الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ع 77 | إبراهيم نصر الله لـ الحدث: من الصعب أن تكتب عن فلسطين دون أن تبتل كتابتك بنهر دمها المتدفق منذ أكثر من مئة عام

2017-01-10 02:28:24 PM
ع 77 | إبراهيم نصر الله لـ الحدث: من الصعب أن تكتب عن فلسطين دون أن تبتل كتابتك بنهر دمها المتدفق منذ أكثر من مئة عام
ابراهيم نصر الله

 

"في كلِ إنسانٍ قمةٌ عليه أن يصعدها، وإلا  بقيَ في القاع مهما صعدَ من قمم". التوقيع الروائي إبراهيم نصر الله من رواية أرواح كليمنجارو.

الشعبُ الفلسطيني هو أكثرُ شعوبِ الأرض تنوعاً، ولذلك تجدُهُ يصعدُ القمةَ تلو الأخرى، ليس لأنه أفضلُ شعوبِ العالم، ولكن لأن لا شعبَ في العالمِ أفضلَ منه، وحينما نتحدثُ عن الأفضلية، فنحن إنما نشيرُ بشكلٍ واضحٍ إلى الفعلِ الفلسطيني الحاضر منذُ قبل النكبة، والمستمر رغم كل نكاباتنا.

هذا الفعلُ كان وما زال نهج الكثيرين من كتاب ومثقفي هذه البلاد، ومنهم الشاعر الروائي إبراهيم نصر الله، الذي راح يؤرخ لتاريخ شعبه بالكثير من دقة الباحث وليس الكاتب وفقط، ولذا نجده يكتب الرواية البحثية، لا التخيلية، وفي هذا النهج، انجاز على مستويات عدة، أهمها ما يتعلق بأهمية فعل الكتابة في تشكيل الوعي الجمعي عبر رواية أكيدة، تشير بشكل واع إلى أحقية الفلسطيني في أرضه وتاريخه.

الأسئلة التي تطرح نفسها هنا، تكمن في أهمية هذا الشكل من الكتابة، وتأثيرها، ومدى جديتها وفتحها لآفاق جديدة يمكنها أن تطرح المزيد من علامات الاستفهام على طاولة مجتمع دولي لا يعترف إلا بقانون القوة، وقوة الشعب الفلسطيني تكمن في تاريخه وروايته.

هذا الفعل الأدبي الواعي لضرورات المرحلة حاولنا الاطلاع على منجزة عن قرب من خلال هذا الحوار الذي أجريناه مع الروائي والشاعر الفلسطيني إبراهيم نصر الله، الحائز مؤخرا على جائزة "كتارا" للرواية العربية عن روايته

"أرواح كليمنجارو".

 

الروائي والشاعر إبراهيم نصر الله، غزير الإنتاج الأدبي، من أين يجد الوقت ليكتب كل ما يكتب؟ خاصة وأننا نشهد مؤخراً إطلاق رواية جديدة هي رواية "حرب الكلب الثانية"، والتي تزامن صدورها في نفس العام مع صدور رواية "أرواح كليمنجارو"؟

 

ــ كان من المقرر أن تصدر رواية أرواح كليمنجارو في نهاية 2014، ولكن دار النشر أخرت صدورها حتى نهاية عام 2015، وهذا أربك المسألة، فقد كان يجب أن يكون هناك عامان بينهما، ولكن رغم ذلك كان هناك عام، إذ صدرت الرواية الجديدة في نوفمبر 2016. ولكن، وبعيداً عن ترتيبات النشر هذه، أظن أنني من أولئك الذين استطاعوا أن ينظموا الوقت بصورة جيدة، ولم يتركوا للعمل/ المهنة، أن تستولي على اهتماماتهم، وجهدهم. دائماً عشت على هامش المهنة، غير راغب في أي منصب. في الصحافة اشتغلت 18 عاماً، ولم أتورط فيها، وهذا أعطاني الوقت الكافي للكتابة الإبداعية، وبعدها، عملت في مؤسسة شومان عشر سنوات، وراعت المؤسسة وضعي ككاتب، ولذلك كنت شبه متفرغ في الحقيقة، ومنذ عشر سنوات تفرغت تماماً للكتابة.

