الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

من تونس إلى فلسطين، وتجربة الكراي الفنية

2016-10-25 04:53:01 PM
من تونس إلى فلسطين، وتجربة الكراي الفنية
من اللوحات

 

الحدث - أحمد بعلوشة

يزور الفنان التونسي رؤوف الكراي فلسطين في زيارة اعتبرها الكراي مهمة وفيها ما فيها من إلهام وارتباط بأرض فلسطين وأهلها، حيث قدم الفنان مجموعة من أعماله في معرض أقامه في متحف محمود درويش بمدينة رام الله.

 

رؤوف الكراي فنان تونسي ولد في مايو 1951م بمدينة صفاقس التونسية، أستاذ جامعي باحث بالمعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس. قرر في بدايات عقده العشرين الخوض في تجربة فنية فريدة، وذلك من خلال سفره وتدواله في محاولة منه لاكتشاف العالم.. بعيداً عن الأهل والموطن لفترة من الزمن، ما أكسبه تجربة مختلفة، ونضجاً يُضاف إلى التجربة. وتتحدث لوحاته الفنية مجازاً عن هذه التجربة المليئة بالتفاصيل، وتعكس أجزاءً من طفولته والمراحل التي مر بها الكراي أثناء تجوله بين المدن والثقافات.

 

يصف رسوماته بأنها خارج حدود الزمان

تخرج رسومات الكراي عن حدود الزمان الذي نعيشه وتذهب إلى أزمنة أخرى يذهب فيها الفنان إلى علاقته بأشياء قديمة وانتمائه إلى وجودها الذي يشكل له جزءً هاماً من الذكريات والتاريخ، يروي فيها شغفاً بعدد من العناصر التي مر عليها زمان واختفى بفعل الزمان بعضها، كأن يكون المقصد في الأواني وحاصد السنابل وبائع العطور ومحراث الأرض، عوضاً عن عدد من الأعمال واأنشطة اليومية كصورة النساء اللاتي تعدُّ المؤونة وتحضر الحلوى.

 

يغوص الكراي في المدينة القديمة في كثير من أعماله، فيبدع برسم قبابها وأسوارها وجوامعها، ويستدل على معالمها وحضاراتها المختلفة.

 

مساحة للتخيُّل

يستطيع المتمعن في الصورة التي يبدعها الكراي أن يرى الصورة تتحدث عن مكنونها، وتكون الصورة هي من يروي تفاصيل الحكاية التي قد تكون حدثت في زمان ومكان آخر، إلا أنها حاضرة بين الناس، تخبرهم قصة لا زال الكراي شاهداً عليها. ويستطيع المشاهد أيضاً أن يلحظ خطوطاً وألواناً تشكل مشاهد سلسة وممتلئة بالدلالات، وتترك للمشاهد مساحة لتحليل ما جاء فيها من معاني.

 

يصف الكراي لـ "الحدث" ما وراء اللوحة، مبيناً أنَّها لا تقف عند حدود الظاهر وإنما تغوص عميقاً في ما وراء الشكل، وتسبح في خيالات المتلقي الذي قد يؤولها ويراها بصورته الخاصة.

 

ويحاول الكراي من خلال الصورة أن يترجم مشاعراً أحس بها في يوم من الأيام، وذلك من خلال رسم غير مرتبط بقواعد تحدد من شكله وجماليته، بل ينطلق فيه إلى ما هو أبعد من التقيد بشكل او صورة معينة.

 

ويقول الكراي أن: "رسم المشاهد المعمارية التي توثق روح ورمزية الأمكنة، تعبر عن طبيعة هذه الأماكن التي ظهرت في كثير من الأحيان مكتظة ومزدحمة بالناس، استخدمت خلالها ألوانا تعكس صورة الحياة في هذه المناطق".

 

وحول زيارته لمدينة رام الله وإقامته معرضاً في متحف محمود درويش بالمدينة، يقول الكراي: "هي تجربة جميلة ألتقي فيها بأصدقاء وزملاء لطالما تمنيت رؤيتهم، وعلى أرض فلسطين التي تعني لنا الكثير". ويتابع الكراي: "هي فرصة لتبادل الثقافة والمعرفة مع الأصدقاء هنا، وربما نحن بحاجة كبيرة لهذا التواصل الطي يعزز من ثقتنا بأنفسنا ويزيد من المعارف المقدمة حول التجارب المختلفة سواء في فلسطين أو تونس، ومن المهم أن نزيد من المساحة التي يمكن لنا من خلالها معرفة ما يجول في خواطر أقراننا، وما هي القضايا التي تشغل حيزاً من تفكيرهم، وأظنُّ أننا بحاجة دائمة إلى هذا التواصل الذي يعزز من ثقافتنا ويوثق من نقوم به".

 

 الملصقات التي يبدعها رؤوف تبرز قدرته على اختزال الفكرة في صورة وتكثيف مدلولاتها التي قد تغني أحياناً عن قراءة قصة كاملة مليئة بالتفاصيل والأحداث، هي تعبير واضح عن الحالة التي تسكن الفنان التي يشكلها بريشته المليئة بالمعاني والتراكيب.

 

رؤوف الكراي هو واحد من الفنانين الذين يبحثون عن نقل الصورة بشكل قوي وفعال وباستخدام ألوان مميزة تعكس صفاء روحه وانطلاقه نحو الحياة، تمتزج فيها ألوان الأرض والسماء والأشجار، وصولاً إلى البيوت والإنسان. والمتمعن في الفن الذي يقدمه الفنان رؤوف الكراي، يلحظ أن الفنان قد نجح في التخلص من القواعد والقيود الأكاديمية التي تفرضها دراسة الفنون على الفنانين، ليقوم بالانطلاق إلى ما هو مختلف وجديد، حيث لبس الفنان ثياب الطفل في كثير من لوحاته، وحاول النظر إلى العالم من خلال عين مختلفة تعبر عن طريقة نظره ونظر الطفل الذي بداخله لهذه الأشياء التي تمر سريعاً عنه وتختلف في مضمونها يوماً بعد يوم.