الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة لـ الشاعر الفلسطيني محمد شريم

2016-11-08 12:01:29 PM
جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة لـ الشاعر الفلسطيني محمد شريم
غلاف الكتاب

 

الحدث- رام الله

كتاب جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة، هو كتاب للشاعر الفلسطيني محمد شريم، ويتكون الكتاب من ثلاثمائة واثنتين وعشرين (322) صفحة من القطع الكبير. ويتضمن هذا الكتاب الذي صمم غلافه المصمم شربل إلياس نظماً شعرياً لكتاب (كليلة ودمنة) التراثي المعروف، الذي ألّفه الفيلسوف الهندي (بيدبا) لأحد ملوك الهند القدماء ويدعى (دبشليم).

 

 وكتاب (كليلة ودمنة) كما هو معروف يتكون من خمسة عشر باباً أصيلاً، بالإضافة إلى أربعة أبواب أخرى أضافها إليه المهتمون بالكتاب لاحقاً. ويتضمن هذا الكتاب حكايات على ألسنة الحيوانات، فيها الكثير من الدروس والعبر التي تهدف إلى النصح والإرشاد بأسلوب شيّق ولطيف، حيث تتلألأ بين سطور هذه الحكايات الكثير من عبارات الحكمة التي تتحف القارئ بكل ما هو نافع ومفيد له في حياته، وقد ترجم الفرس الكتاب إلى اللغة الفارسية القديمة، وقام الأديب عبد الله بن المقفع بترجمة الكتاب من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية في عصر الدولة العباسية.

 

  بدأت فكرة نظم كتاب (كليلة ودمنة) تداعب مخيلة الشاعر محمد شريم قبل أكثر من عشرين عاماً من زمن صدور كتابه (جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة)، إلى أن دخلت هذه الفكرة حيز التنفيذ في العام 2004 للميلاد، ليستمر الشاعر بعد ذلك في العمل على إنجاز كتابه هذا مدة أحد عشر عاماً بما تضمنه هذا العمل من نظم لأبواب كتاب (كليلة ودمنة) الخمسة عشر، ومن ثم ضبط الكلمات بالحركات المناسبة لها في اللغة العربية وما تبع ذلك من تدقيق للنصوص، ثم تفسير المفردات الصعبة وشرح الأبيات الشعرية التي تحتاج إلى توضيح، وبعد ذلك تصنيف الحكم ـ التي أصبحت بعد الانتهاء من النظم حكماً شعريةـ وفق مواضيعها، إلى أن صدر الكتاب في أواخر العام 2015م.

 

 وقد تطرق الشاعر محمد شريم إلى الدوافع التي جعلته يتحمل كل هذا العناء في مقدمة الكتاب التي تحمل اسم، مقدمة الناظم، ومن هذه الدوافع: إعجاب الشاعر بحكايات الكتاب المسلية وحكمه المفيدة، فأراد أن يضيف بهذا العمل جمال اللفظ إلى سحر المعنى بتحويل الكتاب من النثر إلى الشعر، فالشعر أحبّ إلى النفْس وأقرب إلى الوجدان، قاصداً من وراء ذلك أن يسهل على الناس حفظ الحكم وتذكرها من ناحية، وأن يزيد الناس قرباً من "كليلة ودمنة" من الناحية الأخرى. كما أراد الشاعر بهذا النظم أن يعيد صياغة الحكايات التي يتضمنها الكتاب بلغة عربية معاصرة، مع الالتزام بقواعد اللغة العربية السليمة، ذلك أن لغة النص النثري هي لغة العصر العباسي حيث ترجم ابن المقفع الكتاب إلى العربية في القرن الثامن الميلادي. ومن تلك الدوافع أيضاً رغبة الشاعر في أن يكون (جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة) مرجعاً لمن شاء من القراء حتى يعود إليه في كل وقت ليجد فيه ضالته وما يختص بشأنه من معاني الحكم بما تضمنته من المبادئ والقيم، مصوغة في قالب شعري جميل، ومصنفة وفق موضوعاتها بشكل يسهل معه إيجاد الحكم الخاصة بكل موضوع على حدة، وهو الأمر الذي لا يتوفر في النص النثري من الكتاب، وسنتطرق إلى ذلك ضمن الحديث عن أقسام الكتاب.

