ضمانة المصالحة هي المصلحة الوطنية التي يلتزم بها الجميع
رام الله- خاص بالحدث
في لحظة وعي فارقة فاجأ طرفا الانقسام الفلسطيني الجميع بالتوقيع على ما اصطلح على تسميته بـ «بيان الشاطئ»، ما وضع كافة الأطراف الداخلية والخارجية في وجه الحائط، فتباينت المواقف بين مرحب ومشكك، داعم ومتصيّد، فضلاً عن موقف المحتل النقيض الذي راح يطلق العنان لتهديداته مرة عبر القرصنة على أموال الشعب الفلسطيني، ومرة عبر اتهام القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس بأن اختياره المصالحة مع حركة حماس، يعني عدم التفاوض مع الإسرائيليين. فكان الرد الفلسطيني واضحاً وصريحاً ومتقدماً بأن لا مقارنة بين العودة إلى الوحدة الوطنية وجلوس المفاوض الفلسطيني مع المحتل، سعياً لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وجاءت تصريحات رئيس كتلة حركة التحرير الوطني «فتح» الأخ عزام الأحمد رداً على التهديدات الإسرائيلية، الأكثر وضوحاً وتشدداً، بأن أي محاولة لتنفيذ هذه التهديدات الإسرائيلية، إنما ستواجَه برد فلسطيني غير متوقع، موضحاً أن القيادة الفلسطينية ما زالت تملك الكثير من الأوراق، وأنها لا تقبل بأي تدخل إسرائيلي في الشأن الفلسطيني الداخلي.
عن المصالحة وأفاقها، وتداعيات التهديدات الإسرائيلية والمواقف العربية والدولية، ذهبنا من جهتنا لطرح عديد الأسئلة المشروعة على طاولة السيد عزام الأحمد، وكعادته، بحسب قوله، ذهب يوجه حينا، وينتقد أحياناً أسلوب وأسئلة الصحافة والصحافيين، برغم تلك البسمة التي لم تفارق وجهه طيلة إجراء اللقاء.
س: ما هو الجديد الذي جاء به اتفاق الشاطئ عما سبقه من اتفاقات في القاهرة ومكة وصنعاء؟ وما الذي أعاق تنفيذ الاتفاقيات السابقة التي جرى التوقيع عليها؟ وما هي ضمانات تنفيذ هذا الاتفاق؟ وعلى ماذا تعولون؟
أولا أريد أن أوضح كلمة الاتفاقات، نحن لم نوقع إلا تفاقاً واحداً اسمه الورقة المصرية، وغيره لم نوقع أي اتفاق، اتفاق القاهرة الذي وقع من قبل حركة فتح في 2009/10/15 وقعته حماس وبقية الفصائل يوم 2011/4/23، رغم أن حرفاً واحداً لم يتغير في الورقة سوى سطرين، بعد أن وقعوا على الورقة التي كتب في مقدمتها شكر للرئيس مبارك وهو في السجن، لكون الورقة في الأصل وضعت في عهد الرئيس مبارك، وبعد سقوطه لم يتغير حرف في الورقة، لدرجة أنهم وقعوا على الشكر له وهو في السجن وانتبه المصريون بعد عدة أيام وطلبوا من الجميع إعادة التوقيع، فتأخر التوقيع بلا مبرر.
أما إعلان الدوحة الذي وقع عليه، فهو ليس اتفاق، بل سطران، جاء فيهما أن الرئيس محمود عباس سيكون رئيس الوزراء مع التأكيد على إجراء الانتخابات، واسمه إعلان وليس اتفاق، أما الأخير “اتفاق الشاطئ” ليس أكثر من بيان وليس اتفاقاً جديداً، وجاء للتأكيد على آليات تنفيذ وتوقيتات ما سبق ووقعنا عليه، هذا هو الجديد فقط.
أما فيما يخص ما سميته بالضمانات، ففي السياسة لا يوجد شيء اسمه ضمانات، ومعظم الذين يسألون أين الضمانات في داخلهم يعبرون عن عقلهم الباطني، لا يريدون اتفاقا ولا يريدون إنهاء الانقسام، غالبية من يبحث عن ضمانات هكذا يفكرون، وغالبية الذين يشيرون إلى الاتفاقات السابقة يفعلون ذلك لأنهم منزعجين وقلقين من إمكانية تنفيذ الاتفاق، وعليه فهم يعبرون عن ذلك بهذا الأسلوب، سواء كانوا من الفصائل أو الإعلاميين، بين الدول لا يوجد ضمانات، ما الضمان لتنفيذ 242، و1515، لا يوجد في السياسة شيء اسمه ضمانات، بل يوجد احترام التوقيع وهذه هي الضمانة، أنا برأيي ورغم هذا أقول إن الضمانة هي المصلحة الوطنية التي يلتزم بها الجميع.
