الحدث- علاء صبيحات
تطبيق القانون أساس أي مجتمع آمن، والقانون لا يطبق إلا بعد حدوث الجريمة، أما في المدينة الفاضلة التي تحتوي على نظام الشرطة المجتمعية، فتطبيق القانون صار له مفهوم آخر، حيث ستعمل الشرطة المجتمعية بلا كلل على البحث عن أسباب الجريمة ومعالجتها، بل وتتنبأ بوقوع الجريمة قبل حدوثها، وهذه هي الشرطة الفلسطينية بعد عام ونيِّف، ومثالها البسيط أن تسرق إمرأة حليبا، ويقبض عليها متلبسة، ففي الوضع الطبيعي ستحبس بتهمة السرقة، أما في النظام المحدث، ستحول للشرطة المجتمعية ليُفهم سبب قيامها بالسرقة، فلو افترضنا أن المرأة مطلقة وتعيل أطفالا، وبإمكانها العمل، ستقوم الشرطة المجتمعية حينذاك من خلال تشبيك العلاقات مع المؤسسات والمتطوعين، بتوفير دورة حياكة ملابس مثلا، ومن ثم تأمين مكان عمل لها، وبالتالي ستعالج المشكلة من الجذور، وعلى ذلك يقاس النزاع بين شخصين، أو إدمان المخدرات، أو التعنيف داخل المنزل، أو سرقة منازل، وغيرها.
وللتعرف على الشرطة المجتمعية أكثر فقد قال محاضر ومدرب مدربين الشرطة المجتمعية الرائد جاد العمور إن الشرطة المجتمعية هي أسلوب للعمل الشرطي الاستباقي الموجه للمجتمع، والقائم على الشراكة ما بين المؤسسة الشرطية وكافة مكونات المجتمع، ويركز على إنفاذ القانون والوقاية من الجريمة؛ بهدف تأمين سلامة وأمن المواطنين، من خلال إشراكهم في مهمة الخدمة الشرطية الأخلاقية، والخاضعة للمساءلة.
مؤكدا أن الشرطة المجتمعية مهمتها توفير الأمن، وبالتالي فهي تعمل لتحقيق كل شروط خفض مستويات الجريمة، سواء بالالتزام بحل المشكلات، أو العمل الوقائي، أو العمل التقليدي الفعال، وكل ذلك يتم بتكاتف الجهود بين الشرطة وكافة المؤسسات العاملة، وفاعلية الشرطة المجتمعية، والمواطنين.
وأشار العمور إلى أن الشرطة المجتمعية تنطلق من مبدأ "الأمن مسؤولية الجميع"، فكل مواطن يقوم بدوره في مهمة إنفاذ القانون، فشعار الشرطة المجتمعية هو " الشرطة هي الجمهور والجمهور هو الشرطة"، ومن خلاله يكون لكل مواطن دور يقوم به سواء بالتزامه الطوعي بإنفاذ القانون، أو محاربته للجريمة والسلوك المعادي للمجتمع، أو من خلال التزامه بالقيام بدوره المنوط به.
وأردف العمور: "أسست الشرطة المجتمعية بناء على تعليمات من السيد اللواء حازم عطا الله مدير عام الشرطة، وبناء على توجهات الشرطة الفلسطينية بتقديم أفضل الخدمات، وأوكلت المهمة للمقدم "فريد اللداوده" لوضع لبنات العمل الشرطي المجتمعي"، و أضاف العمور أن الفكرة برزت في عام 2011، حيث أنها أسلوب عمل شرطي عصري، أقره مجلس وزراء الداخلية العرب في شهر تشرين الثاني من عام 2013، وأصبح مطببقا في كافة الدول العربية، ولكل دولة عربية تجربتها المنسجمة مع خصوصيتها.
وأكد العمور على أن التجربة الفلسطينية فريدة، وقائمة على مبدأ كون الشرطة المجتمعية ليست تخصصا، وإنما أسلوب للعمل الشرطي، يحترفه كافة منتسبي الشرطة، وقائمة على الشراكة المجتمعية، وحل المشكلات والعمل الوقائي، قائلا إن المجتمع الفلسطيني متعطش للشراكة، ويثق بمؤسساته، ويطمح للمزيد من هذه المؤسسات، وتجربة الشرطة المجتمعية تتطابق مع طموحات وتوقعات المواطن ورغبته في الشراكة الحقيقية والتجربة أكدت ذلك.
وأشار العمور إلى أن التجربة مطبقة فعلا في معظم مراكز الشرطة في فلسطين، وهناك مركز شرطة مجتمعية متنقل في طولكرم، كذلك فالعمل جار على تدريب بقية المراكز، حيث يقوم فريق من المدربين يرأسه المقدم فريد اللدادوه بتدريب هذه المراكز، كما يوجد مركز متخصص في كلية الشرطة لهذا الغرض.
وأضاف العمور أن الشرطة المجتمعية كما باقي فروع الشرطة، تضم الكادر النسائي، وتعمل وفق مبدأ العمل وليس التخصص، منوها إلى أن الشرطة المجتمعية تعتمد أسلوب عمل عصري يتكيف مع المتغيرات، ويهتم بما يهم المواطن، ويشغل تفكيره، وهي قابلة للتطور والتأقلم بحسب المتغيرات.
وأكد العمور على أن الشرطة المجتمعية تولي اهتماما خاصا بقضايا العنف الأسري، وقضايا ذوي الاحتيجات الخاصة، والتي هي الفئات الأكثر عرضة للجريمة؛ من أجل تحصينها ومنع إيقاع الأذى بها، كذلك قضايا تأخذ قضايا المرأة أولوية خاصة من خلال دائرة حماية الأسرة والطفل، والتي تعمل بأسلوب العمل المجتمعي.
وذكر العمور أن القائمين على الشرطة المجتمعية قد قطعوا شوطا طويلا، وبنهاية العام سيكون المفهوم الاستراتيجي الوطني للشرطة المجتمعية، والذي يعمل عليه المقدم "فريد اللدادوه" منذ ستة شهور، معمما على الشرطة وعلى الجمهور، قائلا: "إن العمل على التدريب مستمر في مستويات متعددة، ونأمل أن يكون عام 2017 هو عام استكمال المشروع من كافة جوانبه".
وعند سؤال العمور إذا ما كانت هذه التجربة ستؤتي أكلها، وهل ستحقق المطلوب منها نظرا لوجود مناطق"C"، لكون هذه المناطق تعد من أكبر المعيقات عند تطبيق أي مشروع فلسطيني، أكد أن نواة عمل الشرطة المجتمعية تكمن في إمكانية الوصول لكل مواطن فلسطيني تؤمنه الشرطة المجتمعية، وهي بذلك ترفع شعار أن تكون مرئية وسهلة الوصول بالنسبة للجمهور، ومن هنا جاءت فكرة المركز المتنقل؛ ليصل للقرى النائية، والمجتمع الفلسطيني طبيعته ليست معقدة بل هو من أكثر المجتمعات تنظيما.
وختم العمور حديثه قائلا إنه يسعىى لتصبح الشرطة الفلسطينية شرطة متميزة لدولة آمنة، وهذه هي رؤية الشرطة المجتمعية، ونحن نعلم أن العمل المجتمعي تساهم فيه أطراف متعددة لذلك نتمنى من جمهورنا المشاركة الحقيقية والفعالة، أولا في الالتزام الطوعي بالقانون، وثانيا من خلال الثقة العالية في مؤسستهم الشرطية التي تهدف إلى تقديم أفضل وأنجع الخدمات لهم .