 

أظن أنني أيضاً أعمل بطريقة مختلفة، فكل رواية كتبتها فكرت فيها على الأقل خمس سنوات، وبعضها أكثر من عشرين سنة، مثل زمن الخيول البيضاء، وروايتي القادمة عن بيت ساحور التي أحضّر لها منذ عام 1990. وهذا يعني أن تؤرشف وتفكر وتضع ملاحظات، ثم حين تنضج الفكرة أكتبها، ودائماً هناك لدي عدة أفكار، تسير معاً، وحين أبدأ الكتابة، أكتب يومياً،  ولا أسافر، حتى حين أكتب مشروعاً شعرياً، إلى أن أنتهي الرواية، فأترك الكتاب فترة وأعود إليه. بعض الروايات ربما كتبتها عشر مرات، مثل رواية حرب الكلب الثانية. الرواية الوحيدة التي خرجت عن برنامج الإعداد طويل الأمد، هي أرواح كليمنجارو، لكنها لم تخرج عن نطاق الإعداد والبحث أيضاً، قبل الرحلة وبعدها.

 

بمناسبة الحديث عن "حرب الكلب الثانية"، ما هو موضوعها، هل هي جزء من التأريخ لفلسطين؟

 

ـ هذه الرواية محاولة لتأمل وضعنا العربي، بشكل أساسي، ووضع الإنسان في هذا العالم، وتوحّشه، وهي رواية تدور أحداثها في المستقبل، وبذلك تكون أول رواية من هذا النوع في تجربتي، ربما هي مزيج من خيال اجتماعي، وخيال علمي، وهي الرواية السادسة من مشروع (الشرفات) الموازي للملهاة الفلسطينية.

 

لم يكتب الروائي التاريخ، وتحديداً إبراهيم نصر الله، لم تكتب التاريخ الفلسطيني، هل نحن مقصرون سياسياً في كتابة تاريخنا، أو التأريخ لأنفسنا؟

 

 بالتأكيد قصرنا كثيراً على المستوى الإبداعي لزمن طويل، إذا ما استثنيا الشعر، الذي لا يمكن أن يعبر بالاتساع الذي تعبّر عنه الرواية، ولكنك تعرفين أن حكايتنا حكاية مستمرة، بمعنى أن التاريخ الذي وراءنا هو أمامنا، بل هو مستقبلنا الذي نريد أن نغيره. أكتب التاريخ لأفهم ما حصل لنا، وأعيش فترات لم أعشها، وأمهّد لأجيال جديدة كي تعيش تلك الفترات، وأنا من الجيل ربما، الأخير، الملاصق تماماً للذاكرة الجمعية، التي عاشها الأجداد قبل عام النكبة. ربما لم أكن أدرك خطورة ما أفعله في البداية، لكنني حين أرى الشباب، وهم النسبة الأكبر من قرائي، يعيشون التجارب التي كتبتُ عنها، بتأثر شديد، أدرك خطورة الرواية، صحيح أنها تخرج من التاريخ، ولكنني أظن أنها أقوى من كل كتب التاريخ، لقدرتها على اختراق الوعي والاستقرار في الوجدان، كذاكرة جديدة، تضاف إلى ذاكرتنا الجمعية.

 

ما مدى صعوبة أن تؤرخ عن فترة زمنية لم تعشها؟ وكيف تعمل على متابعة التفاصيل الدقيقة التي تسردها في رواياتك؟ فهنالك تفاصيل في الملهاة الفلسطينية عن الحياة بدقائق أمورها؟

 

ـ الكتابة عن فترة تاريخية ما دائماً صعبة، وبخاصة حين تكون فترة طويلة، مثل قناديل ملك الجليل (85 عاماً) وزمن الخيول البيضاء (75 عاماً) وروايتي القادمة (70 عاماً)، وهذا بحاجة لأن تكون باحثاً اجتماعياً وسياسياً ومؤرخاً ومعمارياً، بل وخبيراً حربياً. لقد بنى ظاهر العمر، في قناديل ملك الجليل، دولة على الأرض، والكتابة عنه، كانت تعني أن أبني الرواية على الورق، وأن يراها القارئ بعينيه. ولذا فإن بعض الروايات يكون لها مكتبة خاصة بها.

 

 نستطيع أن نصف إبراهيم نصر الله بأنه أديب بجسدين، جسد الشاعر، وجسد الروائي، فأيهما يطغى على تفاصيلك أكثر، الشاعر أم الروائي؟

 

- عاش الشعر والرواية في داخلي كما تعيش زيتونة إلى جانب شجرة برتقال، لكل واحدة طعمها وخصوصيتها، واتحادها بالأخرى، لكونهما من عائلة الأشجار، ولأنهما في تراب واحد. لم أحس أن هناك ما يطغى على الآخر، إنهما يتكاملان، ويمدّان يد العون كل للآخر، في أحيان كثيرة. إنهما عيناي، أو جناحاي.