س: هل فعلاً هنالك رغبة حقيقية في إتمام المصالحة هذه المرة، أم أننا يجب أن نستعد أيضاً للأسوأ، بأن يفشل الاتفاق هذه المرة؟
أول مرة أشعر أن هنالك إمكانية للتنفيذ هي هذه المرة، سابقاً لم أشعر بذلك رغم أنني كنت دائماً أدعوا للتفاؤل، والتفاؤل تعبير عن رغبة، دائماً المتفائل يعبر عن رغبته، تماماً مثل الطالب الذي يذهب للامتحان ويريد أن ينجح، لكن العكس لمن لا يريدون. لدي شعور أكثر من أي مرة مضت أن هنالك إمكانية لالتزام الجميع بتنفيذ الاتفاق.
س: ما هو شكل أو طبيعة تشكيلة الحكومة الفلسطينية المقبلة ومدتها؟ من سيرأسها؟ هل هو سيادة الرئيس محمود عباس؟ وهل سيكون له نائبين في الضفة وغزة؟ هل ستضم وزراء من لون سياسي واضح؟ هل هنالك أسماء تم تداولها؟
الحكومة ستكون حكومة مستقلين مهنيين وطنيين لا علاقة لهم بالعمل التنظيمي، لا من قريب ولا من بعيد، وإذا وجدنا هذه المواصفات يضاف عليها مواصفة أخرى لا علاقة لها بالسياسية يكون أفضل، ستكون حكومة كفاءات مهنيين مستقلين لا انتماء لهم لا من قريب ولا من بعيد، لا أنصار ولا أعضاء تنظيم لأي فصيل كان، سواء لفتح أو حماس أو بقية الفصائل، وإعلان الدوحة واضح في أن رئيس الوزراء هو الرئيس أبو مازن، لكن ربما الرئيس يكون لديه الرغبة ألا يرأس الحكومة هذا الأمر وذلك يُترك له شخصياً هو الذي يقرر فيه.
لم نتداول أسماء للحكومة إطلاقاً، ولكن ربما الأخ رامي الحمد الله يحظى بثقة الطرفين والجميع، وهذا ممكن ووارد، لكن حتى الآن لم يتم شيء في هذا الخصوص، وهذا كما قلت يخضع لقرار الرئيس أبو مازن.
س: هل ستنال الحكومة القادمة ثقة المجلس التشريعي؟ وهل سيستأنف المجلس التشريعي عمله بانتظام؟
حسب الاتفاق فإن الحكومة تُدلي فور تشكيلها أمام الرئيس، أي يعطي الرئيس الثقة للحكومة، والمجلس التشريعي سيدعى للاجتماع لاستئناف عمله بعد شهر من تشكيل الحكومة، وهذا يعني أن تكون الحكومة حصلت على ثقة الرئيس بسبب غياب المجلس التشريعي وأقسمت اليمين، ووفق القانون لا يجوز أن تقسم الحكومة اليمين قبل أن تحصل على الثقة، ولا يحق لها أن تبدأ العمل قبل أن تقسم اليمين، وتكون قد أقسمت اليمين وبدأت العمل قبل أن يعود المجلس التشريعي للعمل. ولا شأن لهذا بذاك؛ هكذا كان الاتفاق القديم.
وبما أن المجلس التشريعي غائب، كما حدث مع حكومتي فياض والحمد الله، بغياب المجلس التشريعي، تقسم الحكومة اليمين أمام الرئيس، أما المجلس التشريعي فعندما يعود للعمل فهو صاحب الولاية على نفسه، من حقه أن يمارس كافة مهامه في المستقبل بعد العودة.
