دخل سليم غرفته، اخرج حاسوبه المحمول، فتح حسابه الوهمي على موقع facebook، دخل على صفحة (مثليي الضفة الغربية)، باحثاً عن رد على تعليق تركه تحت منشور لشخص يطلب من يشاركه قضاء ليلة ممتعة في مكان هادئ، رسالة انتظرها طويلاً يبدو انها قد وصلت اخيراً، هذا ما دل عليه شعار تلقي الرسائل الذي انعكس لونه الأحمر على شهوة سليم، كانت الرسالة باللغة الانجليزية، [انا من حبرون وانت؟]، حبرون !! عرف سليم ان صنارة رغبته تلقفها فم يهودي من جديد، شعر بشيء من الخوف، ولكن لهفته لليلة هادئة عصبت عينيه عن واقعه، تعليقات داخل الموقع تشي بأن جميع من هم هنا مسالمون، سواء كانوا عرباً ام يهوداً، ينبذون العنف والحرب والعنصرية السياسية والدينية، يبحثون عن اوقات للهو وليالي تذوب فيها الحواجز بين بني البشر من أجل متعة تباركها يد الانفتاح، رد سليم على الرسالة:
وأنا من حبرون .
دعنا نلتقي اذاً بأسرع وقت ممكن ما دمنا من نفس المدينة.
نفس المدينة، اكتسحت الرهبة سليم، لم يكتب حرفاً واحداً ليرد على من ينتظر جوابه، هل هما فعلاً أبناء مدينة واحدة يتساوون في الهواء والتراب، شهيدان سقطا صباحاً على الحاجز القريب وطُعن جندي اسرائيلي في نفس المكان، كيف له ان يتغاضى عن كل هذا من اجل دقائق من المتعة يلوذ من خلالها على رعشة جنسية رخيصة تنتفض فيها حواسه، وهذه المدينة تنتفض كل يوم على أشخاص يدعون بأنهم أيضاً أبنائها، في تخاريف توراتهم قالوا إن الخليل عاصمة مملكتهم الأولى… وها هي اليوم بدماء أبنائها الكنعانيين تقاتلهم لتمسح ما خطوه بأيديهم عن تاريخ يرفضهم… المدن يا سادة المجازر والتزوير لا تقتل أولادها بل تُقاتل بهم… فالشهداء خالدون في رحم الأرض والتاريخ… والغزاة مدفونين في فوهه بندقية...
صمتٌ وحلقٌ جاف ورعشة تهز جسد سليم.
وصلته رسالة جديدة:
لماذا لم يصلني ردك؟
انا ابن هذه المدينة أما انت لا.
انا ولدت هنا وانت كذلك، فهذه المدينه وحدها يحق لها ان تحتضننا بمتعة.
وكيف لي أن اراك؟
أنا اسكن في الدبويا، وانت أين تقيم؟
في تل رميدة.
نحن قريبين اذاً، دعنا نلتقي الليلة بجانب المقبرة.
هل تقصد تربة اليهود؟
نعم هناك، السادسة مساءً مناسب لك.
أين سنذهب؟
عندي مكان مناسب، نحن نملك بيتاً في مستوطنة كريات أربع، لا تخف انا اسمي ديفيد وسأترك لك رقم هاتفي حتى تتصل بي.
اغلق سليم حاسوبه وغرق في صمته، (ديفيد) اسم جديد زجه في صراع كبير داخل نفسه، خطوة جريئة لم يتوقع ان يقدم عليها مرة أخرى في يوم من الايام، أقام علاقة مع يهودي تعرف عليه بنفس الطريقة وما أن أخذ مبتغاه منه تركه وحيداً يلعن رغبته التي أذلته، هو لم يبحث يوماً عن الجنس بسبب ارتباكه من ميوله، كان يشبع رغباته سابقاً باكتفائه بمشاهدة الأفلام الاباحية وممارسة العادة السرية، ثم ظن أن تطوره ينحصر بإقامه علاقات متقطعه مع بعض الزملاء في الجامعة او العمل في العطل الصيفية، أما الآن أصبح يقترب من حدود خطرة ستُضاعف له العقاب ان اكتُشف أمره مستقبلاً.
لقد حزم سليم أمره يريد أن يذهب، ذهب مع يهودي بالسابق ولم يحصل له شيء، بما أن الكل في هذه البلاد اناثاً وذكوراً باتوا يبحثون عن المتعة فقط دون أي ضوابط فلما لا يكون مثلهم، لدى أصدقائه العديد من الصديقات من نفس المدينة يقضون ليال عبر الهاتف في صنع اللذة معاً، يرسلون صور اجسادهم العارية الى بعضهم البعض ليتشبعوا بها أثناء ممارسة العادة السرية، او يعرضون أجسادهم الرخيصة كالسلع تمهيداً للقاء يضمهم، ربما يكون اللقاء داخل سيارة او في ركن عمارة قيد الانشاء داخل السوق، والآخرون الذين يدعون التزامهم بشيء من الاخلاق لا يعرفون ضوابط للعلاقات ولا احتراماً لها، فيكون التلاعب بالمشاعر جزء من شريعة الفخر والاعتزاز.
