السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المشتكي: عندما أريد الحصول على حقي يتغير القاضي في جلسة المحكمة!

2016-11-23 12:10:57 PM
المشتكي: عندما أريد الحصول على حقي يتغير القاضي في جلسة المحكمة!
تعبيرية

 

الحدث- ريم أبو لبن

"كل ما توصل اللقمة للحلق بغيروا القاضي"، هكذا اختصرت المواطنة ياسمين (28) عاماً، من مدينة رام الله قصتها التي لا تنتهي مع تغيير القضاة، ومن يتحكم بشكواها المعلقة داخل محكمة الصلح في المدينة منذ عام 2012 حتى هذه اللحظة، وهي بذلك اعتادت على إبقاء الورقة والقلم، رفيقين لها أثناء حضورها الجلسة، تحسباً لنسيان اسم القاضي الجديد.

 

"قضية دققها أكثر من 5 قضاة"

"قضية سرقة، مر عليها أكثر من 5 قضاة خلال 4 سنوات"، هذا ما أكدته المواطنة ياسمين في اتصال هاتفي مع "الحدث".

 

وقالت: "في عام 2012، قمت بتوكيل محام، لكي يحصّل لي حقوقي المسروقة من قبل أحد الأشخاص، والتي تصل لحوالي 3 آلاف دينار أردني، بجانب مبلغ من المال، ولكن كنت أتفاجأ عند كل جلسة في محكمة الصلح، بأن القاضي قد تغير، وقد استلم نيابة عنه قاض آخر دون أن أعلم".

 

"هذه سياسات داخلية في المحكمة"، هذا هو الرد الذي كان يجابه كل التساؤلات التي كانت تطرحها ياسمين حول سبب تغيير القضاة في قضيتها، حيث استلم ملف القضية بشكل متقطع أكثر من 5 قضاة في 29 جلسة محكمة حسب ما ذكرت ياسمين لـ"الحدث".

 

عام واحد بعدة قضاة

وقالت ياسمين لـ"الحدث": "الجلسة الأولى في محكمة الصلح كانت بتاريخ 2/3/2012، وكانت القضية بيد أحد القضاة، ومن ثم انتقلت القضية بتاريخ 7/5/2012 ليد قاض آخر في الجلسة الثانية، وخلال شهرين فقط، أما في الجلسة الثالثة فقد نظر فيها قاض ثالث، وبتاريخ 10/9/2012، أي بعد 4 أشهر، فهل يعقل ذلك؟"

 

وأضافت: "القضية احتفظت بقاض واحد على مدار 4 شهور طوال عام 2012،  بدءاً من الجلسة الثالثة، وصولاً إلى الجلسة السادسة، أما الجلسة السابعة فقد كانت بتاريخ 8/5/2013 حيث تغير القاضي مجدداً، وقد تفاجأت بعودة أحد القضاة اللذين استلموا القضية منذ البداية، ليجدد الولاء في الجلسة الثامنة (10/7/2013) والتاسعة، وفي الجلسة العاشرة تغير القاضي أيضا".

 

إذا وحسب ما ذكرت ياسمين لـ"الحدث" فإن تغيير القضاة مرهون بقرار إداري يصدره مجلس القضاء الأعلى، وهو من يأمر بنقل القاضي من محافظة إلى أخرى، وترك الملفات ليتولاها قاض آخر. إذا  في  ظل هذه المماطلات القضائية، والمعاملات القانونية يضيع حق المواطن كما ذكرت ياسمين.

 

قانونيا: القاضي يتغير كل عام

"في كل سنة قضائية، يصدر مجلس القضاء الأعلى قراراً بنقل القضاة من مكان إلى مكان آخر"، هذا ما أكده المحامي يزن العفيفي لـ"الحدث".

 

وقال العفيفي: "لا يوجد نص قانوني، يدل على ضرورة تغيير القضاة، وإنما هو قرار إداري، وقد أصبح عرفا قضائيا مطبقا في المحاكم، وقد يحافظ بعض القضاة على تواجدهم في المحكمة، ولكن الأغلبية يتم تغييرهم ونقلهم من محافظة لأخرى".

 

وأضاف العفيفي: "هناك بعض الملفات التي تم العمل عليها منذ عام 2010، وقد يزن هذا الملف حوالي 4 كيلو، فكيف للقاضي الجديد أن يتعامل مع هذا الملف بعد مرور سنوات عليه، وقد وصل مراحله الأخيرة في المحكمة، وهنا يضيع الوقت، ويعاود القاضي الجديد فتح الملف مرة أخرى منذ البداية، غير أنه يحتاج إلى ما يقارب الشهر والنصف من أجل إعادة التدقيق في الملف".

