"المثقّفون" مثل نساء الحاراتِ
يجتمعون فقط من أجل رواية الحكايات التّافهةْ
يؤلّـفون الإشاعاتْ
ويحقدون على الجَمالْ
لا يناصرون المرأة والإنسانَ والحقّ في الرّأيِ
فقط، يتسلّقون جثث القتلى ويقتتلونْ
ويقرأون اللّا شعورْ
ويطفئون المصابيح اللّامعةَ الجديدةْ
"المثقّفون" يحيون في غابة صنعوها بأيديهم
وصاروا ذئابها
كلّ شيءٍ ينهشون
الوردةَ والقصيدةَ
شجْرةَ عيد الميلاد
وصوت فيروز الصّباحْ
رموا الشّمس بالبهتانِ
أسخطوا اللهَ في عليائه لأنّهم "كفرةْ"!
ليسوا ملحدين فقط
بل إنّهم "مَرَدَةْ"
"المثقّفون" مرض عضالْ
مزدحمون في المقهى
لا يعرفون الحبّْ
ولا طقوس شرب كأسٍ من نبيذْ
يشعلون حشائشاً على الطُّرقات
ويكتبون بعقلِ قبائلٍ متوحّشة
بفحمِ أمّيٍّ على سطر الغبارْ
لا يتقنون قواعد الإملاء والنّحو والصَّرفِ
أو بعضَ شيءٍ من مجازْ
فقط، كلّ ما يعرفون الصّرف الصّحيَّ و"المصرفْ"!
"المثقّفون"
فقراء هذا العصرِ احتلاليّون محتلّون
يأكلون ما قد يعبدونْ
ويشربون ما لا يعصرون
ويدخّنون بـ "الغليونْ"
ويربّون الذُّباب في أصواتهم
ويطلقون أفواجا لتحتلّ الفضاء الدّاخليّ
متقوقعون مثل "القوقعةْ"
ويلطّخون السَّحاب بأبخرة الحطبْ
ويُفْرِغون براءة الفجر الطُّفوليّ الوليدَ من الضّياءْ
ويرسمون جنازة للصّبحْ
يعيدون اللّيالي إلى فُسَحِ النَّهارْ!
"المثقّفون" لا يعرفون الشّياطين
وليسوا صحبة للوحي أو ملائكة السّماءْ
غادروا الطّين البدائيَّ وصاروا عالما آخرْ
لا يشبهون اللهْ
يخلقون أنفسهم بعد كلّ عدمْ
على شكلٍ عدمْ
ويخلّفون روائح طهيهم على أجسادهم في صخب المدينةِ الصّحفيّ
ملائكة لا غيرَ في الشّاشاتِ أو كتب المطابع
"المثقّفون" منزعجون منّي الآن
سيطلقون كلاب كلامهم لتنبحني في المحافلِ كلّها
سيجترّون قصيدتي هذهْ
ويقطعون أوصالي
وينتقمونْ
يصفونني بالنّكرةْ
مع أنّهم لا يعرفون الفرق بين معرفةٍ لغويّة أو نكرةْ!
سيطردونني من رحمة القصّاب نحو المجزرةْ!
ويحتفلون بآخر ما تناقلته الصُّحف الصّفراء عن مرض عصابيٍّ
لأشلاء الثّقافةْ!
أو…
ربما لا يحفلون بي من باب البلادة الأدبيّة طبعاً!