الحدث - أحمد بعلوشة
بدعوة من صحيفة الأهرام المصرية، توجه وفد من الإعلاميين الفلسطينيين بقطاع غزة إلى القاهرة لحضور ورش عمل تناولت مجموعة من الأوراق المتعلقة بقطاع غزة منتصف الشهر الجاري. الوفد الفلسطيني عاد إلى غزة نهاية الأسبوع الماضي بعد جولة استمرت خمسة أيام، وتمخض عنها مجموعة من النتائج والتوصيات التي رُفعت إلى المؤسسات المصرية الرسمية.
وبمتابعة نتائج الزيارة، قال العضو المشارك في الوفد، الصحفي أحمد حرب، إنَّ "غزة تنتظر بداية علاقة جديدة مع دولة مصر الشقيقة، وهناك نية مصرية لتحسين العلاقات مع القطاع وتخفيف الأعباء على المواطنين الفلسطينيين".
وعن طبيعة الفعاليات التي نظمتها القاهرة، أفاد حرب: "كان من المقرر أن تكون الزيارة لأربعة أيام، ولكننا تأخرنا يوماً إضافيًّا بسبب الأحداث في سيناء، وشملت اللقاءات عدداً من أوراق العمل التي قدمها صحفيون فلسطينيون ومصريون، تحدثت بمجملها عن دور الإعلام في المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتأثير التطرف والإرهاب في المنطقة على مسار القضية الفلسطينية، وبعد ذلك كانت هناك زيارة لوكالة أنباء الشرق الأوسط ومدينة الإنتاج الإعلامي".
وتابع حرب: "الأمور المتعلقة بالإنفراجة في قطاع غزة لم يكن الحديث فيها رسميا أو علنيا، وإنما كان من الواضح وجود رؤية مصرية جديدة لغزة، خاصة وأن هناك نية لاستمرار اللقاءات، حيث سيكون هناك وفد شبابي من المخيمات والمناطق المختلفة بقطاع غزة سيتوجه إلى القاهرة قريباً، وجلسة أخرى مع الفصائل الفلسطينية، عوضاً عن مشاركة وفود سياسية مصرية بجلسات حوار في قطاع غزة".
وحول مساعي الإعلاميين الفلسطينيين من هذه الزياراتن أضاف حرب: "نحاول جاهدين أن يعود الدور الإعلامي المصري إلى مساره، بعيداً عن خطابات التشويه التي كان لها دور كبير في تشويه صورة غزة والتي ساهم فيها بعض الإعلاميين المصريين المعروفين، وأثرت بشكل أو بآخر على المواطنين المصريين".
وأكد حرب أنَّ الإخوة المصريين بادروا بالتعبير عن أن هذا الخطاب التحريضي لا يمثل الشعب أو الدور المصري الذي كان ولا زال حاضراً في المشهد الفلسطيني، مضيفاً: "المختلف فيما يتعلق بمصر هو أن مصر حاضنة للمشروع الفلسطيني مع أو بدون وجود مصالح خاصة، وسيكون هناك تغيرات فيما يتعلق بطبيعة الصوت الإعلامي المصري، خاصة وأننا بحاجة إلى رؤية إعلامية جديدة تجاه القضية الفلسطينية في ظل التطورات العربية الراهنة".
حول معبر رفح
أما فيما يتعلق بمعبر رفح البري الواصل بين قطاع غزة ومصر، قال حرب: "سيكون هناك عمل للمعبر مرتين شهريا بمعدل (7-10) أيام، وذلك لأن الوضع الحالي في سيناء لا يسمح بفتح المعبر بشكل دائم، وكان هناك تأخير في عودة الوفد الإعلامي إلى غزة لنفس الأسباب".
وتابع حرب: "هناك إجراءات جديدة متعلقة بعمل معبر رفح حيث سيكون هناك مجموعة من المراحل المتعلقة بتسهيل المرور لأهالي غزة مع زيادة عدد أيام التشغيل، إضافة إلى بناء منطقة حرة للتبادل التجاري بين مصر وقطاع غزة، وبناء مجموعة من المرافق والمنشآت الجديدة في المعبر، والتي ستوفر عدداً كبيراً من الوظائف لأهالي سيناء".
الإعلامي والمحلل السياسي، الدكتور ذو الفقار سويرجو، كان أيضاً أحد المشاركين في الوفد الفلسطيني، والذي أكد لـ "الحدث" وجود جدية عالية من الدولة المصرية في التعامل مع الملف الفلسطيني بكافة جوانبه، مشيراً إلى أن 31 إعلامياً فلسطينيا شاركوا في هذا الوفد بحفاوة استقبال مصري وتسهيلات غير مسبوقة.