في هذا الزمن الموبوء بكل شيء سيء، لن يضيره علاقة اقوم بها مع اسرائيلي، العديد من الشباب الفلسطينيون يقومون بما افعل مع فتيات اسرائيليات في اماكن عملهم واثناء الرحلات، سيرفضونني من اجل ميولي الجنسية سواءا كانت هذه العلاقة مع فلسطيني او اسرائيلي لذلك فإن الحياة فرص وعلي ان لا اخسر فرصتي.
نهض للغداء كي ينتهي منه باكراً ليوضب نفسه قبل الذهاب الى الموعد، نقل رقم ديفيد على هاتفه وارسل له رسالة (الساعة السادسة سأنتظرك عند نبع الماء في تل رميدة، لقائنا بين شجر الزيتون أفضل، ثم لا ترتدي الكباة أرجوك)، وخرج نحو طاولة الغذاء.
انتهى سليم من طعامه واسرع الى الحمام كي يستحم استعداداً لمتعته المرتقبة، تأنق ودهن العطر على جسده وخرج بعد أن اخبر والدته بمبيته خارج البيت هذه الليلة، كان خائفاً وهو يعبر المقبرة العربية نحو البستان التي تقع بها عين الماء، حياته في خطر اذا كان هناك مستوطنون يؤدون صلاتهم عند النبع، لن يتفهموا وجوده وربما يطلقون النار عليه بكل بساطة، وقف يراقب المكان من وراء شجرة زيتون ضخمة يعود عمرها لمئات السنين، شاب اسمر طويلٌ ممشوق الجسد يقترب من النبع وهو يبحث بعينيه عن شيء ما، لم يعرف سليم ان كان هذا الشاب هو ديفيد لأن حساباتهم المستعارة على مواقع التواصل الاجتماعية لا تحمل صورهم الحقيقية، خفق قلب سليم بشدة فهذه وجبة أشهى مما رسم في خياله، نادى من مكانه باسم ديفيد دون أن يظهر جسده فالتفت الشاب نحو الصوت، فخرج اليه متشوقاً مع شيء من الرهبة.
اقتربت السيارة من مستوطنة كريات اربع، انطلق صوت آذان المغرب من الحرم الابراهيمي الشريف عابراً الجبال والوديان لتركع المدينة خاشعة بين يدي السماء، يتسلل الصوت الى أذن سليم في السيارة التي كانت تعبر حاجز المستوطنة، اقترب ديفيد من سليم في الكرسي الخلفي قائلاً له متى سنرتاح من ازعاج صوت آذان صلاتكم، شعر سليم بضيق بددته قُبلة مباغتة من ديفيد على رقبته، ابعده سليم بيديه قائلاً اتفقنا من البداية ان لا نتدخل بالشؤون السياسية والدينية وان نكون خارج دائرة أي صراع عربي اسرائيلي في المنطقة ابتسم ديفيد قائلاً له: أنا آسف.
لم يخفي ديفيد اعجابه بسليم ذو البشرة البيضاء والعينين البنيتين وجسده الممشوق، قال له اعطني صورة عن هويتك كي أخرج لك تصريحاً لدخول اسرائيل، حضر نفسك لنقضي وقتاً ممتعاً في الجولان، أنا سأحجز الفندق، لا تقلق كل شيء سيكون على ما يرام فحضر نفسك لننطلق يوم الجمعة عصراً، هز سليم رأسه موافقاً فابتسم ديفيد واخرج سيجارة من الحشيش ناولها لسليم، بدأت السيارة تسبح في دخان من الخدر، دخلا بيت ديفيد، لم يتمالكا نفسيهما بدأ ديفيد بخلع ملابسه حال ما اغلق الباب وسليم رجفة لا زالت تسري بجسده من اثر المخدرات، وقف سليم مقابل ديفيد وبدأ بخلع ملابسه هو الآخر، هجم ديفيد كالذئب على جسد صديقه مفترسا كل قطعه لحم تقع تحت لسانه، فقد سليم توازنه وسقط على ظهره على الأرض، كان ديفيد ينتظر هذه العثرة حتى استقر بكامل جسده فوق سليم الذي اغمض عينيه كي لا تهرب اللذة منه، وما انا فتحهما على رعشة صديقه التي انتقلت اليه، حتى لا حظ ضوء احمر صغير في زاوية الغرفة، الضوء سرق جزءا من خدره، دقق جيدا في ملامح ذلك الجسم الصغير، التفت نحو ديفيد الذي استقر على ظهره يشعل سيجارة ليضاعف متعة اللحظة:
ماهذا الشيء يا ديفيد هل هي كاميرا؟...رد ديفيد وهو يتفرس وجه سيجارته المحترقة
نعم كاميرا.
وهل صورت كل ما جرى بيننا؟... مد ديفيد السيجارة نحو سليم وقال:
بالصوت والصورة.
وماذا ستفعل بهذا التسجيل؟
لا شيء، ربما احتاجه لاحقاً.
تحتاجه بماذا؟
لا عليك حبيبي كن مطيعاً ولن يراه احد، لا تنس بأنني أعجبت بك كثيرا.
نهض سليم بسرعة ارتدى ملابسه وفتح الباب وخرج راكضاً، وديفيد على الارض يضحك بطريقة هستيرية.