 

متى سنرى ديوان شعر جديد لإبراهيم نصر الله؟

 

- هذا العام، سأنشر ديواناً، وسيكون ديوان حب بأكمله، وربما يكون تأمّلاً للحب من زاوية أخرى.

 

 في رواية (أعراس آمنة) اخترت موضوعاً صعباً، هو الموت والشهادة، وهو موضوع يغري بالعويل والبكاء والندب والميلودراما، لكنك ابتعدت ببراعة عن كل ذلك، ورحتَ تستبطن الحالة الفلسطينية التي تقع بين حدَّي الفرح والحزن. وجعلتَ تحاور الموت، لتضيء جانباً جديداً في تجربة الفلسطينيين. ما المسوغات التي دفعتك إلى ذلك؟

 

ـ أحببت أن أكتب عن حزننا باعتباره حزناً نبيلاً متسامياً، بعيداً عن تراجيدية الحالة اليومية، المترسخة عنا في أذهان الكثيرين. أحببت الحزن المترفّع على الأعداء، والذائب بعمق في أرواحنا. بلا صراخ، ذلك الحزن الأكثر تأثيراً في صاحبه، وفي القارئ أيضاً. رواية أعراس آمنة عن غزة، من بداية التسعينيات من القرن الماضي إلى ما بعد الانتفاضة الأولى، وربما أشارت إلى ذلك الانقسام الذي أصاب وأصاب قضيتنا في الصميم، في أكثر من مشهد، ومن المقاطع التي توضح فكرة الحزن النبيل ما يقال على لسان بطلتها: "الذي يجبرنا على أن نـزغرد في جنازات شهدائنا هو ذلك الذي قتلهم. نزغرد حتى لا نجعله يحسَّ لحظة أنه هزمنا،وإنْ عشنا، سأذكِّرُكِ أننا سنبكي كثيراً بعد أن نتحرّر".

 

قلت ذات يوم إن أصعب ما في كتابة الحكاية الفلسطينية هو أن عليك أن تكون ضد الذاكرة الجاهزة. كيف وقف الروائي إبراهيم نصر الله ضد هذه الذاكرة ليكوّن تفاصيل الحكاية الفلسطينية وبخاصة في روايتك (زمن الخيول البيضاء)؟

 

ـ الذاكرة الجاهزة هي ذاكرة عامة، وفي الكتابة تحتاج لتكوين ذاكرة خاصة، تستند على هذه العامة، وتمضي بها نحو أفق آخر. وهذا هو دور الكتابة، فإذا كتب كاتب عن عمان، أو رام الله، وقلنا بعد القراءة: "إننا نعرف هذا كله، فمعنى ذلك أن كتابه لم يقدم لنا شيئاً"، أما إذا صرخنا مذهولين: "كيف لم نر ذلك كله؟!" فمعنى ذلك أنه نجح. حين كتبت عن فلسطين كنت أريد أن يكتشف ذلك الذي عاش فيها، وعرفها، أنه لم يكن يعرفها تماماً.

 

تتحيز في كل ما كتبته إلى الإنسان، إلى معاناته، إلى أحزانه وأفراحه، إلى الحياة التي يعيشها والتي يجب أن يعيشها، ما هي فلسفتك تجاه الإنسان والحياة؟

 

ـ البشر حالة شاسعة، بحر بلا حدود، وكل الكتّاب، منذ فجر البشرية، يحاولون فهم طبيعة هذا البحر، ولن يكملوا هذه المهمة أبداً. لكن كثيراً من رؤاي في هذا الموضوع تسللت إلى كل نص كتبته، شعراً أو رواية، وربما كل تلك الرؤى تكوِّن الصورة التي وصلتُ إليها حول ماهية الإنسان، لكنها بالتأكيد غير كاملة. إن أكثر من يلفت انتباهي أن الإنسان (بمجمله) هو الكائن الوحيد الذي لا يتعلم من تجاربه، فلا الكتب السماوية كانت كافية لكي يكون صالحاً ولا الفنون والآداب والفلسفة والمعرفة بكل أشكالها. منذ أن وضع قدمه على الأرض مثلاً، وهو لا يكف عن الولع بإشعال الحروب، لكن أفضل ما حدث أن هناك قوة حياة أخرى في آخرين، وهكذا لم تنته الحضارة الإنسانية، بعد، على سطح هذا الكوكب.

