الحدث - أحمد بعلوشة
يواجه مرضى السرطان في قطاع غزة عجز القطاع الصحي عن توفير أدنى المستلزمات والجرعات اللازمة لهم، عوضاً عن الحواجز التي تعيق تحركهم من القطاع لإجراء الفحوصات والعلاجات اللازمة، في ظل زيادة القيود على التصاريح المقدمة للمرضى من الجانب الإسرائيلي، وعدم توفير التغطية المالية لكثير من الحالات من جانب وزارة الصحة الفلسطينية.
إيمان شنن مدير برنامج العون والامل لرعاية مرضی السرطان، أشارت في مقابلة مع "الحدث" أنه "منذ مطلع العام الجاري، منعت الكثير من النساء اللاتي يتعالجن بالخارج من السفر، ودعانا هذا الأمر إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر الهيئة العامة للشؤون المدنية بغزة، حيث لا يجوز أن يحصل المريض الذي يحتاج إلى علاج كل أسبوعين أو ثلاثة على منع من السفر، وبعد جهود حثيثة تحسنت الأمور، إلا أنها عادت أكثر تعقيداً في تموز يوليو الماضي بعد أن كانوا قد قدموا تصاريح 3 شهور لمرضى السرطان في أشهر أبريل ومايو، إلا أنها سُحبت جميعهاً دون إبداء للأسباب".
56% من المرضى لديهم منع أمني
تستنكر شنن أن يكون هناك رفض أمني لهذه النسبة العالية من المرضى الذين لا يشكلون خطراً على أحد، وتتابع: "هناك من تقدموا للتصاريح 4 أو 5 مرات، وفي كل مرة يحصلون على رفض، حتى أنهم حين يراجعون في الشؤون المدنية، لا يتم التعاطي معهم بشكل جيد".
وتضيف شنن: "قمنا بعمل جلسة مساءلة ودعونا إليها الهيئة العامة للشؤون المدنية ومنظمات المجتمع المدني ووزارة الصحة ولم نر أي مؤسسة حقوق إنسان في الجلسة ما يعني عدم وجود اهتمام بقضية مرضى السرطان، وقمنا بتشكيل لجنة للمتابعة مع الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان ونحن نعلم أنه إذا أردت أن تميت قصة؛ شكل لها لجنة، ولكننا نحاول الحصول على إجابات من أصحاب الشأن، وحين ممثل الشؤون المدنية في الاجتماع الذي تم عقده في الهيئة.. لم نحصل منه على إجابات وافية".
العلاج في الداخل مكلف أكثر
"العلاج في عمَّان وتحديداً في مستشفى الحسين تكلفته أقل من العلاج داخل الأراضي الفلسطينية، ومع ذلك وزارة الصحة في رام الله تقول أنها لا تستطيع تغطية التكاليف في الأردن" تقول شنن، مؤكدة وجود شراكة مع مركز الحسين للسرطان، حيث تم نقل مريضة الأسبوع الماضي إلى المشفى، ولكن ذلك "جاء بعد ضغوط، ولكن لماذا لا يتم التعامل مع جميع الحالات وليس فقط الحالات الفردية؟".
وتستهجن شنن تقديم رفض أمني للمرضى، مضيفة: "إذا أرادوا فليكبلوا المرضى ويرسلوهم للعلاج في المشافي، ولكن أن يتركوا المرضى للموت في غزة هو أمر مرفوض وغير إنساني البتة".
واختتمت شنن: "الخوف يكمن في أن نحصل على التصاريح من الجانب الإسرائيلي بالسماح بالمرافقة الأمنية، ولا تتحرك الوزارة لتغطية الحالات مالياً، هنا ستكون الكارثة. والأمر الثاني.. لماذا لا يتم تحويل الجرعات إلى غزة بدلاً من كل هذه الإجراءات وبدلاً من التكاليف الإضافية التي يتم فرضها على المرضى وعلى الوزارة؟ لماذا يستطيعون إخراج الأطباء لدورة تدريبية، ولا يستطيعون عمل تحويلة طبية للمرضى؟
من يستطيع إخراج 300 شخص لمؤتمر، يستطيع بالضرورة إخراج المرضى الذين يرقدون بين الحياة والموت".