 

ينقسم كتاب (جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة) إلى قسمين رئيسين: القسم الأول هو نظم شعري لأبواب (كليلة ودمنة) الأصيلة الخمسة عشر، وقد نظم الشاعر في هذا القسم حكايات الكتاب على نمط الشعر العربي التقليدي، الشعر العمودي، وبما أن الكثير من حكايات الكتاب يتوالد بعضها من بعض، فقد جعل الشاعر لكل حكاية من الحكايات بحرها الشعري الخاص وحرف روي مختلف (وهو الحرف الموحد في أواخر أبيات القصيدة)، وذلك بهدف التنويع الموسيقي والحدّ من الملل من جهة، وحتى يسهل فصل الحكاية عن سائر حكايات الباب من جهة أخرى، ليتم توظيفها بشكل مستقل أو ضمن حكايات الباب الأخرى حسب الموقف والرغبة، وهي العملية التي عبر عنها الناظم بعملية، فك وتركيب الحكايات، كما تضمن القسم الأول من الكتاب  شروحات وتوضيحات للمفردات المعجمية وللأبيات الشعرية التي في حاجة إلى توضيح كما ذكرنا سابقاً.

 

أما ما يتعلق بالقسم الثاني من كتاب - جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة- الذي يحمل اسم  "خزانة جواهر الحكمة" فقد تضمن هذا القسم الحكــم الشعرية التي اقتطفها الناظم مما ورد في أبواب الكتاب، وكل واحدة من هذه الحكم الشعرية المقتطفة هي بيت واحد من الشعر أو مجموعة من الأبيات حسب اكتمال معناهـا في النـص، وقد آثر الناظم أن يسمي كل واحـدة من هذه المقتطفـات، جوهـرة، والجمع جواهر، ومن هنا جاءت عنونة هذا الكتاب، وقد أشار الناظم فوق كل جوهرة إلى المواقف الحياتية التي يمكن أن تستخدم فيها، كما مُيِّـزتْ كلّ جوهـرة منها برقـم خاص بها في خزانة الجواهـر، وهو يشيــر إليهـا ويدل عليها في التصنيــف المسمى "صناديق جواهر الحكمة".

 

وقد ارتأى الشاعر محمد شريم الذي أطلقت عليه بعض الصحف بعد إشهار كتابه اسم ( بيدبا الفلسطيني) أن يرتب الجواهر فـي "خزانـــــة جواهر الحكمة" وفق تسلسل الأبواب في الكتاب، واضعــاً اسم الباب أعلى  مجموعـــة الجواهر التي اقتطفت منه، كما قام بإدراج الجواهر المقتطفة من كل حكاية من حكايــات الباب الواحــــد تحت اسم الحكاية التي اقتطفــــت منهــا هذه الجواهـر مرتبة وفـق ورودها في نظم الحكاية، سواء أكانت الحكايــة من الحكايات الأمهات أم من الحكايات الفرعية، والقـول هــذا منطبــق على الخاتمة وما اقتطــف منها، وكان القصد من وراء هـــذا الترتيــب هو التسهيــل على القارئ إذا رغب في قراءة الحكمة الشعرية، الجوهرة، ضمـن السيـاق الذي وردت فيه، وتجدر الإشارة إلى أن بعض الحكايات لا تحتوي على حكم شعرية في أبيــات محددة، وإنما تكمن الحكمة في المعنى العــام للحكاية، ولهذا يلاحظ القارئ عدم وجود العناوين الخاصة بهذه الحكايات في  خزانة جواهر الحكمة.

