أسوأ ما يمكن أن تستيقظ عليه صباحاً هو الأخبار.
طبيعة مهنة العاملين في حقل الإعلام تضطرهم دائماً إلى متابعتها، حتى وإن اقتضى الأمر متابعة تفاصيلها في أعز اللحظات حميمية وأنت تقضيها مع أبنائك أو أصدقائك.
الصحفي لا وقت له، وقت الصحفي لما حوله.
ولن يكون مفاجئاً أن يكون الصحفي قادراً على استيعاب الكثير مما يحدث حوله بسبب ما يرى ويسمع ويستقبل من عناوين صادمة بشكل يومي، ما يخلق له مناعةً تزيد في طول عمره.
فعلى سبيل المثال، الصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل توفي العام الحالي عن 93 سنة، وكان قد عاصر في حياته ملكين و6 رؤساء جمهورية، جميعهم انتقلوا الى رحمته عدا آخر 3 رؤساء مبارك ومرسي والسيسي. الصحفية الأمريكية المخضرمة هيلين توماس توفيت عن 92 عاماً وعاصرت 10 رؤساء أمريكيين.
وعلى ما يبدو انه كلما كانت جرعة الأحداث التي يمر بها الصحفي أكبر كانت مواربته للموت أعلى فطال عمره وقصُرت أعمارُ الآخرين من معاصريه.
وما استدعى الأمر، هو خبر رفع الحصانة عن 5 نواب في المجلس التشريعي يوم أمس بتهم وجهها إليهم النائب العام أحمد الباراك من قبيل غسيل الأموال والاتجار بالسلاح والقذف والشتم.
الخبر لم يكن مفاجئا أو صادما أو غير مفهوم، فنحن كصحفيين متابعين نعلم أن الأمر يجري الإعداد له إجرائياً منذ بداية العام الحالي، إن لم يكن من قبل. فمنذ أن أحالت محكمة النقض في شباط إلى المحكمة الدستورية تفسير نصوص في القانون الأساسي والتشريعات الفلسطينية - وهو الأمر الذي ليس من صلاحيات أو اختصاص محكمة النقض- وبعد الطريقة الغريبة التي تم بموجبها تشكيل المحكمة الدستورية، بتنا نعلم أن الأمر مسألة وقت ليس إلا.
على كل، أعتقد أن القلة من أصحاب الاختصاص من ذوي الضمير الصاحي لن يفوتهم أن يكتبوا ويشرحوا مدى دستوريته وقانونية هذه الخطوة.
وما يعنيني كمراقبة، أننا على مشجب دحلان بتنا نعلق كل الأخطاء وكل الانتهاكات، والتجاوزات، والاستباحة، ولم يبق إلا أن يكون دحلان سبباً في ارتفاع نسبة الطلاق بين الأزواج الشابة.
فـ "ريحونا" من دحلان وأغلقوا هذه الحفرة التي تسحبوننا إليه، أرسلوا دحلان إلى القمر، أو إلى بلاد الواق واق، أو إلى جوف ديناصور منقرض، أو امسخوه على هيئة بطريق كي لا يتحرك، أو ضعوا على صدره صخرة سيزيف فيشهق أنفاسه الأخيرة، المهم أن تريحوننا من دحلان كي تنتهي حالة تقزيم البلاد والوطن في شخصه.
ومن ثم عليكم أن ترفعوا الحصانة عن بقية أعضاء المجلس التشريعي الآخرين بتهمة إهانة هيبة المجلس التشريعي الفلسطيني، لأنهم بصمتهم أذلوا البرلمان وأذلونا بفقدهم لشهيتهم المعهودة للكلام، واختفوا عن شاشات التلفاز ومن أمام المايكروفونات، ومن على صفحات الجرائد، وأصيبوا بنزلات البرد، وانقطعت الكهرباء عنهم فيما يبدو.
خلاصة الأمر أنه وابتداء من الأمس لا حصانة لأحد، رُفعت الجلسة، وجفت الأقلام، وخرست ألسنة بقية النواب.