الحدث- روان سمارة
شاركت الفنانة الفلسطينية ريم تلحمي الجمهور الفلسطيني في العرض الثاني لمسرحية "كليلة ودمنة"، التي عرضت مساء الأحد في متحف محمود درويش بمدينة رام الله.
حضرت "الحدث" العرض المسرحي الذي امتد لساعة وعشرين دقيقة، وفي حوار مع الفنانة الفلسطينية ريم تلحمي أكدت تلحمي على أن العمل قد أضاف لها الكثير، فهي ترى أن أي لقاء بين ثقافتين سواء فنان أو غير ذلك يعد توسيعا للأفق، وفهما أكثر للحقائق، ويشكل وعيا آخر مختلف عند الفنان، ويمكنه من التعرف على أساليب جديدة في الغناء، والاستماع لأصوات أخرى والتعرف على كيف تقول، وماذا تقول؟.
وتضيف: "نحن كفلسطينين متمسكون بقضيتنا الفلسطينية والعربية، لكن الفنان العربي أبعد قليلا عن هذه الدائرة، فتفكيره ليس متمركزا في القضية الوطنية بقدر انشغاله بالقضية الطربية والموسيقية الصرفة".
وحول ما كتب عن المسرحية من قبل الصحافة العالمية والفرنسية فترى فيه تلحمي دافعا إيجابيا ومهما، وتقول: "كتب شيء جدي ومهم عن الموسيقى والأجواء الشرقية التي لم يتعود عليها الجمهور الفرنسي، وكيفية الإبحار في عوالم الموسيقى الشرقية غير المألوفة لديهم والتي لم يعتادوا سماعها، ليروها بألوان شرقية، ويستمتعون كل الوقت بسماع ما يختلف عن الثقافة الغربية عند تخيلهم للأوبرا فكان مهما جدا بالنسبة لمنعم عدوان، الفلسطيني من مواليد رفح، أن يبرز الهوية العربية من خلال الأوبرا فاختار الموسيقى الشرقية، واختار النصوص الشرقية مثل (ابن المقفع)، وفعلا خُلقت هوية عربية على المسرح، حتى أن الأغنية الفرنسية الوحيدة التي غنتها كليلة في نهاية العرض، والتي كانت بالفرنسية تبدأ بغناء عربي قريب من الإسباني، لتتحول إلى شرقي، مع أن الكلام فرنسي فهذا يعد جاذبا جدا للجمهور الفرنسي".
وتكمل: "كُتب عن أشياء جيدة أخرى تتمثل في كيفية التعامل مع النص، وربطه مع الحدث العربي، وكيف أن الكاتب السوري فادي جومر جاء من السجن في سوريا،التي غادرها بعد خروجه من السجن وذهب إلى تركيا ومن ثم إلى ألمانيا".
وعن سؤال حول ماهية العرض هل هو أوبرالي أم مسرحي أجابت تلحمي: "لا تهم التسميات، فمن الممكن أن يسمى عملا غنائيا مسرحيا أوبراليا، فنرى في العمل مقاطع موسيقية، ومواويل ونموا للشخصيات، ومؤمرات بين الشخصيات، وسياقا دراميا موسيقيا لا يمكن أن يحصر في المسرح أو في الأوبرا".
وحول الصعوبات في دمج الموسيقى العربية بالغربية في هذا العمل تقول تلحمي لـ"الحدث": "التحدي كان أكثر في أن تؤدي الألحان التي كتبها منعم بجنونها، والتغلب على الطريقة المألوفة التي تقدم فيها الأوبرا، وكيفية الغناء بطريقة جديدة، وهذا تحدٍ لأي مغني سواء كان دمج الشرقي بالشرقي، أوالشرقي بالغربي".
وفي مقارنة بين الجمهور الفرنسي والفلسطيني قالت تلحمي: "في فرنسا كان الحضور رائعا، كبيرا، ومتفاعلا، أما الجمهور الفلسطيني فقد حضر ثمانية أشخاص فقط العرض الأول في رام الله، وكانت ردود الفعل جميلة، لكنهم في البداية لم يكونوا على دراية بما يشاهدون، ولكن بعد انتهاء العرض نشعر أنهم لم يتوقعوا إنتاج عمل بهذا الشكل، وهذا لا يتوقف على رام الله وحدها، فقد كنت موجودة أثناء العرض في القدس ولم يكن هناك عدد كبير، ولكن أتفهم فالعرض الأوبرالي ليس عرضا جماهيريا".
