الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أنا خائفة - رولا سرحان

2016-10-29 05:27:07 PM
أنا خائفة - رولا سرحان
رولا سرحان

 

 

نهاية الأسبوع الماضي، وبعد انتهاء عملي، وفي طريق عودتي إلى المنزل، سلكت الطريق الخلفي الموازي لشارع القدس رام الله، كانت حركة السير بطيئة، دققت النظر، فعرفت السبب.

 

رأيت عناصر من أجهزة أمن السلطة الفلسطينية منتشرة بكثافة عند بداية المنطقة الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية في الشارع المؤدي إلى مخيم الأمعري والواصل إلى كفر عقب.

 

كان بعض عناصر الأمن يرتدي زيا مدنياً، وبعضهم الآخر يرتدي زي الشرطة، وآخرون لم أتمكن من تفحصهم، لكنهم كانوا يقفون في منتصف الشارع يفحصون السيارات الآتية في اتجاه السير والاتجاه المعاكس له.

 

حسي الصحفي سبقني فاستطعت أن أوثق المشهد على هاتفي النقال، وقلتُ في نفسي: سأنشره لحظة وصولي إلى المنزل.

 

لكنني لم أفعل.

 

لم أفعل لأسباب كثيرة:

- لأن المقطع إن نشر لن يغير من واقع الحال شيئا.


- لأني اتفقت مع نفسي أن أجاري الأوضاع الإعلامية السائدة في البلد والتي تدفن رأسها في التراب حتى تمر المرحلة الحالية التي نعيشها بسلام.


- لأني انشغلت بأمور أسرية.


- لأن الانترنت كان ضعيفاً.


- لأني كنت أريد أن نحضر مادة إعلامية أفضل عن الموضوع.

 

كل الأسباب الواردة أعلاه، كانت أسباباً ترقيعية، أسباباً تخفيفية، أسباباً غير حقيقية، أسباباً وهمية، أحاول إقناع نفسي بها، وأحاول من خلالها لجم السبب الرئيسي الذي حال دون أن أقوم بنشر المقطع.

 

والسبب:

- أني كنتُ خائفة.

 

الخوف، الموجود ككائن حي في عيون الجميع، وفي كلامهم، وفي حديثهم غير المفهوم، وكلامهم المبطن عن الوضع السياسي-الأمني.  

 

حالة الخوف المتفشية كوباء، أو كمرض عضال، لا يتجرأ أحدٌ على ذكره، أو الإشارة له.

 

الجميع يحاول أن يتظاهر بالشجاعة، برباطة الجأش.

 

والكل خائف. 

 

الكل خائف لأسبابه وعلى طريقته.

 

غريزة الخوف، التي تفوح رائحتها ليدافع كل منا بطريقته عن نفسه في البقاء، وفي الوجود.

 

كلنا يريدُ أن يظل موجوداً بصيغةٍ ما بعد مرحلةِ ما يصطلح على تسميتها مؤخراً: "مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس."

 

لكن الأهم من الخوف على الوجود والبقاء، هو البقاء بكرامة، والذي يقتضي في أقل تقدير أن نكون قادرين على أن نعترف أمام أنفسنا بغض النظر عن الأسباب بأننا خائفون.

 

لذلك، نعم أنا خائفة.