غزة- محاسن أُصرف
قبل أربع سنوات بزغت فكرة إنتاج الفحم الحيوي في عقل المهندس حسن زايد، بعد أن شاهد كميات كبيرة من المخلفات الزراعية تزدحم بها شوارع بلدته "بيت لاهيا" شمال القطاع، وما لبث أن بدأ بخطواتٍ ثابتة قائمة على العلم والتجربة لتحقيق الفكرة واقعًا على الأرض بإنتاج الفحم الحيوي من أكوام المخلفات الزراعية، وكانت النتيجة أن حصل على براءة اختراع هي الأولى من نوعها في قطاع غزة.
يقول لنا: "كانت البداية بجمع عدد من العينات من المخلفات الزراعية وإخضاعها للدراسة والتجريب"، ويُضيف زايد صاحب أنه قام بمساعدة أحد أصدقائه بدراسات كثيرة لتطوير صناعة الفحم من المخلفات الزراعية على أساس علمي وفي كل تجربة كانوا يحصلون على نتيجة إيجابية حتى وصلوا لنتيجة بإمكانها منافسة الصناعات المستوردة.
خطوات الإنتاج
وبحسب زايد فإن عملية تفحيم المخلفات الزراعية تتم بعدة مراحل تبدأ بجمع المخلفات الزراعية والعمل على تقطيعها وتجفيفها تمامًا، ومن ثمَّ العمل على كبسها وتسخينها لافتًا أن عملية التسخين كانت تتم بمعزل عن الهواء في درجة حرارة تصل إلى 500 درجة مئوية، والمعروفة بعملية "التقطير الإتلافي"، مؤكدًا أن هذه العملية تُنتج كميات كبيرة من البخار المكثف يتم العمل على تجميعها وتحويلها إلى سائل بني اللون مليئ ببخار الماء وكثير من العناصر الكيميائية الأخرى والتي يتم فصلها فيما بعد والحصول على خل الخشب الذي يُستخدم كسماد للتربة كما أنه من الممكن إضافته إلى أعلاف الحيوانات لتحقيق مستوى أعلى من إنتاجيتها"، يقول زايد: "إن عملية التسخين بمعزل عن الهواء تُعطي ثلاث نتائج أولها خل الخشب بالإضافة إلى الفحم الحيوي والفحم المضغوط الذي يتميز بسرعة الاشتعال والاستدامة لفترة أطول"، ويستكمل إن العملية كانت تُعطي نتائج بأن قرابة 70% من المخلفات الزراعية يُمكن استخدامها في إنتاج فحم من الدرجة الممتازة.
ويأمل الرجل أن يتمكن في وقت لاحق من صناعة الفحم النشط باعتباره أحد أهم المنتجات العالمية المستخدمة في عالم الصناعة.
صديق للبيئة
ويؤكد "زايد"على أن أهمية اختراعه تكمن في أنه صديق للبيئة، كما أنه سريع الاشتعال ويدوم لفترة أطول علاوةً على أنه صحي مقارنة بالأنواع الأخرى، مؤكدًا أنه بديل طبيعي للوقود الصلب وخالٍ من المخاطر حيث يتم التخلص من القطران برفع درجة التفحيم إلى 500 درجة مئوية، ناهيك عن إمكانية استخدامه كمبيد حشري طبيعي وصحي وآمن بديلًا عن المبيدات المسرطنة والتي أشارت عدد من الدراسات إلى استخدامها بكثرة في قطاع غزة ما تسبب في ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية المختلفة على نحو غير مسبوق.
عقبات الإنتاج
وفيما يتعلق بالعقبات التي من شأنها الحد من تحقيق أعلى مستوى لإنتاج الفحم الحيوي من المخلفات الزراعية المتوافرة محليًا، أكد زايد أنها لا تبعد عن عدم وجود ماكينات الإنتاج والتي حرص على تصنيعها بنفسه لكن المشكلة الأكبر تبقى في عدم توافر الكهرباء مؤكدًا أن ماكينة طحن المادة الخام تحتاج لتشغيلها كهرباء بقوة 3 فاز، لافتًا أن ذلك مكلف جدًا خاصة في ظل عدم وجود قنوات تمويلية من شأنها أن تساعد في تطوير المشروع والعمل على استمراره، وبيَّن أن قصف مصنعه خلال العدوان الأخير على قطاع غزة 2014 شكل خطرًا كبيرًا عليه، وأعاق عملية تسويق الفحم على الصعيد المحلي، وتابع أنه حاول التغلب على هذه العقبة عبر التقدم بمشروعه للحصول على منحة مالية من قبل مشروع "بذرة" الذي تنفذه حاضنة الأعمال والتكنولوجيا في الجامعة الإسلامية بغزة، مؤكدًا أنه بدأ يستعيد نشاطه شيئًا فشيئًا ويتمنى أن يستمر التمويل ليتمكن من إنتاج الفحم الحيوي وتصديره للعالم وليس قصره على السوق المحلي فقط.