الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

شرق أوسط داعشي/ بقلم: رامي مهداوي

2017-01-02 12:43:46 PM
شرق أوسط داعشي/ بقلم: رامي مهداوي
رامي مهداوي


إن تتبع الأحداث الأخيرة التي حصلت، وبالأخص في محافظة الكرك في الأردن، وفي مدينة القاهرة في مصر، تقدّم لنا مؤشرا عن تدهور الأوضاع في المنطقة العربية. فأصبح الإنسان العربي بغض النظر عن دينه ولونه وجنسيته مستهدفا بأشكال مختلفة، إما في وطنه أو خارجه، من قبل الجماعات مثل داعش، وجبهة النصرة، ودامل، وأنصار الشريعة، والجماعة الإسلامية، وأنصار بيت المقدس، وجنود الرب، والتكفير والهجرة، وجماعة محبي الآلام. 


 بالتالي، فإن قراءة هذا المشهد لا يجب أن تتم بشكل قُطري منفرد عن الواقع الحالي في المنطقة العربية، حيث نجحت هذه الجماعات في خلق حالة من الفوضى الناجمة عن العنف وإراقة الدماء وبث الرعب و تقسيم الدول إلى دويلات على أساس ديني ومذهبي وطائفي، وفي تحويل الصراع إلى حضاري يرتكز على معاداة الحضارة الإسلامية، وهذا ما انعكس جليا في الخطاب الانتخابي لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية.


وساهمت أيضا بدور خطير للغاية تمثل في تفكيك ما تبقى من أواصر جغرافية و إنسانية بين الدول، بالإضافة إلى طمس المعالم العروبية من خلال أفعال تمثلت بزرع أفكار ظلامية تكللت بتحطيم وسرقة التراث والآثار مثل التماثيل التاريخية في مصر، والعراق، وليبيا، و تدمير التاريخ العربي الحضاري كما حصل في سوريا وكأنهم يقولون نحن أتباع القرامطة سنفعل فعلتهم بخلع الحجر الأسود من جدار الكعبة وقتل الحجاج يوم عرفة!!


إن هذه الجماعات تستهدف المنطقة برمتها، باتخاذها من الدين راية لتنفيذ تعاليم الله على الأرض كما تدّعي، وهي بالحقيقة لا تمت للدين بصلة، بل أنها بعيدة كل البعد عن المفهوم الآدمي والمشاعر الإنسانية، حيث أننا نجد أن أكثر الحيوانات وحشية لا تقتل أبناء فصيلتها، فلا تتلذذ بعذاب حيوان آخر، أو حرقه أو جز رأسه أو نحره، حتى أن هذه الحيوانات أقرب إلى التعاطف والرحمة من هؤلاء المدّعين. وعليه لا يمكن أن تصنف هذه الجماعات ضمن الجماعات الدينية، وإنما هي أقرب في التشبيه إلى كونها جماعات سادية، جماعات ماسوشية، جماعات مازوخية.


إن هذه الجماعات تعبر عن وجه دموي همجي بدائي، يجب اجتثاثه دون أي رحمة، وعليه فإن القضاء على هذه الجماعات والأفكار الرجعية يتطلب الضرب بيد من حديد لكل من يحاول بث الرعب بين الشعوب، و من يستخدم الدين ذريعة ليعيث بالأرض قتلا ودمارا، وتقع مسؤولية محاربتهم أيضا على الأحزاب والحركات الإسلامية والمؤسسات الدينية في الوطن العربي، إذ يترتب عليها ألا تستجيب للأصوات الداخلية التي تخفي بكمائنها عطش للفكر الداعشي المتطرف، و تهدف إلى دفن الوجه الحقيقي للدين، من أجل اقتناص اللحظة المناسبة والتضامن مع الحركات الداعشية بالانقضاض على الحكم والدولة المدنية وتأسيس دولة خاصة تحت راية واحدة وهي أنهم ظل "الله الآخر" على الأرض. 


إن ما حصل مؤخرا في الكرك أنما هو دليل على وجود جذور عميقة، وعمل ممأسس لهذه  الجماعات، ولا يمكن بالمطلق اعتباره عمل فردي عابر، وترافُق ذلك بفترة سابقة بتفجير أحد الكنائس في القاهرة، إنما يدل بأن القضية أبعد من كونها تستهدف فقط أقباط مصر.


وما بين الكرك والقاهرة، ستكمن العديد من المحاولات المستمرة من أجل تأسيس "الإمارة" التي تمنحهم مزيداً من المساحات من أجل تفريغ ساديتهم بكونهم ظل الله على الأرض، ويد الاستعمار الجديد التي ينفد بها رؤيته من أجل خلق شرق أوسط جديد،  فإن لم يتم قطع جذورهم اليوم، فستنتشر فروعهم  كالحشائش الضارة في كامل المنطقة.