وبالتواصل مع وائل بعلوشة مدير الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان في غزة، نوَّه بعلوشة أنَّ المسعى هو معرفة النتائج التي قد تترتب على كل هذه المشكلات، مضيفاً: "لم نستطع افتراض أن هناك خلل لدى الهيئة، لذلك دعونا لجلسة الاستماع بالتعاون مع برنامج العون متعلقة بسفر مرضى السرطان وخصوصاً الممنوعين من السفر، لمعرفة ما إذا كانت قرارات إسرائيل تنفذ مباشرة دون أي جهود من الجانب الفلسطيني، أم أن كل حالة مرضية ستحتاج إلى متابعة خاصة دون وجود بروتوكول أو آلية تشمل إيجاد حل لجميع الحالات؟".
وأضاف بعلوشة أن هناك خلل في التنسيقات التي تنفذها وزارة الصحة، مشيراً إلى أنَّ الصحة وهيئة الشؤون المدنية بدأت بحل بعض القضايا العالقة، ولكن الأمور ستعود إلى ذات المربع إذا لم يتم إيجاد آلية واضحة لحل الأزمة كاملة وليس لكشوفات هنا أو هناك.
وتابع بعلوشة: "نعم هناك استخدامات سياسية من جانب الاحتلال بحق المرضى وتغيير دائم في هذه السياسات، ولكن في نفس الوقع.. لا نستطيع تعليق الأمر على الاحتلال وحده، خصوصاً أنَّ الشؤون المدنية قادرة على التدخل في الكثير من الحالات، وكثير من الحالات تخرج بعد بذل جهود من طرف الشؤون المدنية بغزة".
وحول التوصيات التي يسعى لها الائتلاف وبرنامج العون، قال: "توصيتنا أن تكون العملية اكثر علانية وأن تكون الإجراءات واضحة، وأن يكون هناك نوع من الخطاب بين الشؤون المدنية ودائرة التنسيقات من جهة، والمواطنين والمرضى من جهة أخرى، عوضاً عن أنه من المفترض أن يتم إخبار المواطنين بالتحديثات على الإجراءات وإعلامهم أيضاً بحدود تدخلات الشؤون المدنية فيما يتعلق بالسفر والتحويلات. أما إذا كانوا غير قادرين على إدارة الوضع، فعليهم إيجاد جهة تتابع هذه المشكلات، لما للحالات التي نتحدث عنها من خصوصية وأهمية بالغة يجب أن تخرج من دائرة الاستخدام السياسي".
قبول الفلسطينيين بكل الشروط الإسرائيلية أمر مرفوض
"القبول بكل الشروط والسياسات الإسرائيلية مرفوض وغير منطقي" يؤكد بعلوشة، مضيفاً: "حق الحصول على المعلومة ليس جرماً، ولكل الناس الحق في أن يحصلوا على حقهم في العلاج أيضاً. الاحتلال سبب رئيس في كل شيء، ولكن ليس بالدرجة التي يتم استخدامها لتبرير القصور في مجالات متعددة". مشدداً على أن التوصيات سيتم متابعتها، ومعرفة إذا ما تم تسهيل تحويل المرضى، وإلى أي درجة وصلت نسبة الممنوعين من السفر، علاوة على الاستمرار في استقبال شكاوى المواطنين.
في العام الجاري، تقدمت أكثر من 548 مصابة بسرطان الثدي بتصاريح سفر لمستشفيات القدس والضفة الغربية لتلقي العلاج، إلا أن 287 منهن لم يتم الموافقة على طلبهن، و125 مريضة تم رفضهن أمنياً من الجانب الإسرائيلي.
ومن الجدير ذكره بأنَّ عدد مرضى السرطان في غزة بلغ 14600 مريض ومريضة حسب إحصائيات وزارة الصحه الفلسطينية في العامين المنصرمين، ويبلغ عدد الحالات المسجلة في قسم الأورام بمستشفى الشفاء وحده 130 حالة شهرياً.