غزة- محاسن أُصرف
ما إن يطرق الشتاء الأبواب وتنهمر أمطار السماء، حتى تتجدد أزمة الغاز في قطاع غزة، والأسباب لا تعدو تقليصات الاحتلال الإسرائيلي للكميات التي يسمح بدخولها إلى القطاع يوميًا، ناهيك عن إجراءات الإغلاق للمعابر بين الحين والآخر وفقًا للحالة الأمنية أو الإجازات الرسمية بحسب الأعياد اليهودية، والمُحصلة أن المعاناة تتكرر لدى الفلسطينيين في القطاع وتتجدد بلا انتهاء.
ويشكو مواطنون وأصحاب مزارع من نقص كميات الغاز في المحطات وانتظارهم لأكثر من أسبوعين لحين وصول أنابيب الغاز الخاصة بهم من المحطات، ويؤكد هؤلاء في أحاديث منفصلة مع "الحدث" أن أزمة الغاز تتجدد بشكل دائم في كل شتاء بسبب زيادة الاستهلاك بالإضافة إلى مضايقات الاحتلال، وبيّنوا أن كافة الإجراءات الاحترازية بتوفير مخزون من الغاز لديهم تفشل على عتبة النقص الدائم في الكميات الواردة إلى القطاع.
وقال هؤلاء إن المواطن يعمد قبل أن يطل فصل الشتاء برأسه إلى تعبئة أنابيب الغاز كاملة لديه لتفادي أي عجز قادم، لافتين إلى أن المواطن قد يملك 5 اسطوانات غاز سعة الواحدة 18 كيلو، ويُضيف أحد المواطنين: "أتحمل المزيد من التكاليف فقط لتجنب الأزمة لكن دون جدوى"، مؤكدًا أن انقطاع التيار الكهربائي بشكل كثيف خلال الشتاء يجعله يعتمد في التدفئة المنزلية على الغاز ما يزيد استهلاكه دون وجود بدائل، ويأمل الرجل أن تجد الجهات الرسمية حلولًا قبل تفشي الأزمة لتجنيب المواطن معاناة لا طاقة له بها – وفق تعبيره-.
إجراءات احترازية ولكن
وعلى الرغم من محاولة أصحاب محطات البترول والغاز في قطاع غزة تعبئة الخزانات مبكرا لتجنب الأزمة إلا أنهم لم يفلحوا في تجافيها، ويقول "إبراهيم أبو مطلق" صاحب شركة أبو مطلق للغاز بعبسان الكبيرة شرق مدينة خان يونس: "إن إجراءات الاحتلال بإغلاق المعابر في الآونة الأخيرة وفقًا للأعياد اليهودية كانت سببًا في تقليص الكميات الواردة إلى القطاع وأثرت سلبًا على تواجد الغاز في مخازن المحطات لديهم"، ويأمل الرجل أن يمر شتاء دون تجدد أزمة الغاز لكن دون جدوى منوها إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يُماطل بتركيب المضخة الخاصة بخط الغاز عبر معبر كرم أبو سالم، موضحا أن تركيب المضخة من شأنه أن يُقلل حدة الأزمة.
ولا يختلف عنه مصطفى المشهراوي فهو يرى في توسيع مخازن الغاز في المحطات وتعبأتها مبكرًا حلًا جزئيًا قد يُجنبهم الأزمة لولا الإغلاقات المتكررة للمعابر التي تحول دون تمكين القطاع من كميات الغاز التي يحتاجها يوميًا، وتتزايد الحاجة للغاز في فصل الشتاء بسبب تعدد الاستخدامات بين تدفئة وأعمال منزلية وتدفئة لمزارع الدواجن وغيرها.
ومن جانبه يقول المزارع نضال العبسي من رفح جنوب قطاع غزة: "إن استهلاكه من الغاز يزداد في فصل الشتاء لأغراض التدفئة"، وأضاف الرجل الذي يملك مزرعة لتربية الدواجن أن كل 2000 صوص لديه في المزرعة يحتاجون إلى اسطوانة غاز بسعة 48 كيلو يوميًا، وبيّن أنه في ظل نقص الغاز في فصل الشتاء يضطر إلى ابتكار وسائل تدفئة تخلو من الغاز وأشار أنه العام الماضي عمد إلى توفير التدفئة لمزرعته عبر صهريج يملأه بالحطب ويعمل على إشعاله للتدفئة وتزويده بأنبوب لإخراج الدخان إلى الخارج، يقول: "إن ذلك حل جزئي دفعتنا إليه ظروف شح الغاز في المحطات، بالإضافة إلى ارتفاع سعره مقارنة بأسعار الدجاج التي تنخفض نسبيًا خلال الشتاء".
احتياجات القطاع تزداد
وبحسب "نور الخزندار"، عضو لجنة الغاز في جمعية أصحاب محطات الغاز والبترول في قطاع غزة، فإن زيادة استهلاك السكان للغاز خلال فصل الشتاء في ظل الإجراءات الإسرائيلية بالتقليص حينًا وإغلاق المعبر حينًا آخر يُفاقم الأزمة.
ويحتاج قطاع غزة يوميًا قرابة 400-480 طن يوميًا من غاز الطهي في فصل الشتاء بزيادة 100 طن يوميا عن الكميات التي تستهلك خلال الصيف، غير أن ما يدخل لا يُعادل نصف الكمية فقط 260 طن يوميًا، ويقول الخزندار: "إن ما يدخل لا يفي بالاحتياجات الأساسية اليومية للسكان"، و يُفسر الخزندار زيادة الاستخدام تلك بتوجيه كميات كبيرة من الغاز لأغراض التدفئة سواء لدى المواطنين في المنازل أو لدى المزارعين في مزارع الدواجن ما يزيد نسبة العجز –وفق تقديره- والتي تصل إلى 80% خلال فصل الشتاء.
وفيما يتعلق بالحلول الممكنة لتقليص نسبة العجز وتوفير الكميات الطبيعية التي يحتاجها القطاع من الغاز أكد "الخزندار" أنها تكمن في تركيب المضخة لخط الغاز الجديد في معبر كرم أبو سالم ليبدأ بالعمل، مؤكدًا أن ذلك الخط يُزود القطاع بـ440 طن يوميًا من الغاز أي قرابة 80% من الاحتياجات اليومية لسكان القطاع، ما من شأنه أن يحل الأزمة تدريجيًا التي استمر المواطن الغزي يُعاني منها طوال العشر سنوات الماضية، كاشفًا عن وعودات الاحتلال لتركيب المضخة خلال الأسابيع القليلة القادمة.