 

 (هزائم المنتصرين) كتاب راصد للسينما فيه تعامل جديد مع النظرة إلى هذا الفن، كيف استطعت توظيف تقنية السينما في الرواية؟ وأي الروايات التي كتبتها تستطيع أن تقول عنها إنها تصلح لتكون فيلماً سينمائياً؟

 

ـ علاقتي بالسينما منذ الطفولة، وهي أقوى علاقة لصيقة بوعيي وحياتي، وقد كتبت كتابين عنها، هزائم المنتصرين، وصور الوجود- السينما تتأمل، كتبتهما بدافع الحب لهذا الفن الأخطر بين الفنون، وهذه المعايشة انتقلت تأثيراتها إلى شعري ورواياتي أيضاً، لأن السينما جزء أصيل في ثقافتي، وكما تعرفين فإننا حين نقرأ ونرى، ونعيش، فإن ذلك كله يغدو من روافد تجربتنا الحياتية والكتابية. لا أستطيع القول إن هنالك عملاً من أعمالي لم يتأثر بالسينما. كلها تأثرت، كما تأثرت بالشعر، التصوير، الرسم، وحتى كتابة الأغاني، أعني بكل الفنون التي أنجزت فيها شيئاً بهذا القدر أو ذاك. وهناك كتابان نقديان عن علاقة كتاباتي بالسينما، يمكن أن يجيبا على هذا السؤال، الأول بعنوان (عين ثالثة) للناقد والفنان التشكيلي حسين نشوان، وكتاب (ثقافة العين والرواية- إبراهيم نصر الله نموذجاً) للناقد الفلسطيني يوسف يوسف.

 

في رواياتك استبطان للحالات التي يعيشها الإنسان الفلسطيني، ولكن الموت كان السمة الأبرز فيها، كيف تعاملت مع هذا الموضوع باعتباره الحقيقة التي لا يمكن تغييرها أبداً؟

 

ـ كل الأشياء يمكن أن تتغير، حتى حالة الموت، نحن نكتب عنها لنغيرها، لتكون حالة حياة، لكن من الصعب أن تكتب عن فلسطين دون أن تبتل كتابتك بنهر دمها المتدفق منذ أكثر من مئة عام. ربما لا أستطيع أن أشرح كيف تعاملت مع هذا الموضوع، لأنني لا أتحدث عن رواية أو اثنتين أو مجموعة شعرية أو اثنتين، ولا عن عدة أعوام، فالملهاة الفلسطينية وحدها تغطي أكثر من 250 عاماً فلسطينياً.

 

 رحلتك الإبداعية تتكون من محطات عديدة، وربما شكلت لديك مفاهيم جديدة سواء عن الوطن أو عن الحرية أو عن الإنسان، ما هي المحطة الأبرز في رحلة إبداعك؟ وما هو الأفق الذي يرنو إليه إبراهيم نصر الله بعينيه؟

 

- أظن أن قرار كتابة الملهاة الفلسطينية كان قراراً حاسماً في حياتي، وربما في البداية، كان يبدو لي مستحيلاً، لكن تحققه في النهاية في تسع روايات ورواية على الطريق، جعلني أدرك أن لا وجود للمستحيل، وعلى مستوى الشعر، ربما كان حرصي على التنوع، وعدم الانصياع حتى لأعمالي الناجحة، والتمرد عليها، أهم ما في هذه التجربة التي بدأت بالقصيدة متوسطة الطول، ثم القصيدة الملحمية، ثم الأعمال السيرية، مثل باسم الأم والابن، عن سيرة أمي، ثم مرايا الملائكة، سيرة الشهيدة إيمان حجو، كل ذلك ساعدني أن لا أتكلس داخل تجربتي، كما في الرواية، فقد كتبتُ الرواية التاريخية، السياسية، الاجتماعية، الغرائبية، والمستقبلية.

 

بالنسبة للأفق الذي أرنو إليه، فهو بلا حدود، لأنني مشغول بأن أقدم شيئاً يليق بفلسطين وقضيتها، ضمن أفضل مستويات الكتابة عالمياً، إنه حلمي وأنا أعمل بجهد كبير لتحقيقه.

 

كيف ترى واقع الرواية العربية وهل هي في ازدهار أم انحدار؟ وهل صورت الرواية العربية والفلسطينية القضية الفلسطينية بالشكل المناسب؟

 

ـ لا يستطيع أحد أن ينكر أن الرواية العربية أصبحت عربية فعلاً، فبعد أن كانت مقتصرة على بعض البلدان، أصبحت تكتب في كل بلد عربي، وهي في قمة ازدهارها اليوم، أما إذا ما كانت صورت القضية الفلسطينية بالشكل المناسب، فقد استطاعت ذلك، وهناك أجيال أضافت إلى تجربة الرواد الكثير، وهناك شباب يقدمون أشياء رائعة أيضاً. لكن كل قضية إنسانية هي كتاب مفتوح، وكل واحد منا يحاول كتابة جزء منه، أو ملء جزء فيه، لكنه لا ينتهي ما دام الإنسان موجوداً وقضاياه لا تنتهي.

