السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الفرسان الذين ترجلوا.. ماجد.. بركات.. اللبدي

2014-10-09 11:46:32 AM
 الفرسان الذين ترجلوا.. 
ماجد.. بركات.. اللبدي
صورة ارشيفية

 

بقلم: نبيل عمرو

ونحن نستعيد الذكرى السنوية لاستشهاد فارس الإعلام الفلسطيني ماجد أبو شرار، وفي الوقت الذي لم تخلع فيه الحرائر رداء الحداد الأسود على أحد نجوم العاصفة، المذيع المميز الدكتور بركات زلوم، غاب عن حياتنا فارس مميز أسس أهم تطور في مسيرة الإعلام الفلسطيني وهو الإعلام الخارجي، بعد أن حقق حلمه بأن يعيش ويموت على أرض الوطن... إنه محمود اللبدي.
وعن هؤلاء الفرسان الثلاثة، سأفتح ذاكرتي عنهم.
ماجد أبو شرار "أبو سلام" رجل الفكر والأدب والسياسة، صاحب المجموعة القصصية الجميلة "الخبز المر"، الشاب الأسمر الوسيم والعصامي الذي ولد في دورا وعاش أجمل أيام شبابه في غزة، وارتحل إلى السعودية ليعمل في تلك الدولة الشقيقة النامية آنذاك، وما أن انطلقت الرصاصة الأولى، رصاصة العاصفة في أول يوم من العام 1965، حزم حقائبه وأدار ظهره لمصدر رزقه، وعاد إلى الوطن ملتحقا في صفوف الثورة ليؤسس مع رجال الرعيل الأول ومنهم من ادعو له دائما بطول العمر المناضل المخضرم محمد أبو ميزر "أبو حاتم" والشهيد الشاب المتألق كمال عدوان، وغيرهم من المثقفين الفلسطينيين والعرب ليؤسسوا إعلام الثورة الفلسطينية الذي ظل صامدا حتى أيامنا هذه، وسيبقى حاضرا إلى ما لا نهاية.
الذين يعرفون جيدا أصحاب الأدوار الخطرة والمؤثرة، قرروا بلا تردد أن ماجد أبو شرار واحد من هؤلاء، وحدث أن زرعوا تحت سريره في فندق فلورا بروما عبوة مزقت جسده الجميل ووضعت حدا لحياته وحيويته، ليوارى الثرى في بيروت إلى جوار أصدقائه وأحبائه شهداء الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية.
 
***
وفي أول أيام شهر رمضان الفضيل، صمت أحد أجمل وأقوى الأصوات بفعل الموت، لم يكن بركات زلوم مجرد مذيع يقرأ تعليقا أو بلاغا عسكريا أو نشرة إخبارية، فحين وقع عليه الاختيار ليكون من أوائل من يعانقون أثير العاصفة، كان يدرس اللغة العربية في جامعة الأزهر، ولأن المذيع في صوت العاصفة يجب أن يكون مقاتلا يعيش في قلب النار أينما اشتعلت، ارتحل بركات من أروقة الأزهر واستوديوهات الشريفين في القاهرة إلى عمان في أخطر الأوقات، ثم إلى درعا حيث التفتيش عن الثوار لقتلهم بالطائرات، كان صوت بركات زلوم ينافس صوت الطائرات المغيرة ليزرع في قلوب المواطنين والمقاتلين ثقة بالنصر وتواصل الحياة.
والمذيع في صوت العاصفة لابد وأن يذوق طعم الغربة حين يرسل في مهمة كفاحية إلى حيث ينطلق صوت فلسطين، من الجزائر إلى بغداد إلى اليمن، لقد مات بركات في يوم مبارك إلا أن صدى صوته سيظل خالدا في روحنا ووجداننا.
 
***
قبل عيد الأضحى المبارك بساعات ترجل الفارس عن جواده الأصيل، ومن هو مثل محمود اللبدي، رجل الأخلاق والمآثر، لا يمكن أن تمر حياته ويمر مماته مر الكرام، لهذا وبقدر ما كان حضوره قويا مؤثرا عميقا كان غيابه فادحا مؤلما ومحزنا.
في أقسى الظروف امتشق اللبدي سيف اللغات الأربعة التي يجيدها، وقاتل به كل أعداء العدالة الفلسطينية في جهات الأرض الأربعة، لم يكن أبو الطاهر من أولئك الذين يمارسون الإعلام من الغرف المترفة، بل كان ميدانيا بامتياز، رافق وفود الصحفيين إلى المخيمات حين كانت مهبطا لقذائف المدافع والطائرات، وأخذهم بسيارته المتواضعة والشهيرة إلى المواقع المتقدمة التي كان فيها الموت هو القاعدة والنجاة هي الاستثناء، وفي حرب بيروت الكبرى لم يكتفي اللبدي بعقد أكثر من مؤتمر صحفي في يوم واحد تحت القصف، بل أقام أمام موقعه معرضا للقذائف الضخمة التي انهالت على بيروت لتصل صور معرضه الشجاع إلى كل المنابر العالمية، مخترقة الحصار الغاشم على الكلمة والصورة والروح الفلسطينية.
نعم.. وهذا قضاء الله وقدره أن يترجل زميل ماجد أبو شرار وبركات زلوم، واستعيض عن ذكر كل الأسماء التي ترجلت عن أحصنتها الفلسطينية الأصيلة، باسم ممثلهم جميعا الشهيد ياسر عرفات.
نعم.. إنها المسيرة الملحمية الخالدة للشعب الفلسطيني، ومسيرة كهذه ما أن يترجل فارس عن جواده حتى ينهض فرسان جدد يمتشقون سلاح الحق والعدالة والحلم الجميل.
فهنيئا للشهداء الثلاثة، شهداء الإعلام الفلسطيني الحر، وهنيئا للإعلاميين الفلسطينيين والعرب والأجانب الذين استشهدوا في حروبنا القاسية التي لم تتوقف، وفي البدء كانت الكلمة.