أبوي فتحاوي قديم، من السبعينات وقلبه مع فَتح، وكل اللّي عرفته عن أمريكا، عرفته منه.
أمريكا سبب نكبتنا، أمريكا رأس الحية، أمريكا حليفة إسرائيل على الحلوة والمرة، أمريكا صاحبة حق الفيتو اللّي رفعته في وجه حقوقنا العربية، أمريكا بتزوّد إسرائيل بالسلاح والمال، أمريكا.. أمريكا.. أمريكا..
من كلامه وحواراته مع الفتحاويه اصحابه اللّي بزوروه وبزورهم، كرهت أمريكا ورؤساء أمريكا وهوا أمريكا، وتراب أمريكا، كبرت وكِبر كُره أمريكا لحد ما قابلته بالصدفة.
صحيح صدمتني صلعته اللّي عامله راسه مثل حبة القرع، ذقن رفيعة وجبهة عريضة ممتده إلى أبعد الحدود المرئية من رأسه، طبعاً كان آخر مرة شفته فيها من ثلاثين سنة، من لمّا كنا بالثالث إعدادي، (الصف التاسع)، هو راح على مدرسة الحاج معزوز المصري، وأنا رحت على المدرسة الإسلامية، على اعتبار إنّه المدارس الحكومية الدراسة فيها مش ولا بدّ.
بعدها ما عدت شفته ولا سمعت أخباره، لأنه كمان ما كان شاطر في المدرسه، وهامل في الدراسه وحتى في الصف السادس كان أستاذ الحساب عامله مسخرة الصف، لأنه لحد ما وصل للسادس وهو مش داخل مخة جدول الضرب، على عكسه كنت أنا من الأوائل، وكنت حافظ جدول الضرب عن ظهر قلب. طبعا أنا مش حابب أحكي قصة حياتي ولا قصة حياته، بس النتائج بتحكي لحالها.
فجأة ظهر "وليد" على الساحة، بس كان ظهوره طاغي ومميز، قرر يستقر في الحارة، ويسافر بين الفترة والثانية لأمريكا يشوف مصالحه، فجأة بنى دار بتهز العقل، فجأة اشترى سيارة مديل سنتها، فجأة فتح مخبز في شارع عمان وشغّل أولاد اخته فيه، فجأة اشترى 3 سيارات عمومي مرة وحده وشغّلهم على خط رفيديا والحبل على الجرار.
قصة حياتي إذا بدي أحكيها حتكون مملة حتى للعصافير، كنت طول عمري من الأوائل، وهو ما كان حافظ جدول الضرب، بس النتائج بتحكي.
أنا اليوم ساكن بالإيجار، والأجرة السنوية يا دوب بعرف أدبرها كل رأس سنة هجرية، عمري ما طلعت برّه فلسطين، وأبعد مكان زرته في فلسطين النبي موسى، القدس آخر مرّه زرتها لمّا كنا في الصف الأول ثانوي، (عاشر)، سيارتي اوبل أسكونا موديل 86، ولونها الأزرق مش حلو، أولادي في مدارس حكومية، ومرتي مش عارف كيف متحملتني، راتبي من الحكومة قبل عشرين الشهر بيكون طاير رغم إني كنت حافظ جدول الضرب عن ظهر قلب.
أصحابي قالولي تعال نسلّم عليه، أنا رفضت؛ كيف واحد مثلي حافظ جدول الضرب عن غيب يروح يسلّم على واحد زيه كان هامل ومش شاطر في المدرسة، وبصراحة طلعت إشاعات كثيرة عليه، منها انّه تاجر مخدرات في أمريكا، ومرة طلع عليه إنّه سارق بنك، ومرّة انّه مرتبط بالمافيا وأشياء أخرى كثيرة، طبعاً تبيّن إنّه كله حكي فاضي، وكلام حساد، وانّه أمريكا حليفة إسرائيل وراس الحيّة هي كمان بلد الأحلام، بلد الأفكار الجديده ومبادرات الأعمال، أمريكا ذراعاتها مفتوحة لأي حدا عنده حلم وبيقدر يحوّل هالحلم لواقع، لأي إنسان مهما كان جنسيته أو دينه أو لونه وعنده فكره وبيقدر يترجم هالفكرة لنجاح، مرات بتخَيّل وليد لو ظل في الحارة وما سافر لأمريكا، كيف كان رح يكون حاله، على كل حال أنا حدا ما غادر الحارة وتوظف بالحكومة وحالي مثل ما عرفتوا وسمعتوا، "وليد" اليوم إله اسمه وهيبته واحترامه بين الناس، وكمان إله مركزه المالي ومقتنياته، ورغم ذلك لمّا بشوفه في الشارع ما بسلّم عليه وبعمل حالي مش شايفه.