الحدث- محاسن أصرف
حالة من الصخب سادت الأوساط العربية عمومًا والفلسطينية على وجه الخصوص، بعد فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بفارق 58 صوت لصالحه، ضد هيلاري كلينتون، التي كانت استطلاعات الرأي الأمريكية تُشير إلى تقدمها على المنافس ترامب، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وحصلت على 218 صوتاً فقط.
كثيرون رأوا في فوز ترامب فال سيء على القضية الفلسطينية، وعلى العالم كله، كيف لا وهو الذي عبّر مرارًا أثناء الدعاية الانتخابية أنه يُساند ويدعم إسرائيل، وصرح في تغريدة له على حسابه "تويتر"، "إن الولايات المتحدة ستعترف بالقدس عاصمة وحيدة وحقيقية لإسرائيل"، مُحذرًا من أي اتفاقية سلام من شأنها أن تنزع الشرعية عن إسرائيل.
وفي هذا الشأن يرى الباحث في الشئون الإسرائيلية د. صالح النعامي، أن فوز ترامب وتوليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، قد أشعل فتيل الرهاب لدى الزعماء العرب جميعًا، مؤكدًا أن أكثر من دولة بعد الإعلان عن فوزه سارعت بدعوة مجالس أمنها القومي للانعقاد لدراسة تداعيات الفوز على دولهم، خاصة وأن تطبيق ترامب جزء بسيط من برنامجه الانتخابي على صعيد السياسة الخارجية من شأنه إحداث زلزال على النظام العالمي – بحسب ما قال- وأضاف أن فوزه سيؤثر على العالم العربي كونه سيُقلص هامش المناورة أمام أنظمة الحكم التي تآمرت على ربيع العرب.
وفي سياقٍ منفصل أكد النعامي، أنه برغم خروج ترامب عن طوره بالإعلان عن دعمه وتأييده لإسرائيل، إلا أن البعض في دولة الاحتلال الإسرائيلي قلقون من فوزه، ويعزو ذلك إلى حالة التقلب التي يُعانيها ترامب، بالإضافة إلى خشية الإسرائيلون من تراجع مكانة الولايات المتحدة الأمريكية القائمة على الانعزال تقليص الفضاء الدولي أمامهم.
ترامب سيخدم المخططات الإسرائيلية
ومن جانبه اعتبر، النائب في المجلس التشريعي فتحي القرعاوي، أن فوز ترامب سيخدم الاحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى عبر دعمه لكافة المخططات العنصرية والاستيطانية في الأراضي الفلسطينية كونه يعتبرها قانونية، وفي ذات الوقت السلطة الفلسطينية لا تقوم بدور حقيقي في الضغط على المجتمع الدولي لمنع التطبيق قرارات الشرعية الدولية وحظر بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة وبخاصة المدينة المقدسة.
وقال :"إن القضية الفلسطينية ستواجه مرحلة خطيرة، خاصة وأن ترامب عبّر عن ذلك مسبقًا وأنه سيدعم الاحتلال الإسرائيلي على كافة الأصعدة العسكرية والسياسية والمالية".
وكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس دعت في بيانٍ لها ترامب، الذي تُوج رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة تقييم السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، والعمل على إنصاف الشعب الفلسطيني، الذي ظل يُعاني على مدار مدة حكم 45 رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية جميعًا انحازوا للاحتلال الإسرائيلي على حساب الحق الفلسطيني.
ولا يبدو أن هذه الدعوة قد تجد سبيلًا للوصول إلى عقلية ترامب المعروف بانحيازه للاحتلال من قبل توليه المنصب فكيف بعد!
العالم الأزق يخشى ترامب
فيما انتفض الفلسطينيون على ساحات العالم الأزرق الافتراضي معبرين عن سخطهم من فوز ترامب، فقال عدنان أبو عامر على صفحته على فيس بوك:" صباح ترامب لابد أن يكون سيئًا رغم أن كلينتون ليست حمامة سلام"، وتابع أن ترامب المنتخب رئيسًا أول خطوة سيقوم بها بعد فوزه هو طلب تقارير أمنية عن المتجنحين الذين صوتوا لصالح كلينتون لقطع رواتبهم، وتشكيل محكمة دستورية لفصل أعضاء الكونغرس الذين لم ينتخبوه.
قال يوسف سامي:" العالم يحكمه الحمقى من السيسي إلى ترامب مروراً بالأسد وبوتين وكيم جونغ أون"، ولم تختلف عنه ميسون فرح التي عبرت عن سخطها بفوز ترامب بالقول :"ترامب رئيسًا لأمريكا .. ناقصها جنان"، وكذلك ميرفت عوف التي أشارت إلى فوز ترامب ضرورة لاكتمال خراب العالم العربي، وفق تعبيرها إذ قالت:" فوز ترامب جميل ومبهر ومناسب لهذا العالم وعقبت رتابة هذا العالم يجب أن تنتهي، و ما بتعمر إلا ما بعد ما تخرب".
التعامل على أساس السلام
السلطة الفلسطينية ارتأت استباق الأحداث وتقديم حسن النية مع الرئيس الأمريكي الجديد كما كانت تفعل مع سابقيه الـ 45، وفي إطار ذلك قالت على لسان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة:" إن السلطة ستتعامل مع أي رئيس أمريكي منتخب من قبل الشعب على قاعدة تحقيق السلام في الشرق الأوسط"، مؤكدًا أنه لن يتأتي إلا من خلال حل القضية الفلسطينية حلًا عادلًا وفق الشرعية الدولية والقاضي بحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 واعتما شرقي القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين، وبيّن أن التزام أمريكا وسعيها إلى تحقيق ذلك من شأنه أن يقضى على حالة الفوضى والتطرف التي تسود الأوساط العربية والدولية في الآونة الأخيرة.