س: الحكومة المقبلة، ما هي طبيعة مهامها الأساسيه؟
كأي حكومة عادية وفق كل الصلاحيات، واجبات الحكومة المنصوص عليها في القانون الأساسي هي واجبات يجب أن تقوم بها، إضافة إلى ذلك عليها عبء جديد، أن تعيد توحيد المؤسسات المدنية والأمنية في الضفة وغزة، وتعالج كل مظاهر الانقسام ونتائجه وما أكثرها! عليها أعباء كثيرة وأنا بتقديري ربما تحصل الانتخابات بعد ذلك، وتكون الحكومة لم تتمكن بعد من إنجاز ما هو مطلوب منها، لكن عليها أن تعمل ليل نهار وفق ما هو منصوص عليه في القانون الأساسي، إضافة إلى معالجة مظاهر الانقسام ونتائجه.
س: معالجة مظاهر الانقسام، هل من الممكن أن يساعد ذلك الحكومة؟ أم يمكن أن يعرقل جهود تشكيل الحكومة؟ هل كان يجب معالجة الانقسام قبلاً أم تشكيل الحكومة أولاً؟
يستحيل معالجة مظاهر الانقسام قبل تشكيل الحكومة، فمن يطالب بذلك كمن يضع الحصان أمام العربة وليس العكس، فالحكومة هي المعنية والقادرة، لن تعالج مظاهر الانقسام إلا في ظل إنهاء الانقسام، وبالتالي نحتاج إلى إمكانيات الحكومة، والفصائل كلها، وفق الاتفاق، مجندة لمساعدة الحكومة على القيام بأعبائها الثقيلة، أعانها الله.
س: هل ستكون حكومة «وظيفية» دون التدخل في الشأن السياسي؟ أم سيكون لها برنامج سياسي؟
إذا كان في الشكل الطبيعي، لا شأن للسلطة الوطنية الفلسطينية كلها بالسياسية، فلو كان هناك رئيس لمنظمة التحرير غير رئيس السلطة لمنعنا رئيس السلطة من التدخل في الشأن السياسي، لأنه ليس من صلاحياته، العمل السياسي فقط من صلاحيات منظمة التحرير.
س: هذا السؤال له علاقة بأن الخلاف بين طرفي الانقسام، كان أو سمي بخلاف سياسي في الأساس.
الخلاف مع “حماس” في الأصل كان موجوداً، والخلاف مع حماس لم يكن بخصوص الصلاحيات السياسية، حماس لن تكون نسخة كربونية عن فتح، وفتح لا يمكن أن تكون نسخة عن حماس، هناك خلافات واسعة، وفي إطار منظمة التحرير نبحث عن نتائج الحد الأدنى كما هي العادة، لكن حماس التي تتحمل مسؤولية الانقسام في ظل الاتفاق اكرر، قامت بعمل لم يشهد له التاريخ مثيلاً، فإن الأحزاب تجتهد وتختلف، لكن لا تقسم البلد، نحن كنا مع اتفاق أوسلوا بالسر والعلن، هم كانوا مع أوسلو بالعلن ولكن معادين ضده، وإلا فهم وكل اللذين عارضوا أوسلوا، إن كانوا معارضين حقيقيين لأوسلو فلماذا انخرطوا فيه؟ إذا كانوا هم معادين لأوسلوا، وليسوا معارضين، وهنالك فرق بين الجهتين، أليست السلطة وليدة أوسلو؟ إذن لماذا دخلوا فيها وكانوا قد رفضوا عام 1996 الدخول، هنا يكمن التناقض. الفرق أننا نحن في حركة فتح نقود الشعب الفلسطيني ونقود منظمة التحرير ونتحدث بمسؤولية، فمثلاً نتحدث عن المفاوضات وعن الكفاح المسلح بشفافية، لا نخدع أنفسنا ولا نخدع شعبنا الفلسطيني، لا فرق بيننا وبين حماس في هذا الموضوع، الفرق أننا سبقناهم بربع قرن في ممارسة الكفاح المسلح، هذا هو الفرق بيننا وبينهم، أما هم فعملوا هدنة، فيما نحن لم نعمل على الهدنة، ولكن نحن وضعنا الكفاح المسلح جانبا من أجل العمل السياسي لكن لم نسقطه، ولا وصفناه بالأعمال العدائية. أما هم فذهبوا إلى تهدئة مع الإسرائيليين عبر الرئيس محمد مرسي كما صاغته هيلاري كلينتون. وبالتالي أنا لا أقول إنه كان هناك خلاف سياسي بيننا.
