مصطفى: نحتاج إلى خلق 600 ألف فرصة عمل للحفاظ على نسبة البطالة كما هي اليوم بحدود 23%
رام الله- الحدث:
أجمع مشاركون في ندوة لمعهد ماس، اليوم الاثنين، على ضرورة تنفيذ الاستراتيجيات الخاصة بالتعليم، بمواءمة ذلك مع احتياجات سوق العمل للتقليل من فجوة البطالة التي ملأت صفوف الشباب.
وجاءت الندوة تحت عنوان (تطوير القوى العاملة: منهجية نظم تحسين التعليم) بالتعاون مع البنك الدولي ومعهد الدراسات الاقتصادية ماس، بمشاركة عدد من الوزراء والمسؤولين الحاليين والسابقين، والمختصين في الشؤون الأكاديمية والتطويرية، من الضفة الغربية وقطاع من غزة عبر نظام "الفيديو كونفرانس".
وفي هذا السياق، قال نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الدكتور محمد مصطفى إنه لا يمكن إجراء تنمية شاملة تحت الاحتلال الإسرائيلي، لأن الاحتلال يسيطر على أغلب مصادر ومقومات التنمية الشاملة.
وأضاف "أنه بالإمكان استعادة الدور الريادي لأهم مورد لعملية التنمية، وهو أكثر العناصر التي دمرت خلال الاحتلال الإسرائيلي وهو الإنسان"، مشيرا إلى أن الاحتلال شكل عملية قهر للإنسان ومنع من أن يقوم بدوره الحقيقي في المساهمة بتطوير الحضارة بشكل عام، وبالتالي لا شك أن الانسان بحاجة لإعادة تطوير حتى يقوم بدوره الريادي، مشددا على أنه يجب أن يكون هناك عملية تنمية للإنسان خلال العشر سنوات المقبلة.
ورأى د. مصطفى أن الإنسان هو أكبر ضحايا الاحتلال الإسرائيلي، وأنه يتوجب علينا إعادة تمكين وتأهيل المواطن وأن نجعله أولوية وطنية حتى يصبح شريكا كاملا في تحقيق الاستقلال والتنمية، خاصة وأن 60% من الشعب الفلسطيني دون 25 عاما.
وقال إن نسبة البطالة تصل إلى 40% بين الشباب، ونحتاج إلى خلق 600 ألف فرصة عمل خلال السنوات العشر المقبلة، للحفاظ على نسبة البطالة كما هي اليوم بحدود 23%، أما إن أردنا العمل على تقليص حجم البطالة الحالية، فعلينا خلق المزيد من فرص العمل.
وأضاف "قمنا خلال العقد الماضي بالتعامل مع مشكلة البطالة بشكل جزئي من خلال توسيع دائرة القطاع العام، لكن هناك حد لهذا التوسع. وبالرغم من أن اقتصادنا ينمو، إلا أنه لا يمكن أن يصاحب ذلك نموا في فرص العمل في القطاع العام إلا بشكل هامشي، لذا فلا بد أن تتوفر فرص العمل في المستقبل في القطاع الخاص".
وتابع: "اليد العاملة في القطاع الخاص تمثل في الوقت الراهن أقل من 600 ألف عامل، وما نسعى له في الواقع يتمثل في العمل على مضاعفة عدد العاملين في القطاع الخاص خلال العشرة أعوام المقبلة، وقد يبدو هذا المسعى مهمة كبيرة وشاقة٬ لكن فئة الشباب تمثل في الوقت ذاته فرصة لا بد من تطويرها والاستفادة منها، وبالعكس من ذلك فإن عدم إيجاد الحلول لهذه القضايا، قد يمثل تهديدا حقيقيا لجهودنا في بناء الدولة، لذا فلا خيار أمامنا سوى أن نجعل من حل مشكلة التوظيف قضية تنموية ذات أولوية قصوى بالنسبة لنا".
وأشار د. مصطفى إلى أن تحديات وفرص الاقتصاد الفلسطيني بوضعه الحالي٬ تتمثل في ثلاثة أبعاد؛ فلا بد من خلق فرص عمل جديدة وخلق البيئة التي تنتج هذه الفرص، ما يعني تسهيل وجذب استثمارات خاصة بشكل أكبر٬ وإنشاء شركات جديدة وتطوير الشركات القائمة الصغيرة منها والمتوسطة والكبيرة الحجم، وتسهيل عملية التوظيف الشخصي.
