يبدو أن الأوضاع في سورية تتجه نحو الحسم ، و خاصة بعد انتصارات الجيش السوري و حلفاءه ايران و روسيا في اعادة حلب الى حضن الدولة السورية و اخراج المسلحين منها .
و مع تسارع الأحداث بالمنطقة من حلب الى انقره حتى برلين و موسكو يتبين أن الامور قد دخلت مرحلة الحسم و الارتدادات الحاصلة بالمحيط شبيهة بما يسمى رقصة الديك المذبوح بالنسبة لعصابات الأرهاب و الأجرام .
و الى جانب تسارع التطورات على الميدان أصبح واضحاً تبلور الحلف الروسي التركي الأيراني بعد اعلان موسكو بالأمس ، و في قراءة سريعه لهذا المؤتمر يبدو واضحاً التوجه التركي الجديد بعد خيانة الحليف الرئيسي لهم الولايات المتحدة و ثبات ضلوعها في المحاولة الأنقلابية الفاشلة الى جانب التخوف من العزلة بعد استلام ترامب مقاليد الحكم و توجههه لبناء علاقات جيدة مع الروس ، هذا طبعاً الى جانب المصالح الأقتصادية المشتركة مع روسيا و ربما ايران لاحقاً .
و من المستحيل في هذا الهامش الضيق الحديث عن الثورة السورية مالها و ما عليها ، و لكن من المؤكد أن قوى الظلام و التخلف و الاستبداد استغلت عطش الشعب السوري الى الحرية و الديمقراطية و حرفت مسار الثورة ليتحول بعدها المسار الى مشروع تدمير الدولة و الجيش و التاريخ و الحضارة لبلاد الشام عامة ممثلاً بسوريا .
و ما حصل بالكرك بالأمس و بعده في برلين و انقره و بالتأكيد ستحدث ردات أخرى لفلول هزمت و لاتعرف ماذا ستفعل سوى مزيداً من الأرهاب و القتل و الدمار قبل ما يتم سحقها و انهاء مشروعها التكفيري و الظلامي .
ومن الدلائل المهمة على فشل المخطط التدميري لسوريا طريقة تعامل الدول الاوروبية بالأمم المتحدة مع مشاريع القرارات الأخيرة و خاصة انها اصبحت تستشعر الخطر على أبوابها من ارتدادات محتملة ستُصيبها عاجلاً أم أجلاً .
إن الاتجاه الذي تسير به الأوضاع بسوريا اليوم بلا شك سيكون لهُ الاثر الأهم على مجمل خارطة الشرق الأوسط خاصة و العالم عامة و من المؤكد أن النتيجة النهائية لا تعطي الحق لأي طرف أن يُعلن انتصاره فالبلد بكافة مقدراتهِ دُمرت و الشعب أُنهك و تشرد و جاع و تعذب، والنظام بلا شك يتحمل جزء كبير من هذه المعاناة و كُلي أمل ان تُفضي هذهِ الحرب المدمرة لاحقاً الى مكتسبات للشعب السوري أهمها الحرية و الديمقراطية و الكرامة و المساواة .
و لكن مع كل ذلك من المؤكد أن هناك من انهزم و انفضح و انكشف امره و هي كل القوى دول و مؤسسات و افراد دعمت و سلحت المعارضة لتدمير البلد و تقسيمه و اعادة رسم خريطة المنطقة و لن تكون هذه الهزيمة مؤقته أو موضعيه بل اعتقد انها ستؤثر على كامل بُنية هذه البلدان التي تدعي دعم الديمقراطيه و الحرية و هي أبعد ما يكون من هذه المفاهيم في بلادها ، و من هنا فمن المهم محلياُ قراءة هذه المتغيرات التي اصبحت حتمية قبل ان يصلنا الأرتداد من الاعداء او الأصدقاء.