 

ما هي أهم الروايات التي كتبت في القضية الفلسطينية؟ وهل أضافت للقضية شيئاً؟

 

ـ هناك أعمال كثيرة كتبها الرواد، وكتبها من جاؤوا بعدهم، وكتبها بعض الكتاب العرب أيضاً. ولكن لا مجال بالتأكيد لأن نذكر عدداً منها، لأننا لن نستطيع أن نذكر كل الروايات.

 

الفوز في جائزة كتارا مؤخراً ماذا أضاف لك؟ وما تقييمك للمشاركات الفلسطينية؟

 

- كنت سعيداً لأن ثلاث روايات حول فلسطين فازت في سنة واحدة، هذا أمر غير مسبوق، بل ونادر، وعلينا أن نفرح بذلك، ولعل الإجماع على أن عام 2016 كان عام إنجازات الثقافة الفلسطينية، عربياً، أكثر من أي عام سبق، يجعلنا متفائلين بالأجمل دائماً.

 

أما على المستوى الشخصي، فكان فوز أرواح كليمنجارو تحية لرحلة نضال من نوع مختلف، قام بها أطفالنا الذين فقدوا بعض أطرافهم، ورافقتهم مع عدد من المتطوعين، واستطعنا وصول القمة، وتقديم نموذج آخر على قدرة إنساننا على التحدي والانتصار.

 

الرواية الفلسطينية الشبابية أين تراها اليوم؟ وهل هناك أسماء لروائيين فلسطينيين جدد أثارت فضولك واهتمامك؟

 

ـ هناك روايات شبابية جميلة جدا تكتب في الداخل والخارج، وقدمت نماذج مهمة، أولى، وثانية، لكن التحدي دائماً هو في الاستمرار والتنوع، لأنني أرى أن قيمة أي كاتب تتشكل من قدرته على تقديم مستويات فنية عالية، وقدرته على تقديم كم حقيقي، وقدرته على التنوع، وعدم الوقوع في النمطية، رغم أن بعض الكتاب النادرين في العالم استطاعوا تقديم رواية واحدة لا تنسى، مثل سرفانتس في (دونكيشوت)، لامبيدوزا في (الفهد). لكن النوعية مع الكم، هما النموذج الأكثر وضوحاً للكتاب الذين غيروا تاريخ الرواية: تولستوي، ديستويفسكي، غراهام غرين، نجيب محفوظ، عبد الرحمن منيف، غسان كنفاني، وشعراء مثل: نيرودا، درويش، أدونيس، سعدي يوسف، لوركا... وأسماء كثيرة.

 

اتحاد الكتاب، ووزارة الثقافة، وغيرها من المؤسسات الرسمية هل تلعب دوراً حقيقياً في الإنتاج الثقافي الفلسطيني؟

 

ـ لا أستطيع القول إنني أعرف كل شيء عن مشاريع وزارة الثقافة واتحاد الكتاب، بسبب وجودي في عمّان، وندرة زياراتي للضفة. هناك إنجازات واضحة، لكن حين يتعلق الأمر بفلسطين، فإن كل جهودنا ستبقى ناقصة، لأن فلسطين بحاجة إلى ما هو أكثر دائماً. وهذا واجب المؤسسات، وواجبنا كأفراد، كتاب. وفي رأيي أن علينا أن ننظر إلى ما يقدمه الأعداء لأدبهم، وحين نصل إلى ذلك المستوى، نكون قد فعلنا ما علينا.

 

في ظل تزاحم الأسماء هل يعيش المنتج الفلسطيني أزمة نوعية؟

 

ـ تزاحم الأسماء أمر مهم، ودليل حيوية، لكن ما يحدث فيما بعد، أن الكتابة تُمتَحن بالزمن، وهو أقوى النقاد وأخطرهم، وكما نعرف، الكتّاب كالأشجار في حقل، تنمو واحدة وتموت أخرى، وتذبل أخرى، وتصل أخرى إلى مستوى ما من النمو وتتوقف.

 

كيف تقيم أداء دور النشر الفلسطينية قياساً بالعربية؟

 

ـ هناك بعض الدور استطاعت أن تكون جزءاً من مشهد النشر العربي، وهذه قادرة على حمل الأصوات الفلسطينية والتأثير، لأن هناك منافسة، وشهرة وتاريخاً طويلاً، لكثير من دور النشر العربية، والنشر كالكتابة، إذا لم تستطع أن تقدم أفضل نموذج في ظل ما يكتب عربياً، وحتى عالمياً، فلا مكان لك.