الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الفلسطينيون يتحولون من مجتمع زراعي حرفي إلى مجتمع وظائفي

2014-05-11 00:00:00
الفلسطينيون يتحولون من مجتمع زراعي حرفي إلى مجتمع وظائفي
صورة ارشيفية

الحدث – الأناضول:

قرر مشرف تسهيلات الشركات في البنك العربي فرع فلسطين عبد المعطي تتنجي، تقديم استقالته بشكل نهائي قبل عامين تقريبا، لينتقل إلى نشاط عمل مغاير تماما عما كان فيه، ويصبح النشاط الزراعي مهنته الجديدة، ومصدر دخله الأبرز.
وبعد 6 سنوات من عمله في البنك، إضافة إلى سنوات أخرى سابقة، قضاها مديرا في أحد الشركات العاملة في أسواق المال العالمية بالعاصمة الأردنية عمان، ها هو يواصل عمله في مزرعته الواقعة في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، والمتخصصة في زراعة الأعشاب الطبية.
واستطاع عبد المعطي أن يرفع من حجم إنتاجه خلال الشهور الماضية، وينجح في تصدير أكثر من 10 أطنان شهريا من الأعشاب الطبية، وتصديرها إلى أسواق أوروبا وروسيا والولايات المتحدة.
لكن تتنجي، يعد مثالاً نادراً، قلّ تكراره اليوم، لمغامرة التضحية بوظيفة آمنة ودائمة، تعد من أكثر الوظائف طموحاً لدى الشباب، فغالبية البنوك العاملة في فلسطين تقدم 16 راتباً سنوياً، وتأميناً صحياً، وعلاوة غلاء للمعيشة، وغيرها من مغريات الوظيفة.
ويختصر أحد أرقام مشروع الموازنة الفلسطينية للعام الجاري، الحالة التي أضحى عليها المجتمع المحلي في الوقت الحاضر، والذي كان يتميز بحرفييه وزراعييه، إلى مجتمع موظفين، غالبيتهم يعملون في قطاعات خدمية غير منتجة.
ويشكل بند فاتورة رواتب الموظفين العموميين على سبيل المثال، في موازنة العام الجاري، نحو 48٪ من إجمالي نفقات الحكومة المقدرة بـ 4.21 مليار دولار أي قرابة 2.018 مليار دولار، مرتفعاً عن ميزانية العام الماضي بـ 118 مليون دولار، بحسب أرقام وزارة المالية.
وأشارت رئيس الجهاز المركزي للإحصاء علا عوض، إلى أن القطاعات الانتاجية تراجعت خلال السنوات الماضية، وخاصة قطاعي الزراعة والصناعة، لانتقال العمال إلى قطاعات خدمية.
وأضافت عوض خلال حديث لها، في ورشة عمل حول البطالة في المجتمع الفلسطيني أن هذا التحول في الوظائف، شوّه منظومة التوازن العمالي في القطاعات الاقتصادية داخل المجتمع الفلسطيني.
ويقول عبد المعطي الذي يحمل شهادة الماجستير في الإدارة المالية، إن المجتمع الفلسطيني تحول خلال سنواته العشرين الماضية من مجتمع يعتمد على الزراعة والحرفة كمصدر رزق رئيسي، إلى مجتمع وظائفي خدمي، في الحكومة والقطاع الخاص، وهو أمر انعكس على أرقام حصة الزراعة من الناتج المحلي من جهة، والاعتماد على الاستيراد لتغطية النقص الحاصل في الإنتاج المحلي.
ويبلغ إجمالي عدد العاملين في فلسطين نحو 1.1 مليون شخص، منهم قرابة 25٪ يعملون في القطاع الحكومي كموظفين دائمين أو مستخدمين بعقود، بما فيهم عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، فيما تتوزع النسبة المتبقية على القطاع الخاص، وإسرائيل ومستوطناتها، وعاملين في مشاريعهم الشخصية.
وتخرج الجامعات سنوياً نحو 40 ألف طالب جامعي، غالبيتهم في تخصصات إنسانية، بحسب مخرجات ورشة عمل لمعهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية (ماس)، فيما تبلغ نسبة البطالة بين الخريجين وفق الإحصاء الفلسطيني، قرابة 50٪ خلال العام الماضي.
وبحسب تصريح رئيس الوزراء رامي الحمد الله، فإن الحكومة أوقفت التعيينات، باستثناء قطاعي الصحة والتعليم، في محاولة لترشيد الإنفاق وضبطه، لمعالجة الأزمة المالية التي تعاني منها.
كما دعا في بيان صحفي إلى ضرورة التوجه نحو المشاريع الإنتاجية كالمصانع والمشاريع الزراعية، لأسباب اقتصادية ووطنية، لتثبيت المواطنين في أراضيهم، والنهوض بالمنتج الفلسطيني، وجعله قادراً على المنافسة محلياً وخارجياً.
وأوردت ورشة (ماس)، أن حصة الزراعة من الناتج المحلي، تراجعت من 23٪ خلال العام 1994، إلى أقل من 5.8٪ في نهاية العام الماضي، وازداد الاعتماد على الزراعة الإسرائيلية، كمصدر للمنتجات الزراعية في السوق الفلسطينية.
واعتبر مدير التنمية البشرية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في البنك الدولي، ستين يورجنسن، أن الخلل يكمن في تجاهل الحكومة الفلسطينية دعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، وعدم إنشاء مشاريع صغيرة للفقراء في أماكن سكنهم.
وأضاف يورجنسن خلال حديث مع مراسل وكالة الأناضول، أنه ليس من الخطأ انتقال نسبة كبيرة من العمال إلى القطاعات الخدمية، بل الخطأ في عدم وجود ابتكارات وإبداعات لهؤلاء الموظفين، تمكن مؤسساتهم لاحقاً من التطور، وهو ما حصل في الحالة الفلسطينية".
وتابع، "رأس المال في فلسطين يتمثل في الأرض والشباب، الأرض غير مستغلة، والشباب جزء منه عاطل عن العمل، وجزء آخر يحتاج إلى مؤهلات وإبداعات لرفع مؤسساتهم إلى مراحل متقدمة".