س: هل تتوقع أن تصطدم الحكومة المقبلة بشروط الرباعية؟
الحكومة لا علاقة لها، نحن سنحميها في حال وقوع أي اصطدام مع أي جهة كانت، النظام السياسي الفلسطيني ممثلاً بشخص الرئيس محمود عباس هو المسؤول، وأنا أستبعد أن يكون هناك أي اصطدام مع المجتمع الدولي وتحديداً مع الرباعية، أولاً الاتحاد الأوروبي من الأطراف الرباعية وهو يؤيد الاتفاق الذي تم وهو مع إنهاء الانقسام منذ بدايته، وروسيا في الرباعية، حتى لك أن ترى كيف اجتمع نائب وزير الخارجية الروسية مع خالد مشعل ووفد من حماس في الدوحة بالأمس القريب وأعلن تأييده للمصالحة، كما ذكر في الصحافة الفلسطينية وغيرها اليوم، وصدر بيان رسمي بتأيد روسيا، والأمم المتحدة كذلك تؤيد، إذن أنا أقول أنْ لا خلاف مع الرباعية، لكن الخلاف قد يكون مع الولايات المتحدة وأعتقد أنه لن يكون هناك صدام معها، لأنها تدرك أننا أصحاب إرداة وليس من حقها أن تفرض علينا مفاهيمها.
س: في هذا السياق أنتم هددتم، وأنت تحديداً من هدد إسرائيل، بأننا نملك ما يرد على تهديداتها بشأن المصالحة؟
أنالم أهدد، ولكن رددت على التهديد مثل غيري في القيادة، إسرائيل هددتنا ونحن نرفض تدخلها في الشأن الفلسطيني الداخلي. قالوا سيقطعون المساعدات عنا ويريدون العلاقات فقط حول المفاوضات والتنسيق الأمني، فقلنا لهم، وهذا ما قلته أنا: إما علاقات الند للند أو لا داعي لهذه العلاقات كلها إذا حجزوا أموالنا.. هذه أموالنا، وحجزها قرصنة، والذي يحترم نفسه لا يقيم علاقات مع قراصنة.
س: ما هي الإجراءات التي يمكن أن نتخذها في هكذا موقف؟
ممكن أن نقطع كل أشكال العلاقة مع إسرائيل، ونستمر في نضالنا من أجل إنهاء الاحتلال.
س: تعني أننا يمكن أن نذهب إلى حل السلطة؟
لا يوجد شيء اسمه حل السلطة في القاموس، لا يوجد في التاريخ شيء اسمه السلطة تحل نفسها. لكن مشكلتنا أن إعلاميينا لا يفهمون، أحياناً، الرئيس عندما يتحدث في هذا الأمر.. هم يذهبون للقول إنه تحدث عن حل السلطة، والرئيس لم يقل بحل السلطة، ولكنه يقول نحن تحت احتلال، هو يتحرك بإذن إسرائيل بسبب الاحتلال، نحن نعيش هنا بإذن إسرائيل، ولكن أنا سيد نفسي في وطني، لذلك نحن نقول إن إسرائيل عليها ألا تتدخل في شؤوننا، وبالتالي إذا حجزت أموالنا وضايقتنا، فنحن لا علاقة لنا بدولة الاحتلال وسنستمر في المقاومة الشعبية والتوجه نحو مؤسسات الأمم المتحدة، والتحرك في أوساط المجتمع الدولي لتجنيده في إنهاء الاحتلال.
س: هل يمكن أن نفكر باتجاه العودة إلى المقاومة المسلحة؟
هذه لا تأتي بقرارت لكن طبيعة الصراع والظروف هي من تولد نوعه، الفيتناميون قبل أن يستأنفوا الثورة، قاموا خلال ثلاث سنوات بشيء اسمه الدعاية المسلحة، يدخلون القرى والمزارع وسط الفلاحين مسلحين بالزي العسكري، ويغادرون دون إطلاق طلقة واحدة، هم أرادوا خلق رأي عام، وحركة فتح منذ عام 1958 إلى عام 1965 وهي تحضر وعندما جاء الوقت المناسب قررت، ونحن الآن مازلنا نترك للعمل السياسي فرصته الكاملة، وعلى المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة التي تهيمن على القرار الدولي أن تتحمل مسؤولياتها، فأي انتكاسة وعودة إلى دائرة العنف، سيكون السبب فيها الطرفان وسيكون القرار قد اتخذ من قبل الطريفين للعودة إلى دائرة العنف، إسرائيل أولاً وأميركا ثانياً.