 

 وجواهـر الحكمة في نظم كليلة ودمنة عددهـا خمسمائة وسـت عشـرة (516) جوهـرة، كل واحدة منها تتعلق بمواضيع عدة وفــق الكلمات ذات الأهمية التي وردت فيهــــا، ويمكن قراءة جواهــر الحكمة مباشرة في القسـم الخاص بهـا، وفــــق الترتيـب الذي تمت الإشارة إليه في السطور السابقة، كما يمكن قراءتها بالوصول إلى الحكم الخاصة بالموضوع أو المجـال الذي يرغـب القارئ في الاطلاع على الحكـم المتعلقة به وذلك من خلال التصنيـف الخاص بجواهر الحكمة والذي ارتأى الشاعر شريم أن يسميه "صناديق جواهر الحكمة"، وعدد هــذه الصناديق خمسمائـة وأربعة وخمسيــن (554) صندوقـاً مرقّمة ومرتبـة ترتيباً هجائياً وفق حروف أسمائها، فكل صندوق منها يحمل اسماً مستقلاً خاصاً به، واسـم الصندوق. في حقيقة الأمـر ـــ كلمة تــدل علـى موضــوع مـن مواضيع الحكمة ومجـال من مجالاتهـا، فالصندوق الذي يحمل اسم الصداقة مثلاً، هو ذلك الذي يضم الحكم التي تتحدث عن الأصحاب والأصدقاء والخلان والرفاق والرفقاء والرفقة  والصحبة والصداقة، إلخ، ومن خلال هذا المثال يتضح أنه قد يتبع اسم الصندوق كلمة أخرى تابعة أو مجموعة من الكلمات التوابع مرتبـة هـي أيضاً ترتيباً هجائياً ووضعــت بين قوسيـن، وهي بشكل أكثـر تحديــداً بعــــض الكلمـات الهامة التي تضمنتها الحكم الشعرية المتعلقـة بالمجال أو الموضـوع الذي يشير إليه اسـم الصنــدوق، وفائدة هـــذه التوابع أنهــا تعطي القارئ فرصة أكبـر لاستكشاف ما يتضمنه هذا الصنــدوق من الأفكار التي تتطـرق إليهـا جواهـر الحكمة، أي الحكم الشعرية، التي يحتويها، وذلك من خلال الاطلاع على بعض ـــ وليس جميع ـــ الكلمات الهامة الواردة في تلك الجواهــر. وتوجد تحت اسم الصندوق وتوابعه لائحة تعـرض أرقــام جواهر الحكمة التي تتحدث عن الموضوع أو المجال الذي يحمل الصندوق اسمه،  وتسمى هذه اللائحة، لوحـة مفاتيح الصندوق، أما الأرقام التي تشتمل عليها هذه اللائحة فتسمى مفاتيــح الصنـــدوق، ويبلغ مجمـوع أعدادها في جميع اللوحات حوالي ثلاثـة آلاف وسبعمائـة وواحد وأربعيــن (3741) مفتاحاً، وهــذه الأرقام مرتبـة في كل لوحـة من اللوحات بشكل تصاعدي لتسهيل الوصول إلى الرقم المطلوب في حالة البحث عن أي رقم منها. وقــد سماها الناظم بالمفاتيح تشبيهاً لها بالمفاتيح التي تسهّل علينا الوصول إلى ما تحتوية الصناديـق في العادة من المحتويات، وإذا ما قيــّض الله لهذه الخزانـة من يعرضعها عرضاً إلكترونياً فسوف يتمكن القارئ من الوصول إلى الجوهـرة، أي الحكمة، المطلوبة بمجرد النقر على المفتاح، أي الرقم المفتاحي الخاص بها.

 وقد استقبلت الكثير من وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية هذا الإنجاز الأدبي بما يستحقه من الحفاوة والاهتمام.