الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إشارة: أرشيفنا الصحفي، هل يرى النور؟ بقلم: محمد شريم

2016-11-29 09:33:27 AM
إشارة: أرشيفنا الصحفي، هل يرى النور؟ بقلم: محمد شريم
محمد شريم

 

في كثير من الأحيان ، عندما يُسأل أحد الأدباء أو العلماء أو المفكرين عن بعض النصوص التي كتبها فإنه يجيبك بحسرة وألم أنه فقدها لهذا السبب أو ذاك ، وقد يشير إلى أن النصّ منشور في هذه الصحيفة أو تلك المجلة ، وهو الأمر الذي يحدث معي أحياناً ، ولهذا خطر ببالي أن أكتب هذه الإشارة ، وفي هذه الحالة ـ في العادة ـ لا يكون أمام الباحث عن هذا النصّ سوى أحد أمرين : إما أن يتجشّم عناء الذهاب إلى مقرّ الجريدة أو المجلة نفسها ليبحث في أرشيفها عن ضالته ، أو أن يذهب إلى إحدى الجامعات أو المؤسسات المعنية بالدراسات ، للبحث في مكتباتها ـ إن أحسنت الأرشفة ـ عن النصّ المطلوب ، لعلّه يحظى بالعثور على طلبته التي قد تساوي بالنسبة له في ذلك الحين وزنها ذهباً !

 

وعلى الرغم من حرص معظم الصحف والمجلات على أرشفة نسخ من أعدادها ، وهو الأمر الذي من المتوقع أن تحرص عليه مراكز الدراسات والبحث لأن محتويات هذه الصحف والمجلات تقع في صميم عملها، إلا أن هذه الأرشفة ما زالت وفق النمط التقليدي، كما أعلم ، أي أنها تقوم على حفظ نسخ ورقية من هذه المطبوعات، على شكل رزم مجلّدة ، أو أنها تنسخها على الشرائح ( الميكروفيلمية ) ، وهذه الطريقة في الأرشفة ، على الرغم من أهميتها من جانب، إلا أنها من جانب آخر أصبحت في وقتنا الحاضر أقل مجاراة لتطور العصر الذي شهد الأرشفة الإلكترونية.


فللأرشفة الإلكترونية إذا ما أمعنّا النظر وأجدنا المقارنة مميزات  تفتقر إليها الأرشفة التقليدية ، ومن مميزاتها أنها تحفظ الملفات والوثائق من الضياع ومن التلف الذي كثيراً ما يكون في الأرشيف التقليدي ، كما أن الأرشفة الإلكترونية توفر للباحث إمكانية البحث عن أي ملف أو مستند بشكل ميسّر ، وبأكثر من طريقة ، فبإمكانه مثلاً أن يبحث عن وثيقته المطلوبة عن طريق الاسم أو الموضوع أو الرقم أو غير ذلك . كما توفر هذه الطريقة إمكانية الاسترجاع السريع والمباشر لأي ملف أو مستند ، وإضافة إلى ذلك فإن هذه الطريقة توفر للجهة القائمة على الأرشفة إمكانية حفظ أكثر من نسخة من المواد المؤرشفة على سبيل الاحتياط .


إن من الخطأ النظر إلى الصحف والمجلات على أنها ناقلة أخبار وناشرة أفكار وعارضة تحليلات وإعلانات فقط ، إنها وإن كانت كذلك في لحظتها ، إلا أنها في قادم الأيام تصبح حافظة لتاريخ شعب وسجلاً لمسيرة أمة ، ولهذا من الواجب علينا جميعاً أن نحرص على أرشفة هذه المطبوعات بالطريقة المواكبة للعصر ، وذلك لحفظها من الضياع من ناحية ، ولتيسير وصول الباحثين والدارسين والمهتمين إليها من ناحية أخرى .


من المؤسف أنني قبل أيام حاولت أن أبحث عن نصّ يخصّني في أحد الأعداد القديمة من مجلة ( فلسطين الثورة ) ، فبحثت على شبكة ( الإنترنت ) لعلّي أجد نسخاً مصوّرة من أعداد المجلة ( pdf )، أو أرشفة إلكترونية بأية طريقة كانت ، فلم أجد ، فأردت أن أبحث عن أخواتها من المجلات والصحف ، فبحثت عن ( الهدف ) ، ( الحرية ) ، ( الجديد ) و (الاتحاد) الحيفاويتين ، ( الطليعة ) و ( الفجر ) المقدسيتين ، لعلّ بعضها يكون أوفر حظاً من ( فلسطين الثورة ) ، فوجدت الجميع منها في سوء الحظ سواء ، وهذا ما أكده لي أصدقاء من كبار الإعلاميين كنت قد لجأت إليهم لإسعافي برابط للبحث يقود إلى أي منها ، بعد أن باءت جهودي الذاتية في الوصول إلى أي رابط من هذا القبيل بالفشل !

 

إنني أعرف أن نصيب الثقافة من الميزانيات والاهتمامات في هذه الأيام في بلادنا هو نصيب ( الأرنب الوديع ) ، وليس ( الأسد المفترس ) ، ولكن أن يصل الأمر إلى الإبقاء على حجب تاريخ شعبنا ومسيرته الثقافية والسياسية والاجتماعية بإهمال هذه المطبوعات المتمثل بعدم أرشفتها وعرضها على شبكة الإنترنت ليتصفحها الباحثون والدارسون والمهتمون والمعنيون ، فهو أمر غير مبرر على الإطلاق ، فإن وقع قليل اللوم ، أو كثيره ، على الجهات الرسمية لإغفالها الأمر ، فإن اللوم الأكبر هو على الجهات التي كانت تصدر هذه المطبوعات ، لأنها توشك ـ بحجب أرشيفها ـ أن تجعل من تاريخها الذي تشتمل عليه تلك المطبوعات هباء منثورا!


لقد آن الأوان لأن تفرجوا عن أرشيف صحافتنا الوطنية كي يرى النور!