وستطرد قائلا: "إنه لا بد من توفير ضمانة تتمثل في أن يتمتع العاملون والخريجون بالمهارات الملائمة لاقتصاد اليوم واقتصاد الغد، حيث أنه وبالرغم من أن نسبة البطالة المرتفعة لدينا هي أمر غير مقبول، إلا أنه في كثير من الأحيان لا يجد أصحاب العمل الكفاءات والمهارات التي يبحثون عنها"، كما أنه "لا بد من العمل على تسهيل عملية انتقال الشباب من مرحلة الدراسة إلى مرحلة إيجاد فرص العمل في الاقتصاد، فمن غير المقبول أن يكون متوسط معدل المرحلة الانتقالية بين الانتهاء من الدراسة وإيجاد العمل حوالي 4 سنوات كما هو عليه الآن.
بدوره، قال مدير مكتب البنك الدولي في فلسطين سلين جورجسيان، إن الاحتلال يفرض قيوده على الاقتصاد، ويؤثر في ارتفاع نسب البطالة، والمانحين قدموا 240 مشروع لهذا الغرض والأرقام ما تزال على حالها، مشددا على أهمية مشاركة المرأة في الإنتاج لأن غيابها يعني هدر كبير للمصادر والطاقات.
وأضاف أن الحفاظ على نسب البطالة على ما هي عليه تتطلب نموا في الناتج المحلي بنسبة 7%، مبينا أن هنالك ضرورة لمعرفة كيفية استخدام أموال التنمية لكي لا يبقى العمل نظريا بل ينعكس على التطبيق.
وأشار جورجسيان إلى أن المخاطر السياسية هي من العقبات التي تعطل الاقتصاد والوصول إلى السوق والاستثمار، وعلينا العمل بكل جهد لوضع فلسطين في مكانها المناسب.
من ناحيته، قال مدير البحوث في 'ماس' سمير عبد الله في ورقة قدمها، إن الجهود المبذولة لتوجيه التعليم العالي في فلسطين مستمرة ولكنها غير كافية، فالزيادة في عدد الجامعات مع محدودية عدد مراكز التعليم المهني يعكس انحراف في الطلب وسوء في التخطيط.
وأضاف: "بات من الضروري التعامل بجرأة وبمنتهى الجدية مع القضايا المرتبطة بإعداد الرأسمال البشري الفلسطيني من خلال نوعية التعليم بجميع مستوياته، إضافة لتوجيه قدر أكبر من الموارد نحو التدرب المهني والتقني وإعادة النظر في رؤية ومهام مجلس التعليم العالي وتزويده بالصلاحيات اللازمة وإنشاء مجلس للتدريب المهني والتقني وإقرار سياسات تعليم عامة تخاطب جميع مستويات التعليم.
من ناحيته، قال الوكيل السابق في وزارة التعليم العالي هشام كحيل، إن الإرادة السياسية اللازمة والغائبة للانطلاق في تنفيذ الاستراتجيات اللازمة هي العقبة الأساسية، والمطلوب التزام حكومي بدعم هذا الموضوع والتزام من قبل الوزارات ذات العلاقة لضمان انطلاق مجلس التعليم المهني والتقني ووضع التشريعات التي تضمن تحقيق نظام معني وإعلان بالالتزام نحو تعليم مهني وتقني، مبينا أن العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص علاقة موسمية، ولا يوجد نظام حوافز.
وقدم المشاركون في الندوة من رام الله وغزة، عددا من المداخلات لتدعيم الأفكار والإضافة عليها.
أكد وزير التربية والتعليم العالي علي زيدان أبو زهري بدء تنفيذ مناهج فلسطينية جديدة في العام 2015 وستنفذ على الصفوف الأربعة الأولى، وستدرس فيها أربع مباحث تركز على الاستنتاج وتنمية التفكير.
وأشار لتشكيل مجلس الوزراء للجنة تدرس أوضاع التعليم، وستضع هذه اللجنة تقريرها أمام الحكومة قريبا، وسيكون صادما بالحقائق التي يعرضها في كافة مناحي التعليم.
وقال، إن التعليم بحاجة إلى تحسين ليس فقط المهني والتقني وإنما أيضا التعليم الأساسي، المناهج الجديدة جربت من العام 2000، وما زال 80% من طلاب الثانوية العامة تخصص أدبي، و20% علمي، مشيرا إلى معضلة التعليم العالي حيث يدرس 70% من الطلاب البالغ عددهم 227 ألف طالب في كليات العلوم الإنسانية، و40% منهم في التعليم المفتوح، وهذا لم يحصل في أي بلد في العالم.
وأضاف أبو زهري أن هيئة الاعتماد والجودة في التعليم العالي أوقفت فتح برامج في العلوم التربوية في كل الجامعات الفلسطينية، وأن المجلس الأعلى للتعليم عاجز عن وضع سياسات للتعليم العالي، وأن استراتجيات التعليم العالي لم تنفذ، وسيضع قريبا جدا أمام مجلس الوزراء تصورا للمصادقة لتأسيس هيئة وطنية للتعليم المهني والتقني.
|
|