إنه الإعلام السياسي وهو يشبه القنبلة النووية التي فتكت بالشعب الياباني، وتهدد البشرية بالدمار الشامل. هل نغالي بهذا القول؛ أم لدينا شواهد ملموسة على ما ندعي؟!
ليس بحثا في تاريخ الإعلام وبتطوره وقدراته الهائلة في التأثير، ولكن وكما نسمع ونقرأ ومن الوثائق التي تحدثت عن دور رجل الإعلام الالماني النازي "غوبلز" الذي رافق "هتلر" في حروبه التي شنها على اوروبا ما يشير إلى الأثر الذي تركه على سير المعارك والتأثيرات النفسية التي استخدمها في تلك الحروب المريعة. لم ينتبه أحد ممن عاصروا تلك الحروب إلى تلك الآثار العميقة للتضليل الإعلامي –آنذاك - إلا بعدما استسلمت المانيا النازية إلى الحلفاء، ومنهم الدولة السوفياتية.
في منطقتنا نستذكر الدعاية الإعلامية التي اشرفت عليها الاستخبارات الامريكية (وتوسعت تأثيراتها نحو كل مناطق نفوذها في كل العالم)، وذلك اثناء الاحتلال العراقي لدولة الكويت في آب 1990، حيث نشرت وسائل الإعلام الامريكية ادعاءات عن احتلال القوات العراقية لمستشفيات في الكويت وبأنها قامت بقطع الكهرباء عن حاضنات الأطفال (وتسببت بموت الأطفال) وقد استخدموا لتلك الغاية الإعلامية الكاذبة، صورا من التأثيرات بما فيها احضار شاهد من الأطفال إلى مبنى الكونغريس وأمام شاشات التلفزيون العالمية... لقد كانت الدعاية القائمة على استثارة إنسانية العالم إحدى الوسائل التي غطت على العدوان الامريكي الأول على العراق في شهر يناير من العام التالي. المحاولات الامريكية ضد العراق لم تتوقف حتى بعد اجبار القوات العراقية على الانسحاب من الكويت، ولكنها استخدمت وسائل دعاوية أشد مكراً وخطورة تمهيداً للعدوان القادم (آنذاك) وهي الادعاء بامتلاك العراق اسلحة نووية وجرثومية؛ الأمر الذي ثبت أنه كذب مطلق (رغم أن الإعلام العراقي الرسمي كان يتبجح بالقول إنه يمتلك ما يمكن أن يدمر به إسرائيل)؛ لكن تلك الدعايات الكاذبة كانت قد اعطت مفاعيلها في العام 2003 وما زالت العراق تعاني نتائج ذلك الاحتلال حتى اليوم !!.
الأمر ذاته استخدم في العدوان الارهابي العالمي على سوريا؛ مستغلاً بؤس الإعلام السوري الشمولي، ومستعيناً بكل آليات وتكنولوجيا الإعلام التضليلي ذو المليارات من الأرصدة وبالضخ المتواصل وتكرار مقولات كاذبة عن البراميل المتفجرة واستخدام عبارات مكررة مثل "نظام قاتل شعبه" ووصلت الأمور إلى اختراع افلام ومشاهد لقتلى عادوا للحياه بعد إخراج الأفلام المخترعة، كل ذلك ترافق مع اعمال اجرامية مثل تفجير مدارس للاطفال في حمص واللاذقية، والهدف هو باقناع العالم بأن الخلاص من "بشار" سوف يفتح أبواب السعادة للشعب السوري.
حرب إعلامية اعمت ابصار البعض عن معرفة حقيقة المؤامرة وإلى أي اتجاهات كانت ذاهبة، والبعض يعرف أنها كانت ذاهبة نحو تقسيم سوريا طائفيا وانهاء دورها الإقليمي وصراعها مع إسرائيل وإنهاء جبهة المقاومة للمشاريع التصفوية والاستسلام، وهذا ما عبر عنه بعض أطراف ما يسمى بالمعارضة من وعود للمصالحة مع إسرائيل وأنهاء عقود العداء معها – كما قالوا - .
الصراع في سوريا والعراق لم ينته وكذلك الأمر في ليبيا واليمن، ولكن الواضح من كل ما يدور أن معركة الإعلام، وبالأصح التضليل الإعلامي لم يتوقف وسوف يخترع في كل يوم افلاما جديدة وقصصا مخترعة ودعايات لم يفعل مثلها "غوبلز" ذلك الضابط النازي والذي يرتبط اسمة بالإجرام والكذب، والماكنة تدور والمليارات تنفق على حساب الشعوب وعلى حساب دماء الابرياء أو المضللين؟!