الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

غزة: تأخر الأمطار .. هل يُهدد الاقتصاد الزراعي؟

2016-10-26 12:12:45 PM
غزة: تأخر الأمطار .. هل يُهدد الاقتصاد الزراعي؟
أراضي زراعية شرق غزة، تصوير: الحدث

 

غزة- محاسن أُصرف

تُشكل الأمطار عاملًا أساسيًّا لوفرة الإنتاج الزراعي، وبالتالي فإن أي تغير في مواعيد هطول الأمطار ينعكس سلبًا على المحاصيل الزراعية ويُصيبها بالتعفن إذا ما استمر غرسها في باطن الأرض دون وسائل إنبات، ما يُكبد المزارع خسائر جمّة.

 

ويعيش المزارعون في المناطق الفلسطينية حالة من القلق خشية على مستقبل محاصيلهم وجودة إنتاجها في ظل تقلبات الطقس وتأخر هطول الأمطار حتى اللحظة، مقارنة بالعام الماضي الذي شهد في مثل هذه الأيام هطول أكثر من 5% من المعدل السنوي للأمطار – وفق تقديرات وزارعة الزراعة-.

 

تكاليف إضافية

ويُشير المزارع "إبراهيم العمور" من منطقة الفخاري بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، إلى أن تأخر هطول الأمطار جعله يتكبد مصروفات مضاعفة، موضحًا أنه قام بحرث الأرض وقلبها من أجل زراعة محاصيل القمح والشعير، إلا أنه لم يفعل خشية من تعفن البذور في باطن التربة خاصة في ظل شح المياه الجوفية وعدم قدرتنا على توفير مستلزمات الإنتاج من أسمدة وآبار للري من أجل إنبات البذور وتجنب تعفنها حتى هطول الأمطار، يقول العمور:"لا طاقة لنا كمزارعين بهذه التكاليف" ويُضيف أنه لم يزرع حتى الآن سوى القليل من الخضراوات الرفيعة كالجرجير والبقدونس وبعضها لم يُنتج جيدًا مما يُؤثر على المردود الاقتصادي لها.

 

ويعتمد المزارع "العمور" على ما تُنتجه أرضه من محاصيل لبيعها وتوفير متطلبات أسرته على مدار السنة، ويُعد انحسار الأمطار بالنسبة له كارثة اقتصادية سيُعاني منها على المستوى المعيشي والاجتماعي – وفق قوله-.

 

ولا يختلف عنه المزارع صدقي شاهين 39 عامًا من المنطقة الحدودية شرق محافظة خان يونس جنوب القطاع، الرجل الذي جهز بذور البازيلاء لغرسها في الأرض لم يجد سبيلًا لأن يفعل ذلك، لقد تضررت أرضه خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة 2014 وحتى الآن لم يحصل على التعويضات اللازمة التي تُمكنه من الاستمرار في الزراعة، يتابع: "تأخر هطول الأمطار وضعف وصول التمويل للمزارعين المتضررين خلال الحرب أرخى بآثاره السلبية على قدرتنا الإنتاجية"، وأضاف وهو يُقلب إحدى محطات الإذاعة بحثًا عن أخبار الطقس: "أنتظر بفارغ الصبر تغير حالة الطقس لأبدأ بغرس البذور في جوف الأرض" وتابع :"بالأمس قمت بحراثة وتقليب الأرض للمرة الثانية من أجل غرس بذور البازيلاء وأتمنى ألا أضطر الانتظار مُجددًا".

 

يخشى المزارع "شاهين" الذي يُعيل أسرة مكونة من 12 فردًا إذا ما غرس البذور يستمر تأخر هطول الأمطار وتتعفن في باطن التربة فتكون خسارته فادحة، يقول:" لا أستطيع تحمل أي خسارة فالبكاد ريع المحصول يُوفر قوت عيشي".

 

وتساءلت "الحدث" عن تأخر تعويض المزارعين رغم مرور عامين على انتهاء الحرب، وكانت الإجابة الاعتيادية "عدم التزام الجهات المانحة بتعهداتها المالية"، وفق ما أخبر به "نبيل أبو شمالة" مدير دائرة التخطيط بوزارة الزراعة، مؤكدًا أن حجم ما رُصد للقطاع الزراعي من قيمة أموال المانحين الواصلة إلى القطاع كان ضئيلًا، ناهيك عن أن حجم التمويل الزراعي  لم يتجاوز الـ 10% من قيمة الأموال المرصودة لإعادة إعمار القطاعات المتضررة في غزة ككل.

آثار سلبية على المزارع والمواطن

من جهتها وزارة الزراعة في قطاع غزة، أكدت أن تأخر هطول الأمطار سينعكس سلبًا على المواطنين والمزارعين والتربة، وأضافت على لسان "نزار الوحيدي" مدير عام التربة والري أن تأخر الأمطار حرم بعض المحاصيل الزراعية المروية بمياه الآبار من عملية غسل الأملاح فيها مما أثر على جودتها خاصة محاصيل الحمضيات، كما أنه يُبقي عملية التمثيل الغذائي في النبات على حالها موضحًا أن  غسل الأوراق بمياه المطر من شأنه أن يُحسن تلك العملية ويُساهم في استمرار الخضرة والنضرة للمحاصيل وأشار إلى أن عدم تساقط الأمطار كان سببًا في تراجع النشاط الحيوي للتربة وتراجع جودة بعض المحاصيل المعتمدة على الري، مؤكدًا أن تأخر الأمطار سيقلل من حظوظ نجاح الزراعة الخريفية والزراعة الشتوية بشكل عام، لافتًا أن شريحة واسعة من المزارعين تعول على الأمطار في هذه الأيام لنجاح زراعتها الخريفية كمحاصيل "الكوسا، الخيار، الشعير والقمح".

 

وحذّر "الوحيدي" من زيادة الأمراض الزراعية بين الأشجار والمزروعات نظرًا لنمو الحشرات والآفات الضارة التي تنتهي بتساقط الأمطار

 

فيما يُشير مزارعون إلى أن أهم سلبيات تأخر هطول الأمطار هي مُضاعفة تكاليف الإنتاج عليهم خاصة في بعض المحاصيل التي تعتمد على الأمطار مما اضطر بعضهم ممن يملكون آبار مياه إلى ريها منها على غير عادتهم في مثل هذه الشهور، وبيّن المزارع خليل قديح الذي زرع 15 دونمًا بمحاصيل السلق والسبانخ أن معدلات الري من البئر كانت بنسبة 100% نتيجة تأخر الأمطار.

 

ومن ناحية أخرى، أشار مواطنون أنَّ انحسار الأمطار ولجوء المزارعين إلى ري محاصيل من الآبار ظهر جليًا في ارتفاع أسعار بعض الخضراوات كالبندورة والخيار.