الحدث - رام الله
ما زال النشطاء في غزة يتعرضون إلى ملاحقات أمنية واعتداءات على حرياتهم الشخصية دون اعتبار لأي قوانين أو لوائح منظمة لحقوق وحياة المواطنين. تجاوزات كثيرة للقانون تتم دون أن يتم ملاحقة المتسببين بهذه الانتهاكات، ودون قدرة المؤسسات الحقوقية على انتزاع حقوق الناس الذين يتم الاعتداء على حقوقهم بأشكال مختلفة.
ما الذي حدث مع رامي أمان؟
المهندس رامي أمان من تجمع الشخصيات المستقلة، روى لـ "الحدث" جزءً مما حدث معه خلال الشهر الماضي، والذي تعرض فيه إلى أكثر من عملية مداهمة لبيته، شملت اعتقالاً له ولأخيه وعملية ابتزاز تشكلت في اعتقال أخيه حتى يقوم بتسليم نفسه.
وفي إفادته لـ "الحدث"، قال أمان: "ما حدث معي يوم الأربعاء 19 تشرين أول / أكتوبر 2016 هو امتداد لأمور سابقة حدثت معي منذ كنت أقوم بنشر آرائي عبر صفحة موقع التواصل (فيسبوك)، حيث بدأت الأحداث منذ شهر، جاءت مجموعة من أفراد الشرطة في 22 أيلول/ سبتمبر تمام العاشرة صباحاً، وطرقوا الباب سائلين عني، وطلب أهلي منهم ورقة استدعاء رسمية، فأجابوا بعدم وجود ورقة استدعاء، وأن لديهم أمر قبض، ولم يبرزوا أمر القبض أيضاً، وقالوا لوالدي أن عليَّ الذهاب لمركز التفاح".
ويتابع رامي: "تواصلت مع المركز وسألتهم إذا ما كانوا يريدونني، وأجابوا أنهم لم يستدعوني!، بعدها وفي تاريخ 27 من الشهر نفسه، جاء جيب آخر فيه 4 مسلحين وقلنا لهم أننا تواصلنا مع مركز التفاح، وأن التفاح نفى أن له علاقة بالأمر، فقالوا: تعال على مركز الشاطئ، أيضاً لم يعرفوا عن أنفسهم ولم يقدموا بلاغ".
ويوضح أمان: "بعد يوم واحد، قدمت شكوى في مكتب تيسير البطش رئيس جهاز الشرطة، وعقب يومين من الشكوى، جاؤوا مرة أخرى دون إذن نيابة أو أي أوراق، سحبوا أخي محمود معهم مدعين أنهم سيوضحوا له الأمر، واقتادوه لمركز التفاح بملابس النوم، لكننا تفاجأنا أنهم سجنوا أخي حتى أقوم بتسليم نفسي، في رسالة ابتزاز واضحة وانتهاك صارخ للقانون والحريات". مضيفاً: "قمت بتقديم شكوى أخرى في الشرطة وتساءلت عن الموضوع وذهبت لشرطة الجوازات، قالوا لي: شوية بيطلع محمود وطلبوا مني الذهاب للبيت".
استمر مركز التفاح بحجز محمود أمان مدة 4 أيام دون أن يتم عرضه على النيابة ودون وجود تهمة حقيقية موجهة إليه، وفي اليوم الخامس أفرجوا عنه مدعين أنهم وجهوا له تهمة إعاقة عمل السطات والشرطة، وهذا ما نفاه أمان بشكل قاطع مبينا أنه لو أعاق عملهم فعلاً لما أفرجوا عنه.
ويتابع أمان سرده للأحداث، وصولاً لما حدث معه الأربعاء الماضي، قائلاً: "اليوم جاء جيب شرطة بمسلحين الساعة 8 صباحاً، اقتادوني إلى مركز شرطة العباس وقالوا لي أنني سأقدم إفادة فقط بخصوص قضية ما، وما وصلنا إلى العباس حتى قاموا بوضعي في (النظارة) مع المجرمين وأصحاب القضايا، وقالوا أنه سيتم تحويلي لمركز الشاطئ، ثم حولوني إلى النيابة في منطقة النصر، وحجزوني في (النظارة) ومن ثم حولوني على مركز الشاطئ لأقوم بالتوقيع على تعهد بالحضور حال وردني بلاغات من مركز الشاطئ!".
ويوضح أمان: "مؤخراً تفعلت الشكوى التي قدمتها سابقاً في الشرطة، وقاموا بالاتصال على المحامي الموكل من طرفي يطالبوني بالتنازل عن الشكوى المقدمة ضد مركزي الشاطئ والتفاح". ويختم أمان حديثه: "ما أريده هو أن يعي المسؤولون بأنَّ إطباق الأمن في غزة أن ما يقومون به مليء بالأخطاء وغير مبرر، وأنني سأقوم بملاحقة كل شخص أساء لي بالقانون رغم أنني ليس لدي مشكلات شخصية مع أحد، لكن هناك خلل في المنظومة. لا يجوز ان تعاقب شخص ثم تقوم بالتحقيق معه، قم بالتحقيق اولا ومن ثم قم بمواجهتي بالقانون وليس بالقوة التي تمتلكها".
مبيناً أنه: "يجب أن يكون هناك تدوير في المتنفذين في الأجهزة الأمنية وليس في المؤسسات والهيئات الحكومية، حيث أن مجموعة الأخطاء والتصرفات الفردية التي يتذرعون بها دوما تشكل في مضمونها تصرفاً جماعياً يعكس أخطاء المنظومة الأمنية في قطاع غزة".
دور الحقوقيين
تواصلت "الحدث" مع الناشط الحقوقي خليل شاهين الذي أكد وجود تجاوزات أمنية في غزة، وأوضح شاهين: "دائما الأشخاص المكلفون بإنفاذ القانون يخطئون في تنفيذ القواعد الخاصة، وذلك لوجود جهل إجمالاً عند جزء كبير من رجال الأمن، ويجب أن يعلم هؤلاء الناس أنَّ أيديهم غير مطلقة الحرية في أن يذهبوا لأيّ وسيلة، لأنَّ هناك قيود على إعمال وتنفيذ القانون، النقطة الثانية تكمن في غياب الرقابة بالشكل المطلوب، وفيما ندر يتم التعاطي مع شكاوى الضحايا بشكل جدي، لأنَّ جزء كبير من الضحايا يكون أسير خوف من أن يتم التعامل معه بردة فعل انتقامية من الأشخاص أو الجهات الأمنية".
وعن طبيعة الشكاوى المقدمة، أردف شاهين: "كثير من الشكاوى تتعلق بتعرض الضحايا لمعاملة قاسية وحاطة بالكرامة الإنسانية، بما فيها استخدام التعذيب والتهديد كوسيلة للتعاطي حتى مع القضايا ذات الطابع الجنائي وليس فقط السياسي. وهذا أمر غير قانوني، ويعاقب عليه القانون لأنَّ التعذيب هو جريمة بموجب التشريع والقانون الأساسي الفلسطيني".
يواجه الناشطون الفلسطينيون آلة القمع التي تمنعهم من إبداء آرائهم أو ممارسة حرياتهم المكفولة في كافة القوانين والتشريعات، ما يعني أن الجهة الأمنية التي من المفترض أن تحمي حريات الناس، ما زالت ترى المواطنين على أنهم أسرى أو لربما عبيد لا يحق لهم أن يتحدثوا عن مشكلاتهم، ولا أن يسجلوا التجاوزات التي باتت معلومة لدى الجميع.