الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مع ترامب البندول يتأرجح بعيدًا عن مخططات أوباما بقلم: أمير طاهري

بقلم: أمير طاهري

2016-12-17 12:36:45 PM
مع ترامب البندول يتأرجح بعيدًا عن مخططات أوباما بقلم: أمير طاهري
أمير طاهري

الحدث/ مختارات

مع اقتراب اكتمال تعيين الرئيس المنتخب دونالد ترامب، أعضاء مجلس الوزراء الجديد في الإدارة الأميركية، من الممكن أن نسعى لتقدير الاتجاه الذي قد يتخيره الفريق الرئاسي الجديد بالنسبة للولايات المتحدة.

 

والميزة الأولى لفريق السيد ترامب هي، بصفة عامة، أن أعضاء الفريق كانوا من الشخصيات البارزة كل في مجاله، قبل أن يُطلب منهم الانضمام إلى الإدارة الأميركية الجديدة.

 

وهذا الأمر هو على النقيض من إدارة الرئيس باراك أوباما التي كانت تتألف، وبشكل كبير، من شخصيات غير معروفة إلى جانب المرشحين الرئاسيين المنهزمين كأمثال جوزيف بايدن، وهيلاري كلينتون، وجون كيري.

 

كان المحامون غالبين على فريق أوباما الرئاسي والذين، كمثله تماما، لم تسنح لهم الفرصة لممارسة مهنهم المختارة قبل ولوجهم إلى عالم السياسة. ولكن في فريق ترامب الرئاسي، على العكس من ذلك، ستستغرق وقتا معتبرا قبل أن تعثر على محام واحد، إن كان هناك محامون على الإطلاق.

 

وخلال تشكيل فريقه الرئاسي، بحث ترامب عن الشخصيات القوية والذين، لأنهم لديهم خبرات متميزة في مجالات أعمالهم، من غير المحتمل أن يشكلوا فيما بينهم جوقة التأييد المطلق من الرجال والنساء.

 

وفي المقابل، لا يتحمل باراك أوباما التسامح مع أي شخص يعارض وجهات نظره الخاصة. ويبدو ذلك واضحا في مذكرات هيلاري كلينتون، وتجلى أيضا في ثلاث مناسبات عندما غير أوباما، علانية، بعض القرارات التي اتخذها وزير خارجيته جون كيري.

 

كما أن لدى دونالد ترامب مجالا أوسع للاختيار والتعيين، حيث تخير أعضاء فريقه من 15 ولاية أميركية، وهو الخيار الأوسع بكثير مما كان متاحا لباراك أوباما والذي كان، في بداية الأمر على أقل تقدير، مركزا جهوده على المافيا السياسية لمدينة شيكاغو.

 

لعب ترامب لعبة مثيرة للاهتمام من خلال استمالة الكثير من ديناصورات الحزب الجمهوري، ومن أبرزهم نيوت غينغريتش، ورودلف غولياني، وكريس كريستي، ناهيكم عن ذكر الديمقراطيين المنشقين أمثال السيناتور جو ليبرمان وجيمس وولزي الرئيس الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، عن طريق التلويح إليهم بالمناصب الكبرى الماثلة أمامهم.

 

وفي نهاية المطاف، برغم كل شيء، تمكن ترامب من تشكيل فريقه الخاص ووحد الحزب الجمهوري خلال فترة ولايته، من غير أن يكون مدينا بشيء لأي من كبار رجال الحزبين الكبيرين.

 

على العكس من فريق أوباما الذي تألف في أغلبه من أناس على هامش النخب الأميركية الكبيرة، فإن مجلس الوزراء في عهد ترامب عبارة عن ائتلاف من الدوائر التي تشكل فيما بينها نواة السلطة الوطنية في الولايات المتحدة. ومن القطاعات المعتبرة الممثلة في مجلس وزراء ترامب هناك وول ستريت، وصناعات النفط والطاقة، والمؤسسة العسكرية والأمنية، ومجتمع الأعمال. ويشتمل الفريق على أكبر عدد ممكن من الشخصيات العسكرية ورجال الأعمال في أي مجلس أميركي للوزراء منذ عقد الأربعينات، وهو مجلس وزراء موال للمواطنين بأكثر من سابقيه والتي كان يهيمن عليها الساسة المحترفون.

 

ويشير تكوين مجلس وزراء ترامب إلى تغيير جلي في بندول السياسة الأميركية نحو اتجاه يعاكس الاتجاه المنفلت الذي اتخذته إدارة باراك أوباما من قبل.

 

أولا، سيتأرجح البندول بعيدا عن توسيع القطاع العام الذي يفضله الرئيس أوباما وكان يتضح بصورة كبيرة من خلال ما يعرف باسم الخطة الصحية بأسعار معقولة. وإذا سُمح لها بالتطوير بكامل إمكاناتها، فمن شأنها خطة أوباما أن تعني التأميم الظاهري لنحو 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، وهي خطوة هائلة في اتجاه الاقتصاد الخاضع لسيطرة الدولة.