س: هل نقول عنفٌ أم مقاومة؟ وهي مقاومة حقة ومحقة؟
العنف أشكال متعددة، ولكني أستخدم التعبير الذي يستخدمونه، فإن المقاومة المسلحة والسلمية والعمل النضالي والعمل الدبلوماسي، كلها شكل من أشكال المقاومة المشروعة وفق ميثاق الأمم المتحدة من أجل التخلص من الاحتلال. ودائماً حركات التحرير تختار التوقيت المناسب لاستخدام كل أسلوب.
وبالمناسبة، إن انتفاضة الأقصى التي تواجه انتقادات كثيرة من كثير من الفلسطينيين لأنها استخدمت السلاح، أنا برأيي أن الذي قرر استخدام السلاح في الانتفاضة هي إسرائيل وليس نحن، حينما سقط أكثر من 80 شهيداً فلسطينياً بالرصاص الإسرائيلي قبل أن تطلق رصاصة فلسطينية واحدة.
س: بالعودة للاتفاق، ينص اتفاق الشاطئ على أن تجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني خلال فترة 6 أشهر من تشكيل الحكومة القادمة، وهذه العبارة فضفاضة هل هنالك تصور واضح وتصور زمني لإجراء هذه الانتخابات؟
الاتفاق فضفاض جداً، وهو يقول تخويل الرئيس بتحديد موعد الانتخابات على ألا يكون ذلك قبل 6 أشهر، أي بعد 6 أشهر يجوز وليس قبل ذلك، لا يوجد جداول، كل شيء في وقته، لا يوجد دولة تعلن عن انتخابات قبل سنة و6 اشهر، القانون عندنا قبل ثلاثة أشهر من الموعد يجب أن تعلن، لأن الانتخابات أمامها أيضا عقبات أهمها السياسية، انتخابات ماذا سنجري؟ انتخابات سلطة وطنية، سلطة الحكم الذاتي المحدود في ظل الاحتلال؟ أم انتخابات دولة تحت الاحتلال؟ لذلك الرئيس أبو مازن في كلمته في المركزية طرح هذا السؤال وطلب من الجميع أن يجيبوا عليه؟ لتفتح حوارات للإجابة على هذا السؤال، أنا من دعاة -أعتقد الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني - تريد انتخابات دولة تحت الاحتلال، وبالتالي علينا أن ندرس الواقع.
انتخابات سلطة، الغالبية لا تريدها لا رئيس سلطة ولا مجلس تشريعي للسلطة، نحن نريد انتخابات رئيس دولة حتى لو كانت تحت الاحتلال، وبرلمان تأسيسي للدولة، ومجلس وطني أيضاً. نحن ندرس ذلك.
أيضاً ما دمنا تحت الاحتلال هناك أطراف شركاء لنا في القرار، بل أقوى منا في القرار، وهي إسرائيل، هل ستضع عراقيل أمامنا؟ وبإمكانها وضع عراقيل ليس فقط في القدس بل حتى هنا في رام الله، إجراء الانتخابات في ظل احتلال باستثناء المرة الأولى كانت خطيئة، وبتقديري لولا استشهاد الرئيس ياسر عرفات ما أجرينا انتخابات مرة أخرى.
س: في سياق السلطة والدولة، ألا يعتبر أننا تخطينا هذا الأمر باعتراف الأمم المتحدة بنا دولة غير كاملة العضوية؟
نحن بسبب هذا القرار نقول نريد انتخابات دولة، ففي مفهوم الدول هناك دولتان، دولة مستقلة وأخرى تحت الاحتلال، الآن نحن معترف بنا دولة تحت الاحتلال.
س: إذن لماذا يجري التفكير في موضوع «انتخابات سلطة أم دولة»؟
إذن لنتفق أنا والحدث، أن الأفضل لنا اليوم انتخابات دولة.
