السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

يحيى يخلف لـ"الحدث": فانتازيا سحر الشرق الموظفة في الأدب العالمي جذورها عربية

2016-11-08 12:13:49 PM
يحيى يخلف لـ
ضيف الحدث الروائي يحيى يخلف

 

الحدث- روان سمارة

"الرواية التي كتبتها اعتمدت على فانتازيا سحر الشرق، الذي استخدمته حركات أدبية عالمية، والذي تعود جذوره لمؤلفات عربية منها كتاب "ألف ليلة وليلة"، و"رسالة الغفران"، و"البيان والتبيين"، وكلها كتب تعتمد على الخيال الجميل والمغامرات، فما قمت به في روايتي هو أنني أخذت قبسا من هذا الخيال، لأدمج الواقعية بالسحر، وأجعل الحكايا تتوارد بشكل يشجع القارئ على متابعة القراءة".

 

بهذه الكلمات وصف الأديب الفلسطيني يحيى يخلف الحاصل على جائزة كتارا لهذا العام 2016 روايته الفائزة "راكب الريح".

 

هذه الرواية التي جمعت في بطولتها يافا بيوسف أهداها يخلف لصحيفة "الحدث" في رام الله، على هامش زيارته لمقر الصحيفة حيث ذهبنا معه لإدارة هذا الحوار الذي  بدأناه من الجائزة...

 

  • ما أهمية جائزة كتارا، وكيف تقيم الحضور الفلسطيني في الجائزة؟

حضرت الرواية الفلسطينية في كتارا هذا العام بشكل مختلف، فمن بين خمس جوائز تمنح لخمس روايات فازت روايتان بقلمين فلسطنيين، والثالثة كاتبها لبناني، لكنه وإن لم يكن فلسطيينيا بالمعنى الجغرافي لكنه فلسطيني بنضاله، فهو

 

من بين المنتمين لمنظمة التحرير، وحركة فتح منذ سنوات طويلة؛ لذلك فنحن نعتبر أن ثلاث روايات كتبت عن فلسطين نجحت وملأت المشهد الثقافي العربي، وهو ما يؤكد أن الرواية الفلسطينية بخير، وأنها تتمتع بحضور كبير، وأن الإبداع يستمر في النمو في جو من التحدي.

 

وعن أهمية الجائزة يقول يخلف: "بعيدا عن القيمة المادية للجائزة، فالقيمة المعنوية أكبر، فالروايات الفائزة ستترجم لعدة لغات وذلك بالتعاون مع عدة دور نشر عالمية، وهو ما يضمن إيصال الرواية الفلسطينية للعالمية".

 

  • روايتك الفائزة هي "راكب الريح" تشارك البطولة فيها يوسف مع "يافا" لماذا يافا؟

يافا عروس روايتي "راكب الريح" كانت أكثر من ميناء على البحر المتوسط، كانت قبلة المثقفين والفنانين، وكانت ممرا للحجاج المسيحيين، وكانت مصيفا ومزارا شدت فيها أصوات عربية شجية كأم كلثوم وعبد الوهاب، وكتب فيها محمد مهدي الجواهري مغازلا "يافا الجميلة".

 

كل هذا جعل من يافا بطلة لروايتي، التي لم تكن تاريخية، لكن زمانها تاريخي، فقد توافق مع غزو نابليون لعكا، لكن الرواية لم تُكتب عن الغزو، بل كتبت عن يوسف "الصابونجي"، الشاب الذكي الوسيم الذي شذ عن عائلته التي اشتهرت بصيد السمك، وصناعة السفن، فقد كانت والدته حريصة على تعليمه علوم الفقه، والحديث، واللغة، وحتى الفرنسية، فوقع في عشق الخط العربي بتكويناته وجمالياته، والرسم، والبحر، والقفز من الأعالي، وأما المكان فهو يافا التي أحب كل تفاصيلها.

 

يوسف الذي كان له من اسمه حظ، تميز بالحيوية، والحذاقة، وجسم مفتول العضلات، وجرأة تفوق فيها على أقرانه، دور في اقتناص إعجاب الجميع وانبهاراتهم، وخاصة الفتيات، حتى أن ابنة قنصل الدولة العليا العثمانية في فرنسا، وكانت تقضي عطلتها الصيفية في يافا، أعجبت به، وهي التي كانت جسره إلى "العيطموس"، تلك "الأميرة" القادمة إلى الأناضول، والتي يتضح لاحقاً، أنها انضمت إلى "حرملك" قصر جركس باشا، كهدية من سيدها الباشا جنكيز للسلطانة "نخشديل"، وهي في سن الثامنة.

