الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عرق فوق الجبل المقدس

2014-10-07 12:13:27 PM
عرق فوق الجبل المقدس
صورة ارشيفية

خاص الحدث - جميل عليان
 
يعرض كاهن سامري أمام زواره كأس عرق مليء، ويشرح كيف أن أبناء طائفته يستطيعون صنع واحد من أثقل المشروبات الروحية منذ أكثر من ٣ آلاف عام  بنفس الطريقة في المكان ذاته.
 
ويشكل الكهنة اعلى سلطة دينية في أصغر طائفة دينية في العالم تعيش على قمة جبل يحيط بمدينة نابلس بالضفة العربية من ناحية الجنوب، لكن هذه القيادة الدينية التي لها سلطه مطلقة في عرف القوانين الاجتماعية غالبا ما تحث ابناء طائفتها على شرب ولو قليل من العرق المصنع منزليا.
 
ويخوض السامريون وهم الجزء المتبقي من سلالة بني اسرائيل الحقيقية كما يعتقدون صراعا قويا مع الظروف المحيطة بهم، للإبقاء على عادات يومية، يمارسونها بانتظام.
 
وصناعة العرق وهو مشروب مقطر من العنب واحدة من أقدم الصناعات التي تمارسها هذه القلة القليلة من بني اسرائيل القدماء.
 
وقال الكاهن حسني السامري وهو واحد من عديد الكهنة الذين تناط إليهم امور تسيير الحياة" العرق مشروب محبب لدينا. نحن نصنعه بأيدينا".
 
ويمكن لأي سامري من ابناء الطائفة التي تعيش فوق قمة اعلى جبال نابلس ان يصنع هذا المشروب بيديه في بيته. وتظهر في كثير من المنازل براميل بلاستيكية وضع فيها عنب مفروط توطئة لتخميره لفترة من الوقت.
 
وبعد التخمير تجري عملية التقطير بعناية فائقة. فتنساب قطرات المشروب قطرة قطرة في أوان زجاجية. والكاهن والعائلة المقربة منه تعمل على تقطير هذا المشروب الكحولي سنويا.
 
ويعرض الكاهن في منزله عدة اوان زجاجية مليئة بالعرق الذي قطر في العام الماضي.
 
وقال الكاهن السامري" لا يمكن لأي انسان على وجه الارض ان يصنع عرقا شبيها بهذا". ولا تدخل اي اضافات على صناعة العرق سوى حبوب اليانسون.
 
فموسم العنب كفيل بإنتاج كميات كافية منه.
 
وتشيع رائحة اليانسون جوا فاقعا يسود على كل الروائح، فصناعة مشروب كحولي مثل العرق لا يمكن ان تتم من دون اضافة كميات من هذه الحبوب بعد اتمام عملية تقطيره.
 
وقال الكاهن السامري ان ابناء الطائفة يبدؤون بشراء العنب في ذروة الموسم توطئة لإتمام عملية التقطير. وغالبا ما تستمر عملية التقطير نحو شهرا كاملا.
 
ويقول السامريون انهم يتناولون المشروب في اي وقت. لكن كثير منهم قالوا ان مائدة السبت لا تخلوا من هذا المشروب. ومعروف ان يوم السبت هو يوم مقدس يمتنع فيه السامريون عن استخدام الآلات او ممارسة اي عمل او استخدام الاضواء.
 
وقال الكاهن" ايام السبت هي للعبادة... وايضا لشرب العرق".
 
ويعيش نحو ٤٠٠ سامري في منازل حديثة فوق الجبل الذين يعتبرونه قبلتهم المقدسة ومكان الهيكل. ويعيش ايضا نفس العدد تقريبا في منطقة حولون جنوب تل ابيب انتقلوا الى هناك طلبا للعمل.
 
واضافة الى صنعهم العرق الخاص بهم، تمتنع الطائفة عن اكل الطعام المصنع خارج الحي، فكثير من متطلبات الحياة عندهم تخضع لشروط دينية فرضتها الاسفار الخمس الاولى من التوراة التي يقدسونها.
 
وصناعة العرق وهي الصناعة القديمة جدا، ظلت بنفس الطريقة التي تعتمد على التخمير والتقطير بوجود درجات حرارة معينة، لكن ايضا استفاد الصناع فوق الجبل من التكنولوجيا الحديثة عندما ادخلوا بعض افران الغاز للتعجيل في عملية التقطير.
 
وقال ابراهيم وهو شاب من ال الكاهن انه يستخدم الغاز، لكن والدته قالت ان عملية التقطير قبل عقود كانت عملية شاقة جدا وتستغرق اياما طويلة من العمل الشاق.
 
ولا ينتج السامريون العنب الخاص بهم، الا بكميات قليلة، لكن عليهم في كل موسم البحث عنه في اسواق مدينة نابلس، وهي مدينة ذات نسيج ديني فسيفسائي.
 
ويقول افراد الطائفة انهم يفضلون مشروب العرق وهو مشروب يصنع في كثير من الدول العربية على اي مشروب اخر. " انه أفضل مشروب لمائدة السبت" قال ابراهيم.
 
يردد المعنى ذاته شبان سامريون اخرون.
 
ويفرض على السامريين حسب نصوص توراتهم التي تختلف عن التوراة اليهودية بنحو ٧ الاف خلاف ان يلتزموا تماما بتعاليم الدين التي تضع شروطا صارمة فيما يتعلق بتناول الطعام اذا اجتمعت فيه اللحوم والالبان.
لكن اي مشروب قد يجتمع مع العرق فوق مائدة واحدة يعتبر مشروب حلال. لذلك هناك يوما في ايام الاعراس التي تمتد لأسبوع كامل يسمى يوم "المسكرة" يتناول فيه السامريون اصنافا مختلفة من المشروبات الروحية التي حللها الدين السامري.
 
ويحتفل السامريون في هذه الايام بعيد العرش. وايذانا ببدء موسم الاعياد، يمكن لأي سامري، ان يشرب من عرق محرم على جيران مسلمين يسكنون على بعد امتار منه. مثلما يحفل جبل جرزيم بإطلالة مفتوحة على جهات الارض الاربع، يحفل ايضا بوجود اتباع الاديان المختلفة، يمكن ان يطل اي واحد منهم على الثاني بمجرد فتح نافذه بيته