وعند سؤالها عما ينقص الجمهور الفلسطيني لتصبح الأوبرا أكثر جماهيرية قالت تلحمي: "تنقصنا أشياء كثيرة في الشق التربوي، في الغرب كانت بعض عروضنا في المدارس، وكان طلاب المدارس يأتون لحضور الأوبرا، أما نحن فأمامنا الكثير من المراحل لكي نجعل الأطفال الفلسطينين يجلسون على الكرسي لفترة محددة، وليس حضور أوبرا، أو حتى عروضا مسرحية وغنائية، وإذا تحدثنا عن الأوبرا فهو عمل فئوي حتى في أوروبا".
ترى تلحمي أن من الممكن أن يكون هناك جمهور واحد لكل أشكال الموسيقى، وتقول: "أنا أشاهد كل العروض فلا يوجد عندي مشكلة قد يكون هذا لكوني فنانة، لكن هناك فئة من الجمهور تتابع كل شيء، أفلام وغناء وعروض راقصة، وتستمتع بكافة هذه الأنواع".
أما عن الفرق بين متابعة العرض من خلال شاشة عرض أو حضورها بشكل مباشر، تقول تلحمي: "الفرق في التفاصيل، فالذي يحضر العرض في المسرح يشاهد كافة التفصايل، ويدخل في الجو العام للعمل، وهو ما يحرم منه المشاهد من خلال شاشة العرض، فهو لن يستطيع أن يرى أكثر مما يختاره المخرج، فهو من يقرر أين وكيف يضع العدسة بالتالي هو من يقرر أي مشهد يقدم للجمهور".
وعن الدور الذي قدمته تلحمي في المسرحية تقول: "لم أتردد في قبول الدور منذ البداية، لكنني كنت أتساءل هل لدي الحرية كمغنية أن أغني جملا شرقية؟ وأستخدم صوتي الشرقي بدلا من الصوت الأوبرالي الذي اعتاد الجمهور سماعه من ريم تلحمي؟ وهذا ما تعلمته من المسرح، فلكل شخصية صوتها الذي يفرضه العمل، وفي هذا العمل جسدت دور الملكة وكان يجب أن أستخدم صوتا قويا عميقا، وهذا انعكس في أغنيتي الأخيرة، حيث ذهبت لطبقات صوت منخفضة".
وتكمل: "عندما قرأت النص وجدت فيه نصا وطنيا، فالنص هو أساس الأغنية والمسرح، ونص كليلة ودمنة كان نصا جذبني منذ البداية، فهو نص قوي، والرؤية الفنية للعمل كانت رائعة، وشخصية الملكة الأم تمت كتابتها لأجل العمل، فهي في النص الأصلي لم تكن حاضرة بهذه القوة، فكانت هي الصوت الذي في رأس الملك، وهي شخصية كانت شخصية سلبية، وكأنها الوجه الأنثوي لدمنة".
أكدت تلحمي على أن الترجمة الفرنسية لم تكن مطابقة للنص العربي، فالنص العربي كان عاطفيا أكثر، وهو ما انعكس على الشخصيات، فكيف لأم تقول لابنها "عامود البيت يا غالي" أن تكون شريرة، وهذه التفاصيل كانت بحاجة لحل، وهو ما حاولنا تداركه.
ذكريات ومواقف كثيرة مرت بريم في العمل، لكنها أصعبها كانت الإصابة، فقد أصيبت ريم تلحمي في بروفات العمل، وعن هذه التجربة قالت: "منذ وصولي لفرنسا، قمت بإعطاء ملاحظة عن الدرج، لكن لم تؤخذ بالحسبان، وأكملنا بروفات العمل، وفي إحدى البروفات الجماهيرية تعرضت لحادث وسقطت عن الدرج، وتم نقلي للمستشفى، وبالرغم من أن الاطباء نصحوني بالبقاء في المنزل إلى أنني عدت للبروفات بعد ثلاثة أيام، ومن ثم قمت بآداء دوري في العروض المباشرة، وطيلة تلك الفترة كنت أتناول المسكنات لأستطيع مواصلة تقديم دوري".
لم يكن هذا العمل المسرحي الغنائي الأول لريم تلحمي، ولم يكن عملها الأوبرالي الأول، فريم استطاعت أن تضع بصمتها كصوت فلسطيني، على الساحة الفنية الفلسطينية في كل من الغناء والتمثيل.