 

وتتوزع حكايات يوسف ما بين يافا، ودمشق، والأناضول، في رحلة قسرية، استثمرها في محاولاته، ووفق نصيحة الشيخ، للتخلص من "قرينه"، حيث لا تفارقه قواه الخارقة، وتجلت من بين ما تجلت في إنقاذه لغزال من براثن فهد كاد يفتك فيه، ففتك يوسف بالفهد.

 

وفي النهاية، يعود يوسف إلى يافا، حيث لا بيت، ولا أحمد آغا (والده)، ولا بهنانة (والدته) .. رحلوا ضمن أربعة آلاف "يافاوي" بالقصف أو بالإعدام على يد جيش "الفرنساوي"، وكم كان مفجعاً له حين علم عن اختيار والده لأن يموت موؤوداً، فانتابته ثورة الغضب مجدداً، وكأن "قرينه" يطل برأسه، بينما سعى هو جاهداً لضبط نفسه وقرينه، الذي رحل إلى غير رجعة.

 

الرواية التي كتبتها اعتمدت على فانتازيا سحر الشرق، الذي استخدمته حركات أدبية عالمية، والذي تعود جذوره لمؤلفات عربية منها كتاب "ألف ليلة وليلة"، و"رسالة الغفران"، و"البيان والتبيين"، وكلها كتب تعتمد على الخيال الجميل والمغامرات، وما قمت به في روايتي هو أنني أخذت قبسا من هذا الخيال، لأدمج الواقعية بالسحر، وأجعل الحكايا تتوارد بشكل يشجع القارئ على متابعة القراءة.

 

  • مالفرق بين الرواية الفلسطينية المكتوبة في الشتات، والرواية الفلسطينية المكتوبة محليا؟

الخارطة الجغرافية للثقافة الفلسطينية هي أكبر من الخارطة السياسية، فالأدب الفلسطيني حاضر في الشتات والمهجر كما هو حاضر في الداخل، والحركة الأدبية واحدة، وتتمتع بخصوصية القضية الفلسطينية، فكل الأدباء والكتاب والشعراء الفلسطينيون يغمسون ريشتهم بمداد القضية الفلسطينية، فالرواية الفلسطينية التي ظهرت في الخارج وكتبت بأقلام كتاب كغسان كنفاني وجبرا إبراهيم جبرا هي روايات كتبت عن فلسطين، وإن كان لكل من الكاتبين تجربته المختلفة لكن ما جمعهما هو فلسطين أولا، والتواجد في أوساط ثقافية تنشد الحداثة والتجديد ثانيا، وهو ما انعكس جليا في رواياتهما، فرواية "عائد إلى حيفا"على سبيل المثال كتبت عن فلسطين، بالرغم من أن غسان لم يزر حيفا، كما كتب عن مشاكل الشتات في روايته "رجال في الشمس"، كذلك كتب جبرا عن حياته في بيت لحم من خلال روايته "البئر الأولى" كما كتب تجربته كفلسطيني عاش في بغداد، بالرغم من أنه كان حاضرا في المشهد الثقافي العراقي.

 

في المقابل نرى إيميل حبيبي على سبيل المثال قد عاش تجربة مختلفة حضرت في روايته "المتشائل".

 

 وعلى صعيد شخصي فقد عشت الشتات، وعشت الوطن، وفي كل منهما كتبت عن المرحلة التي أعيشها، فكان النتاج روايات مختلفة، ففي روايتي "تفاح المجانين" كنت أغرف من الذاكرة، وعن حياتي في المخيم، وكل ما عاناه الفلسطنيون في المخيمات، لكن عند عودتي كتبت عن العودة، ومن بين هذه الروايات "نهر يستحم في البحيرة" و"ماء في السماء" و"جنة ونار"، وهي روايات اعتمدت فيها على تجربتي بين الشتات والوطن.

 

  • بالحديث عن العودة حدثنا عن سمخ.

