الحدث- محمد غفري
يبدو أن الستار قد أسدل على قضية النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي عن القائمة المشتركة باسل غطاس، بعد أن افرجت عنه محكمة الاحتلال، اليوم الثلاثاء، بعد أن أحالته للاعتقال المنزلي 10 أيام وبكفالة مالية وصلت إلى 50 ألف شيقل.
منذ البداية سارت الأحداث بشكل متسارع يوماً بعد يوم، حيث اتهمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي النائب غطاس في البداية بتهريب مغلفات تحتوي بداخلها أجهزة هواتف خليوية ورسائل مشفرة إلى الأسيرين وليد دقة وباسل البزرة، خلال زيارة قام بها إليهما في سجون الاحتلال.
وبعد جولات من التحقيقات، تم رفع الحصانة الدبلوماسية عن غطاس، وبعدها تم عرضه مرات عدة على المحاكم، ها هو النائب العربي يتنفس عبير الحرية مجدداً، في وقت أبقت فيه سلطات الاحتلال خلفه على الأسيرين وليد دقة وباسل العزة مقيدين داخل زنزانة الحبس الإنفرادي.
الشرطة الإسرائيلية قامت بالتحقيق في وقت سابق مع الأسيرين وليد دقة وباسل البزرة، بشبهة حصولهما على المغلف الذي يحوي هواتف خليوية ومن ثم تم عزلهما.
وفي ساعات متأخرة، أمس الاثنين، اعتقلت شرطة الاحتلال الإسرائيلية، أسعد دقة من باقة الغربية، وهو شقيق الأسير وليد دقة، حيث تشتبه أنه الشخص الذي قام بتسليم النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة، باسل غطاس المغلف الذي يحوي على هواتف خليوية، بحسب مزاعم الشرطة.
منذ بداية القضية التي انتهت في غمار نحو أسبوع، برز اسم الأسير وليد دقة بشكل لافت في القضية، فهو من أقدم الأسرى الفلسطينيين، ولديه من القصص داخل السجون ما لا يعرفه الكثيرون عنه.
من هو الأسير وليد دقة؟
الأسير وليد دقة من مدينة باقة الغربية في الداخل المحتل، دخل يوم الجمعة 25 أذار/ مارس من العام الجاري، عامه الـ 31 في سجون الاحتلال الإسرائيلية، وهو من ضمن 30 أسيرا اُعتقلوا قبل اتفاق أوسلو، وترفض إسرائيل الإفراج عنهم.
فقد الأسير وليد دقة المحكوم بالسجن المؤبد، والده وهو في الأسر، واستطاع أن يكمل تعليمه، وواصل الكتابة في شتى المجالات، علما بأن له ثلاث أخوات وستة أخوة وقد ارتبط 1999م بسناء سلامة.
وحكم دقة بالسجن المؤبد مدى الحياة بعد إدانته ورفاقه إبراهيم ورشدي أبو مخ وإبراهيم بيادسة بالعضوية في خلية نفذت عملية خطف وقتل الجندي الإسرائيلي موشي تمام في العام 1984.
ويعد من الأسرى القلائل الذين اكتسبوا خبرات واسعة في القضايا التنظيمية والاعتقالية والحياة الأسيرة، ويمتلك قدرات ثقافية عالية وقد واصل تحصيله الأكاديمي في المعتقل، وحصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية، وشارك وقاد الكثير من المعارك النضالية التي خاضتها الحركة الأسيرة دفاعاً عن منجزاتها ومكتسباتها.
وفي ضوء التطورات السياسية الحاصلة على الساحة الفلسطينية، وتحديداً ما بعد مرحلة أوسلو، وما أفرزته من وقائع سياسية جديدة، اختار الأسير وليد دقة أن يكون عضواً في التجمع الوطني الديمقراطي، وقد انتخب غيابياً عضواً في اللجنة المركزية للتجمع في حينه، وهو يعتبر من الكتاب المتمرسين في المقالة السياسية ومن محبي المطالعة والرياضة.
واقترن اسم الأسير وليد دقة بمسرحية "الزمن الموازي" وهي مستوحاة من تجربته في الأسر.
قصة زواج وليد من سناء
تعرّف الأسير وليد دقة على زوجته عام 1996، حيث زارته في سجنه لتكتب عن الأسرى ومعاناتهم كونها كانت تكتب لصحيفة الصبّار والتي تصدر في مدينة يافا، عقدا قرانهما في يوم 10/8/1999 وقد تقدما بطلب لعقد القران في السجن، وأن يسمحوا لعائلتيهما إضافة لاثنين وعشرين أسيرا من أصدقاء وليد في المشاركة وأيضاً السماح بتصوير فيديو وصور عادية، والسماح بسماع موسيقى كأي عقد قرآن عادي.
في البداية رفضت إدارة السجون كل طلباتهما ولكنها بعد ذلك وافقت على كل الطلبات باستثناء السماح لـ 9 أسرى فقط بالمشاركة، وليس 22 كما طلب وليد، وفعلاً تم عقد القران داخل السجن والذي شكل سابقة في تاريخ الحركة الأسيرة كلها.
الأسير دقة طالب بالإنجاب ولكن ..
طالب الأسير وليد دقة من سلطات السجون الإسرائيلية السماح له بإنجاب الأطفال منذ عام 2004 إلاّ أن سلطات السجون رفضت ذلك بحجة أنه مصنف أمنيًا وأن لقاء زوجته عن قرب سيشكل ضررًا على أمن الدولة.
في شهر تموز 2008 التمس إلى المحكمّة في مدينة الناصرة لإلغاء قرار سلطة السجن، والسماح له بإنجاب الأطفال إلا أن المحكمة المركزية رفضت التماسه بتاريخ 21/9/2009 فتقدم بعد هذا الرفض بالتماس إلى المحكمة العليا في مدينة القدس وحتى الآن لم ترد المحكمة العليا على التماسه.
لماذا لم يفرج عنه في صفقات التبادل؟
ترفض سلطات الاحتلال الإسرائيلية الإفراج عن الأسير وليد دقة بعمليات تبادل الأسرى التي جرت بعد اعتقاله، كما ورفضت أي حديث عنه وعن أسرى من الداخل الفلسطيني من قبل المفاوض الفلسطيني وبالتالي تجاوزته افراجات العملية السلمية، كما ورفض الاحتلال تحديد حكم المؤبد له وأبقته حكما مدى الحياة مما يعني أن حكمه هو 99 عاما ويوماً واحدا، بادعاء أنه يشكل خطراً على أمن الكيان.
الاحتلال يرفض تحديد مدة المؤبد له
في عام 2006 قدم وليد طلبا إلى رئيس هيئة أركان الجيش في حينه "دان حالوتس"، ضد الحكم الذي صدر بحقه في المحكمة العسكرية في اللد، وقد ادعى حالوتس أنه اطلع على كافة جوانب الملف، وقرر رفض تحديد عقوبة السجن المؤبد، بعد هذا القرار توجه وليد باستئناف إلى المحكمة العليا ضد قرار حالوتس، وتأجل صدور القرار في العليا عدة مرات، حتى 7/10/2008، حيث قررت المحكمة استنادا إلى رفض حالوتس، أن ترفض الاستئناف بدورها، واقترحت رئيسة المحكمة في حينه دوريت بينيش على محامي الأسير دقة سحب الاستئناف، وذلك حتى لا يصدر قرار برفضه ولكي تبقى الفرصة القضائية متاحة لتقديمه في ظروف مغايرة.