية، وترجمه حليم نصر من الإنجليزية إلى العربية، وصدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون عام 2009، ويقع في357 صفحة.
في عام 2003، سافرت سييرستاد إلى العراق، وقدمت تغطية إعلامية للحرب لصالح وسائل إعلام اسكندنافية وألمانية. وبعد عودتها من العراق، نشرت كتابها الثالث "101 يوماً في بغداد"، والذي ركزت فيه على الحياة اليومية للمواطن العراقي العادي تحت القنابل الأمريكية، ووصفت أيضاً الإحباطات التي يشعر بها الصحفيون في سعيهم للتمييز بين الحائق والبروباغاندا الإعلامية. الكتاب صدر باللغة النرويجية، وترجم إلى ثماني لغات من بينها الإنجليزية، لكنه لم يُترجم إلى العربية.
في عام 2007، نشرت سييرستاد كتابها الرابع "ملاك غروزني"، الذي تحدثت فيه عن زيارتيها للشيشان، حيث كانت الأولى في عام 1995 لتغطية الحرب. أما المرة الثانية فكانت في عام 2006، حين قررت العودة إلى غروزني المدمرة لتختبر مدى جدية عمليات إعادة الإعمار فيها. هناك التقت بامرأة تدعى خديجة ويلقبونها "ملاك غروزني"، لأنها اختارت تحويل بيتها إلى ملجأ للأيتام. من خلال عيشها في ملجأ الأيتام ذاك لفترة، تسرد الصحافية قصصاً تفطر القلب عن أيتام الحرب، كما تتحدث فيه أيضاً عن مقابلتها مع الرئيس الشيشاني رمضان قديروف. الكتاب صدر باللغة النرويجية، وترجمته أفنان سعد الدين من الإنجليزية إلى العربية، وصدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون عام 2009، ويقع في 447 صفحة.
أما في كتابها الأحدث "واحد مِنّا"، فتتحدث عن بريفيك، الإرهابي النرويجي الذي قتل 77 شخصاً عام 2011، وصدر الحكم عليه بالسجن 21 عاماً. الكتاب صدر مطلع العام 2015 باللغة النرويجية، وتُرجم إلى 11 لغة، لكنه لم يُترجم إلى العربية.