 

بعد ذلك، سيتأرجح البندول بعيدا عن العولمة. لا يرغب ترامب، ولا يمكنه، إيقاف أو عكس اتجاه العولمة. ولكن يبدو أنه يريد التعديل من إيقاع العولمة والحد من آثارها الاجتماعية والاقتصادية السلبية على قطاعات من المجتمع الأميركي. كان الرئيس أوباما والسيد كلينتون، برغم ذلك، ملتزمين بتوسيع وتسريع وتيرة العولمة من خلال سلسلة من الصفقات التجارية الجديدة التي تغطي منطقة المحيط الهادي، وفيما بعد، القارة الأوروبية بأسرها.

 

ومن شأن رئاسة ترامب للبلاد أيضا أن ترى البندول يتأرجح بعيدا عن التخفيضات الهائلة والممنهجة في القدرات الدفاعية للولايات المتحدة. وبدلا من مواصلة تنفيذ استراتيجية أوباما في نزع السلاح التدريجي في الولايات المتحدة، يعد ترامب بخطة تحديث عسكرية طموحة تهدف إلى زيادة القوة العسكرية الأميركية، وبسط هيمنتها على العالم.

 

في عهد ترامب، سيتأرجح البندول كذلك مبتعدا عن الخطط البيئية العصرية، ولكن من قبيل الالتزام الوهمي، لإدارة الرئيس أوباما، ولا سيما «مشرب الساحرات» المعد في مؤتمر باريس المناخي بالعام الماضي. حيث يعتقد ترامب أنه في الوقت الذي تشتد فيه حاجة الاقتصاد العالمي إلى النمو فلن يكون من الحكمة أن نفرض عليه القيود التي تهيمن عليها الدوافع الآيديولوجية بأكثر من العلم.

 

ومن شأن البندول أن يتأرجح أيضا ابتعادا عن القيود التي فرضها أوباما، وأيدتها هيلاري كلينتون، على الصناعة الطاقة في الولايات المتحدة. ومن شأن ذلك أن يمنح صناعة الفحم مساحة أطول من الحياة في حين يستفيد النفط الصخري من مراجعة القواعد المفروضة عليه من قبل الحكومة الفيدرالية. ويمكن للقيود المفروضة حاليا على صادرات الطاقة، ولا سيما النفط، من قبل الولايات المتحدة أن تشهد بعض التيسيرات.

 

ومن ناحية السياسة الخارجية، من المرجح للبندول أن يتأرجح بعيدا عن سياسة أوباما التصالحية، التي تساعد على استرضاء أعداء الولايات المتحدة وإغضاب أصدقائها وحلفائها.

 

أفسح أوباما مجال المروق أمام روسيا، وغزو جيرانها، وضم الأراضي التابعة لأناس آخرين إليها، وتجاهل القواعد الدولية المتعارف عليها حتى في مجال الألعاب الأوليمبية. وفريق ترامب الانتقالي، على العكس من ذلك، من غير المرجح أن يكون خصما سهلا وضعيفا في مواجهة فلاديمير بوتين الذي، يعتمد سياسة انتهاز الفرص البراغماتية، يدرك تمام الإدراك متى يمضي ومتى يتوقف، إذا كانت هناك مخاطر الاصطدام بجدار صلب وقاس.

 

وسيتأرجح البندول في عهد ترامب أيضا بعيدا عن سياسة التملق والاسترضاء التي انتهجها أوباما حيال الملالي في طهران. ومن غير المرجح أن يتابع ترامب نهج أوباما من كتابة خطابات المحبة إلى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، ناهيكم عن ذكر الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد.

 

وليس من المرجح لترامب أيضا أن يكرر أسلوب أوباما في أفلام «جيمس بوند» من تهريب الحقائب المثقلة بالأموال جوا عبر قبرص إلى الملالي في طهران في المساء.

 

وقد لا يحاول ترامب قلب نظام الحكم في إيران، والذي، على أي حال، ليس من شأن أي شخص باستثناء الشعب الإيراني ذاته. ولكن من غير المرجح أيضا أن يمد يد المساعدة للملالي، كما صنع أوباما خلال ما يقرب من ثماني سنوات، والخروج من شقوق آيديولوجيتهم العتيقة التي ظلت تقوض من أركان النظام الحاكم.

 

في السياق نفسه، من شأن البندول أن يتأرجح بعيدا أيضا عن التشدق بالإسلام، ودعم جماعة الإخوان المسلمين، وازدراء القوى المؤيدة للديمقراطية فيما يسمى العالم الإسلامي. ففي عام 2009. اتخذ أوباما جانب الملالي في مواجهة الشعب الإيراني، ثم في الاحتجاجات التي اندلعت على الصعيد الوطني.

 

وفي عام 2011، ساعد أوباما الإخوان المسلمين على اعتلاء سدة الحكم في القاهرة؛ مما أطاح بفرص القوى الإصلاحية والمؤيدة للديمقراطية في البلاد. وبرغم ذلك، ودائما مع الافتقار لشجاعة الإعراب عن القناعات المعلنة، عندما تغيرت موجة الحكم في مصر، تخلى أوباما تماما عن الإخوان وتركهم لمصيرهم.

 

قد يبدو ترامب مخيبا لآمال الكثيرين، بما في ذلك بعض من أشد مؤيديه. ولكن رئاسته للبلاد تقدم فرصة للولايات المتحدة لتغيير مسارها من الاتجاه الكارثي الذي اتخذه أوباما ومساعدوه.

 

المصدر/ الشرق الأوسط