كنت أسمع عن سمخ من أهلي، وكطفل في الغربة كنت أخزن ما يحدثني به والداي، عن الحصاد، والبحيرة، ولكن عندما عدت وجدتها مهدمة، ولم يبق منها سوى آثار سكة حديدية، لكن ذاكرتي كانت قد خزنت سمخ من حكايا العائلة، وقلمي أعاد بناءها بالأدب والكلمة، فالغزاة يرحلون لكن المكان لا يرحل.

 

وأذكر مكالمة هاتفية بيني وبين الشاعر الفلسطيني محمود درويش في عام 1994، عندما سألني هل ذهبت إلى سمخ، وأجبته نعم، طلب مني أن أحدثه عما رأيت، فقلت ستة وأربعون عاما لم يستطيعوا أن يجروا البحيرة.

 

  • كيف ترى الأدب الفلسطيني الشبابي؟

نلاحظ أن هناك أدبا شبابيا كميا، وهذا الأدب الكمي لابد سينتج عنه أدب نوعي، فأدب الشباب واعد لدينا، والرواية بشكل خاص تشهد إقبالا فقد اصبحت ديوان العرب في القرن العشرين.

 

  • قلت في مقابلة مع جريدة "الغد" ان كل مثقف سياسي، فهل هذا ينطبق فقط على المثقف الفلسطيني؟

كل مثقف سياسي، لكن للأسف ليس كل سياسي مثقف، فالمثقف له دور في مجتمعه، والرواية لها دور، والمقاومة الثقافية كان لها دور سبق المقاومة السياسية، وقد ظهر أدب المقاومة في فلسطين التاريخية على يد مثقفين من بينهم محمود درويش، وإبراهيم طوقان، وغسان كنفاني وغيرهم من الذين بدأوا الحديث عن الهوية الفلسطينية في أعمالهم وكتاباتهم.

 

أما شخصيا فأرى أن السياسة أخذتني من الكتابة، فقد شغلت مواقع عديدة في الثورة، والتحقت بحركة فتح في وقت مبكر، وكنت كغيري مبهورا بشعار الكفاح المسلح، لكن على المبدع أن لا يغرق في السياسة، بل يكتفي بموقف سياسي محدد، أما جيلنا فقد وضع في مرحلة أجبرته على المساهمة في بناء مدنية الثورة، الأمر الذي جعلنا نعطي الكثير من وقتنا وجهدنا للعمل السياسي.

 

الآن اتخذت قرارا بوقف العمل السياسي والتنظيمي، وتفرغت للكتابة، ولو أنني اتخذت هذا القرار سابقا لكنت أنجزت أدبيا أكثر.

 

  • " نجران تحت الصفر"، روايتك الأولى  لماذا لم تكن عن فلسطين؟

أدب الصحراء، كان أدبا مسكوتا عنه، وعندما نشرت روايتي عام 1976 كانت بمثابة قنبلة ثقافية، فأنا حينها لم أكن معروفا، والرواية عرفت اشتهرت، حتى ان السلطات السعودية قد قامت بمنعها، ومع ذلك فقد حققت قراءات كبيرة في السعودية.

 

أما لماذا لم تكن عن فلسطين، فالرواية كانت تحكي عن الحداثة في نجران، وانتصار الحداثة في أي مكان في العالم هو بالنسبة لي انتصار للقضية الفلسطينية، فالنكبة الفلسطينية كان أحد أسبابها التخلف.

ثم إن الأديب يكتب عن تجاربه، وعن الإنسان أيا كان، فكيف لا أكتب عن إنسان عربي يعيش في منطقة لم تتجاوز مرحلة العصور الوسطى، وأحلام أهلها لا تتجاوز رؤية ما وراء الجبال؟

 

  • كنت قد عملت وزيرا للثقافة، ورئيسا لاتحاد الكتاب، كيف تقيم هذه التجربة؟

لم نكن موظفين، وكان دورنا سياسيا وليس خدماتيا، فكان من المهم أن نثبت حضور فلسطين في المشهد الثقافي العربي الدولي، وكنا نحاول تثبيت فلسطين على خارطة الثقافة العالمية.

 

  • بعد "راكب الريح" ما هي مشاريعك القادمة؟

لا أعلم بعد، فالضجة التي يحققها عمل ما تجعلني حذرا في كل عمل أقدم عليه.