س: العقبة الثالثة وهي لربما الأكثر صعوبة، هي كيف يمكن لنا اجراء انتخابات المجلس الوطني في الداخل والخارج في ظل الأوضاع العربية المتوترة في المنطقة؟
الانتخابات كلها في الداخل والخارج تواجه صعوبات، وبالنسبة للمجلس الوطني كان هناك بعد نظر للقيادة السياسية الفلسطينية من البداية قالت بالانتخاب حيثما أمكن ذلك، وبالتوافق حيثما لا يمكن، في الأردن يوجد اتفاق بأن الأردن لن تجري فيه انتخابات لأسباب سياسية. أجمعنا جميعاً وقررنا عدم إجراء انتخابات في الأردن، والبقية أي دولة تسمح لنا وبتقديري كلمة السماح تواجهنا في الدول العربية، أما الدول الأجنبية برأيي سيوافقون لنا (مثل أميركا، وأميركا اللاتينية، وألمانيا). وعليه ستجرى الإنتخابات بكلام دقيق وواضح حيثما أمكن ذلك.
س: زيارة الرئيس محمود عباس الأخيرة إلى قطر، ماذا كان هدفها؟ هل كان هو تجنيد الدعم المالي والمعنوي لتحقيق المصالحة؟ وماذا عن لقائه بمشعل؟
زيارة الرئيس لقطر، هي زيارة شخصية بحتة وتقرر لأسباب شخصية عائلية، ومن الطبيعي أن يلتقي أمير قطر والمسؤولين القطريين وعلى هامش الزيارة التقى خالد مشعل. أما أساس الزيارة فهو شخصي.
س: هنالك ما يقارب 160 ألف موظف يتقاضون رواتبهم من خزينة السلطة وفاتورة الرواتب تجاوزت 2 مليار دولار، وهنالك 40,000 موظف يتقاضون رواتبهم من الحكومة المقالة بغزة، كيف سيتم التعامل مع هذا الملف وتبعاته؟
وفق الاتفاق الذي تم في القاهرة، هناك لجنة قانونية إدارية تشكلها الحكومة تدرس أوضاع الموظفين والمؤسسات وحاجة المؤسسات وأوضاع الموظفين ومؤهلاتهم، لا يعنينا موظفين من فتح أو حماس أو شعبية، ليس هكذا الدول تدار وبالتالي سيكون الموظفون وفق احتياجات السلطة.
س: الاتفاقات السابقة لم تقدم رؤية واضحة بشأن الملف الأمني والأجهزة الأمنية، إلى أين وصل هذا الملف وما الجديد بهذا الخصوص؟
بخصوص الأجهزة الأمنية، سيكون الوضع وفق الورقة المصرية، الحكومة ستعالج مظاهر الانقسام وتعيد الأمور إلى ما كانت عليه، في ضوء تطورات ما حدث خلال الـ7 سنوات من القوانين والأنظمة الفلسطينية، العمل في الأجهزة الأمنية يتم وفق قانون الأجهزة الأمنية وليس وفق رغبات فتح وحماس أو أي فصيل آخر، يوجد قانون، والورقة المصرية عالجت هذه المسألة وفق القانون الفلسطيني.
س: حكومة حماس أعلنت أنها أفرجت عن عدد من المعتقلين من أعضاء حركة فتح استجابة لتوصيات لجنة الحريات، وتنفيذاً لاتفاق الشاطئ، هل هناك إجراءات ستتخذ في الضفة بهذا الخصوص، وإلى أين وصل ملف المصالحة المجتمعية والحريات العامة في الضفة الغربية وغزة؟
هناك فرق بين الجهتين، هنا سلطة وقانون وحكومة وقضاء، أي اعتقال محرم إلا وفق القانون، لا يوجد تبادل، نحن لا نعترف بوجود حكومة في غزة، بل فئة متمردة عن السلطة احتجزت مواطنين، وبالتالي المسألة ليست تبادلية، لكن في المستقبل والآن لن يكون هناك اعتقال لأحد إلا وفق القانون، إذا كان هنالك معتقلين لحركة حماس، فهنالك أيضا معتقلين لفتح في الضفة وكذلك للشعبية أليس كذلك؟ وبالتالي كل شيء وفق القانون، والرئيس أبو مازن دائماً يؤكد: الالتزام بالقانون يحمي المواطن من المحاسبة. والمصالحة المجتمعية أيضاً ستحتاج إلى وقت وإمكانيات مالية ضخمة لأنها ستعالج المشاكل والثأر بين العائلات التي سقط لها ضحايا في الاقتتال، هناك تعويضات ستدفع لبيوت دمرت، وممتلكات نهبت، لجرحى، لمعاقين، كل هذا يحتاج إلى إمكانيات كبيرة وتقديري يحتاج إلى وقت، ولكن عمل اللجنة استؤنف ونأمل أن يلاقي كل الدعم المالي والفني من أشقائنا العرب لكي نتخطى هذه المسألة.