"الاستضافة أشعرتنا بنوع من الراحة في التعامل، وكانت هناك كلمات ترحيبية مطمئنة" يقول سويرجو، مضيفاً: "هناك وجهة مصرية في فتح صفحة جديدة في مختلف المجالات المتعلقة بالقضية الفسلطينية وقطاع غزة، والقضايا العالقة المتعلقة بمعبر رفح والمصالحة والملفات الأخرى".
وأشار سويرجو إلى أنَّ "أوراق العمل التي تقدم بها الطرف المصري كانت مبشرة فيما يتعلق بالمصالحة والدور المصري الجديد في تحقيقها وتوحيد الصف وصولاً إلى خطاب فلسطيني موحد تستطيع مصر دعمه، وهي معنية بتوحيده حتى تستطيع مواجهة المرحلة القادمة وهي إعادة ترتيب المنطقة التي تعني مصر بشكل كبير".
وأردف سويرجو: "فيما يخص العلاقة بقطاع غزة، هناك وجهة مصرية واضحة ومعنية بوضع خطة من أجل الخروج من الحالة الصعبة في غزة، وقد تمتد فترة تنفيذ هذه الخطة إلى العام والنصف، وبشكل تدريجي، ويأتي هذا التطور من خلال عدة خطوات تتلخص في فتح المعابر بشكل متقطع ومنتظم لتسهيل مرور المواطنين إلى الجانب المصري، وتشكيل لجان مشتركة مع الإعلاميين الفلسطين من أجل حل القضايا الإعلامية الشائكة، وصولاً إلى عودة العلاقات المصرية الفلسطينية إلى وضعها الطبيعي".
وتابع بخصوص معبر رفح: "هناك توجه لهدم المعبر الموجود وبناء معبر جديد مع تحديث تكنولوجي ووقف الأساليب السابقة في التعامل مع الفلسطينيين، بحيث يصبح معبر دولي كبير وجزء منه تجاري لبناء حالة من التنمية والاقتصاد، خاصة بعدما توصل الإخوة المصريين لقناعة بأن تحسين الوضع في سيناء مرتبط بتحسين الوضع في غزة من خلال بناء حياة مريحة لسكان سيناء، وخلق وظائف لهم في مشاريع التعاون التجاري التي سيعمل بها أهل سيناء".
صفحة جديدة مع الإعلام
وفيما يتعلق بالعلاقات الإعلامية المصرية الفلسطينية، أوضح سويرجو: "الإخوة المصريون معنيون بفتح صفحة جديدة مع الإعلام الفلسطينية، وتم توجيه رسالة واضحة في هذا الجانب، مع وجود تجاوب فلسطيني عال مع المبدأ والفكرة، وقد أوصلنا رسالة مفادها أننا معنيون بوجود نقاء في العلاقة المصرية الفلسطينية إعلاميًّا وسياسيًّا، وأوصينا بتشكيل لجنة لمتابعة التوصيات واستقبال وفود في مصر وتكرار الزيارات مع مصر لخلق أجواء جديدة كون مصر دولة عربية مركزية تستطيع أن تلعب دوراً بارزاً في المسار الفلسطيني.
وأشار سويرجو إلى أنَّ "كل الشائعات التي تروج حول العلاقة بين القطاع ومصر الآن، والتي تقول أن مصر تحاول لعب دور في وضع أناس جدد على مسار العلاقات المصرية الفلسطينية هي شائعات مشكوك فيها وهناك قرار في الدولة المصرية بالاهتمام الشديد بالقضية الفلسطيينية ودعما الأمن القومي المصري إضافة إلى الاهتمام بالجانب الاقتصادي".
ربما تحتاج مصر في الوقت الراهن إلى إنهاء حالة الهوس الأمني في شمالها المتمثل في سيناء، وبالتالي شكلت غزة هاجساً لها، وربما يكون الحل لهذا الهاجس من خلال تخفيف الضغط على قطاع غزة، وتسهيل الحركة التجارية التي ستسهم في تحسين الاقتصاد الفلسطيني والمصري. وتشير المعلومات التي يتحدث عنها المشاركون في الزيارات إلى القاهرة إلى أن هذه الزيارات لن تكون الأخيرة، حيث تم تشكيل لجنة لمتابعة التوصيات التي ترمي إلى عقد مجموعة من اللقاءات الأخرى في مجالات متعددة، مع ضرورة وقف الحملات الإعلامية المتبادلة بين الجانبين، في ظل وجود مبادرة مصرية جدية، وتجاوب فلسطيني يجمع على أهمية عودة العلاقات المصرية بقطاع غزةن وصولاً إلى تحقيق خطوات إيجابية حقيقية في المستقبل الفلسطيني.