 

إذا وحسب ما ذكر العفيفي، فإن تغيير القضاة داخل القضية الواحدة، يؤثر سلباً في إطالة المدة الزمنية للقضية، بجانب حدوث تضارب في المعلومات لدى القاضي الذي استلم القضية من جديد، والقرار الذي أقره القاضي الأول يختلف في مضمونه عن القرار الصادر عن القاضي الثاني، وهنا يضيع حق الخصوم وأطراف الدعوة".

 

"الشاهد مسافر والقاضي الثاني بنادي عليه"

ملف جنائي، قدمت بيناته في عام 2014 للمحكمة، وقد وكل المحامي يزن العفيفي حسب ما ذكر لـ"الحدث" في تولي هذا الملف، حيث تدور القضية حول اعتداء جسدي تعرض له أحد المواطنين في مدينة رام الله.

 

وقال العفيفي: "موكلي غادر البلاد بعد أن استمع القاضي لشهادته، وقد أخذت القضية منحاها القانوني، وقدمت البيانات، ولكن عند وصول القضية لمرحلة متقدمة، تغير القاضي".

 

واستكمل العفيفي حديثه قائلاً: "القاضي الجديد يريد الاستماع لشهادة المشتكي مرة أخرى، والمشتكي غادر البلاد، ومنع إسرائيلياً من دخول الأراضي الفلسطينية لأنه من مواليد قطاع غزة، ومن حملة البطاقة الزرقاء، فكيف سيلقي الشهادة مرة أخرى أمام القاضي الجديد؟".

 

وأضاف: "انتقلت القضية من قاض إلى آخر، وعلى مدار 4 مرات، وفي كل مرة يطلب القاضي شهادة المشتكي نفسه".

 

وفي عام 2016، جاء أحد القضاة وقال: "لا حاجة لسماع شهادة المشتكي، ومن الممكن الاحتفاظ بالشهادة الأصلية" وبناء عليه صدر حكم بحبس المتهم لمدة شهرين.

 

"القاضي الثاني يتعامل مع ورق فقط"

عندما تقف أمام القاضي لتدلي بشهادتك للمرة الأولى، وتضع يدك على كتاب الله، فإنك تدلي بالحقيقة كاملة، وبالمقابل فإن القاضي لا ينفك عن النظر إليك، فهو يرصد نظراتك، وكلامك، وتعابير وجهك، فهو من يملك الحس العالي في تمييز صدقك من كذبك.

 

وهنا تقول المواطنة ياسمين لـ"الحدث": "لا يستطيع القاضي الثاني إدراك ما كنت أشعر به في بداية الجلسات القضائية، وهو فقط يتعامل مع ورق قد وقع بين يديه، أما القاضي الأول فهو من كان يستمع إلي، ومن يدرك حجم القضية وتفاصيلها".

 

وهذا ما يؤكده المحامي يزن العفيفي: "يضع القاضي منذ البداية يده على الحقيقة، ويتعامل معها وفق ما استمع وشاهد، ورصد مشاعر الشاهد، بينما القاضي الجديد لا يستطيع إدراك ما توصل إليه القاضي الأول، وبالتالي يختلف الحكم".

 

من يراقب؟

قال المحامي يزن العفيفي: "القرار صادر عن مجلس القضاء الأعلى، إذا ما هي المصلحة التي نريد تحقيقها إذا طعنا في هذا القرار القاضي بنقل القضاة وتغييرهم؟ وهذا الأمر لا كلام فيه، ودائما ما يقال لنا: "ليس لك علاقة بما سيصدر عن القضاة".

 

وفي ذات السياق، قامت محكمة البداية في مدينة أريحا منذ بداية شهر أكتوبر الحالي، بتغيير جميع التشكيل القضائي داخل المحكمة، والذي جاء وفقا لقرار مجلس القضاء الأعلى.

 

وعليه وحسب ما ذكر العفيفي: "إن استمرار تواجد القاضي دون تغيير في ذات الملف، يساعد على استقرار المعاملات، ويترك أثراً ايجابياً على سير القضية وعلى القاضي ذاته، وعلى الخصوم أيضا".

 

إذا تضيع القضية بين المماطلات، وتغيير القضاة عدة مرات داخل القضية الواحدة، وإعطاءهم الوقت الإضافي لمراجعة القضية منذ البداية بالرغم من مرور عدة سنوات عليها، غير أن القضية أيضاً مرهونة بالعطلة القضائية للمحامين والتي تستمر لشهرين (15/7 - 1/9).