س: فيما يخص حصار غزة، البعض يقول بأن الحصار، حصار مركب من جهة إسرائيل، ومن جهة أخرى بسبب الخلاف بين حركة حماس من جهة ومصر، هل سيساهم هذا الاتفاق في فك الحصار عن قطاع غزة ؟
مصر لم تفرض يوماً حصاراً على غزة، إسرائيل هي التي تحاصر غزة وهذا يؤكد أكذوبة الذين خدعوا أنفسهم أن غزة حررت، إذا كانت قد حررت كيف تحاصر، أليس هذا خداع للناس؟ إسرائيل حاولت أن تدفع قطاع غزة في وجه مصر، ومصر كانت أذكى من ذلك بكثير منذ مبارك وبعد مبارك وإلى الآن، ولذلك نحن مع ألا ترمى غزة في وجه مصر، معبر رفح للأشخاص وليس للبضائع، غزة تحت الاحتلال مثلها مثل الضفة الغربية والبضائع تتدفق لها عبر الموانئ الإسرائيلية والمعابر بين إسرائيل وغزة. إسرائيل عليها أن تلتزم بالأنظمة والقوانين الدولية لا أن تمارس الحصار على غزة.
أما حول الأزمة بين حماس ومصر، بسبب ارتباط حماس التنظيمي مع حركة الإخوان المسلمين، فمصر جابهت ذلك بهدم الأنفاق ونحن مع هدم الأنفاق، وحتى أهل غزة مع هدم الأنفاق، لأنها تحولت لتجارة على حساب دم أهلنا في غزة، وعلى حساب رجال الأعمال والعاملين في هذا القطاع بعيداً لصالح فئة معينة من تجار الأنفاق. وعليه فإن مصر لا تتعامل مع أحزاب بل تتعامل مع سلطة وهي لا تعترف أن هنالك سلطة وحكومة في غزة، وكذلك كل الدول العربية لا تعترف بوجود حكومة في غزة، بما في ذلك الدول التي كانت تدعم غزة لا تعترف رسمياً بهم، ولا أي دولة في العالم، مصر بعد إنهاء الانقسام سيكون الأمر سهل عليها وعلينا في معالجة أي مشاكل، كدولة مع دولة وليس مع أحزاب.
س: هل هنالك تصور واضح بشأن إدارة المعابر، والحديث هنا عن معبر رفح وإدارته بعد الاتفاق؟
لا يوجد نص حول مسألة عودة السلطة إلى المعابر، لأن الموضوع لا يحتاج إلى نص، فكل ما هو في غزة يصبح تحت سيادة السلطة وأجهزتها وقوانييها وأنظمتها، هذا معنى إنهاء الانقسام، وبالتالي المعابر وغيرها تصبح تحت سلطة الحكومة الفلسطينية الموحدة الواحدة، وتدار وفق القانون.
س: السؤال الأخير لعزام الأحمد المسؤول والمواطن، ماذا يقول للجميع؛ ساسة وعامة؟
أقول: على الشعب الفلسطيني أن يكون حذراً أمام استمرار الحرب النفسية التي تشن عليه بأبشع صورها، فلم تشهد أي دولة في العالم حرباً نفسية مثل التي تشن على الشعب الفلسطيني لخلق حالة اليأس داخله، من إمكانية التخلص من الاحتلال والانقسام، لخلق حالة يأس، ليكون قصير النفس ويلتفت إلى قضايا تافهة تبعده عن همومه الوطنية، كل أموال الوطنية لا تساوي شيئاً أمام كرامة الشعوب، كل أموال المانحين لا تساوي شجرة زيتون واحدة في أرض فلسطين، إياكم والخديعة تصدوا لكل من يشن الحرب النفسية عليكم، لا تغريكم الأموال السياسية المشبوهة، تصدوا لكل من يضع العراقيل أمام إنهاء الانقسام.
وللإعلاميين اجعلوا ولاءكم والتزامكم أولاً لوطنكم، قبل من يعطيكم الراتب، وظفوا أقلامكم لخدمة الوطن ورفع درجة الوعي فيه، ولا تكونوا أدوات للإحباط وبث الإشاعات.