الحدث- علاء صبيحات
إلى يمين السائق باتجاه الشمال الغربي من جنين يقع مرجاً، لطالما سمعنا عنه وهو "مرج ابن عامر"، ذاك الذي يعجُّ بحياة الفلاحة كما غيره من سهول قباطية والجلمة، وفي كل لحظة،هناك فلاح يروي زرعه ليلاً ليحصده فجراً، حاملاً ايّاه و متوجها إلى المزاد العلنيّ في "حسبة" قباطية أو "حسبة" جنين، وهذا نصف الرحلة فقط.
تراتبية تنظيم تجارة الخضار في الحسبة
ينتظر في الحسبة تجار يطلق عليهم محليا "الدّلّيلة"، مهمتهم تقتضي تحقيق الربح من المزارع و كذلك المزاود الأول، وغالبا يكون المشتري من مناطق جنين وأحياناً من مناطق جنوب الضفة الغربية كالخليل و رام الله، فبعد المزاد يحمل كلاً بضاعته نحو مقصده، شمالاً أو جنوباً، فالجنوبيُّ يمرُّ عبر حاجز زعتره الذي هو اشارة مرور مخالفة لكلّ قوانين السير والقوانين الدولية.
يقول مراقب السوق في حسبة قباطية أحمد تركمان، إن هناك ثمانية عشر تاجراً يمتهنون نقل البضائع جنوبا، حيث يكون الطلب بأكثره على سلع البندوة والخيار، وقليل على باقي السلع، ويؤكد أيضا أن الرابح الأكبر هو "الدَّليل" والأكثر خسارة هو المزارع، وناقل البضاعة يكون له نسبة بسيطة من الربح، في حين أنه لاتوجد أية أفكار أو خطط لدى بلدية قباطيه لايصال الخضار جنوبا لتضمن ربح المزارع والتاجر والناقل.
عقبات أمام المزارع
إن من أهم ما يواجه الزراعة في الشمال انعدام الأمان الزراعي الذي يضمن للمزارع حقه اذا ما خسر محصوله لسبب طبيعي أو غير طبيعي، بحيث لاتضمن أي مؤسسة محلية أو دولية للمزارع الفلسطيني تعويضا ماديا اذا ما خسر محصوله نتيجة عاصفة مثلا أو نتيجة الحرارة الشديدة أو انعدام مياه الريّ نتيجة تحكم الإحتلال الإسرائيلي بنسبة المياه المسموح استهلاكها في الضفة الغربية.
أيضا كان للحواجز على مدار الأعوام الفائتة بالغ الأثر في هدم طريق التجارة ما بين الشطرين شمالا وجنوبا بخاصة حاجز زعترة الذي يعد سكينا في خاصرة النمو الإقتصادي الفلسطيني.
وهنا تكون الخضار في طريقها غير المعبدة نحو الجنوب، بعدما أتعبت زارعها وناقلها وأربحت بائعها الأول، لتصل لبائع آخر في الجنوب فيزيد على سعرها نتيجة ارتفاع النفقات لتباع بأسعار مرتفعة جدا مقارنة بمدينة جنين، بحيث يكون الخاسر الأكبر في هذه المهنة مزارع أتعبته الأماني ليغطي نفقات محصوله فما كسب.