الحدث/أحمد زكارنة– محمد غفري
انتهت أعمال المؤتمر الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة في القاهرة مساء يوم الأحد، بعد أن تعهد المؤتمر بتقديم نحو 5.4 مليار دولار نصفها لإعادة إعمار القطاع بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
وقال وزير الخارجية النرويجي، بورج بريند، الذي دعت بلاده مع مصر وفلسطين إلى هذا المؤتمر، إن "المساهمين في المؤتمر يساهمون بنحو 5.4 مليار دولار نصفها لإعادة إعمار القطاع، وقد التزموا بتقديم هذه المساعدات من أجل الاستجابة لاحتياجات الشعب الفلسطيني".
ورأى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن المؤتمر الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة، حقق "نجاحا باهرا" لفلسطين ولمصر، معتبرا وصول تعهدات الدول المانحة إلى 5.4 مليار دولار "شيئا إيجابيا".
وخلال مؤتمر صحفي في مقر إقامته بالعاصمة المصرية مساء الأحد، أضاف الرئيس عباس أن "الحكومة الفلسطينية ستكون هي المسؤولة عن إعادة إعمار قطاع غزة وليس لأي فصيل أو حزب الحق في استلام هذه الأموال".
ومضى قائلا إن "الحكومة ستستلم مواد الإعمار من خلال الأمم المتحدة، ومن ثم تسليمها إلى الجهات المعنية التي ستشرف على عملية البناء حتى تكون هناك شفافية واضحة".
وكانت السلطة الفلسطينية قد أعلنت عن رغبتها في الحصول على نحو 4 مليارات دولار أمريكي من المؤتمر كمساعدات لإعمار قطاع غزة، الذي شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوان عليه يوم 7 من تموز الماضي، دامت 51 يوما، وخلفت دمارا ماديا واسعا، فضلا عن أكثر من ألفي شهيد فلسطيني، معظمهم مدنيون.
وشاركت في مؤتمر القاهرة، الذي استمر ليوم واحد وافتتحه السيسي، وفود من 50 دولة، بينها 30 وزير خارجية، ورؤساء مؤسسات إقليمية ودولية، بينها الأمم المتحدة.
في حين شدد رئيس الوزراء في حكومة التوافق الفلسطيني رامي الحمد الله على ضرورة تطبيق نتائج المؤتمر بشكل فوري، وضمان آلية فعالة لتطبيقها على أرض الواقع، بما يحقق الهدف المرجو من المؤتمر والحشد المالي من قبل الدول المشاركة، وبما يعمل على انجاز خطة حكومة التوافق لإعادة اعمار القطاع.
أحمد بن حلي: لا توجد ضمانات برغم حضور المجتمع الدولي كله
ويعتقد نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي خلال حوار أجراه معه موفد "الحدث" إلى مؤتمر إعادة الإعمار في القاهرة، أن مهمة هذا المؤتمر هو وضع عدد من النقاط كأولويات، النقطة الاولى تتمثل بعدم تكرار العدوان الإسرائيلي على غزة مستقبلا، وهذه الضمانة لا تأتي حسب رأيه إلا من خلال الأمم المتحدة والأطراف الدولية الداعمة، النقطة الثانية هي رفع الحصار بجميع أشكاله عن غزة لأنه لايمكن أن تبني وتعيد البناء وأنت تحاصر، أما النقطة الثالثة فتتمثل بضمان البدء الفوري والعاجر بإعادة إعمار غزة ودخول المواد اللازمة والمساعدات.
وعن خروج المؤتمر بضمانات حقيقية بعدم تكرار العدوان الإسرائيلي على غزة، قال بن حلي، ليس هناك ضمانات حقيقية بالرغم من وجود مجتمع دولي كله حاضر لهذا المؤتمر، "لأن إسرائيل عودتنا كل ثلاث سنوات على شن عدوان على غزة، ودائما ما نعود للمربع الأول وهو إعادة البناء، ثم تأتي إسرائيل وتحطم ذلك بعدوان جديد، والضمانة الوحيدة هي إنهاء الاحتلال وإيجاد وقت ست شهر سبعة شهور سنة لإنهائه وبالتلي يزول العدوان ولا يتكرر.
ومضى الدبلوماسي الجزائري السابق في حديثه: " الآن أعتقد أن الاسرائيليين أدركوا أن هذا العدوان لم يحقق لهم الأمن ولا السلام، إسرائيل عانت في العدوان الأخير أكثر مما عانت في عدوانها السابق، لقد كان هناك رد فعل من الشعب الفلسطيني المقاوم، كان هناك صمود، فأعتقد أن الرسالة وصلت إلى إسرائيل بأن لا ينبغى أن تكون بهذا المنهج وهذه العبثية".
واستطرد قائلاً: "أي شعب تحت الاحتلال المجتمع الدولي أعطاه مبررات للمقاومة، وهناك أنواع وأشكال للمقاومة، هناك مقاومة سلمية ومقاومة صمود وهناك مقاومة رد فعل، ومن حق الشعب الفلسطيني أن يقاوم بأي شكل من الأشكال".
دون أن ينسى دور المقاومة الفلسطينية بكافة أشكالها، حيث أثنى عليها " الشعب الفلسطيني مبدع في المقاومة، الشعب الفلسطيني الذي أدخل موضوع الانتفاضة قادر على الأبداع، لكن لابد من إعطائه الأمكانيات والفرصة والقيادة الحكيمة لتحقيق ذلك".
وعن الدور الذي قامت به الجامعة العربية من أجل وقف العدوان الإسرائيلي في حينه، أكد بن حلي أن الجامعة العربية كمنظمة عربية قومية أقليمية، تعمل بالسياسة والدبلوماسية وليس إعلان حرب أو إنهاء حرب.
وأضاف، "كان هناك تحرك من الجامعة العربية ومصر التي هي مقر للجامعة، وكان هناك ضغوط وتحرك دبلوماسي لتثبيت وقف إطلاق النار وهذه هي النقطة الأساسية التي كان التحرك عليها" ، وبالتالي يجب تثبيت الوضع الحالي بشكل لا يتكرر مرة أخرى. ونحن قدمنا مبادرة السلام العربية وهي ما زالت مطروحة حتى اليوم.
وعن الخيارت المطروحة أيضاً، عاد وأكد بن حلي أن دور الجامعة العربية هو دور سياسي دبلوماسي، مضيفاً " نحن الآن كجامعة عربية نتصدى لكل المنتجات التي تخرج من المستوطنات الإسرائيلية إلى أوروبا أو إلى أمريكا الجنوبية، ونحن نحاربها ونوقفها، وهذا يعتبر نوع من أنواع المقاومة أيضاً".
وختم بن حلي حواره مع موفد "الحدث"، مؤكداً أن إسرائيل هي المقترفة لكل الأعمال والجرائم، ويضيف "النقطة الاساسية هي إنهاء الاحتلال إنهاء الحصار، ووضع حد نهائي لهذه المبررات التي تقولها إسرائيل بخصوص الأمن وتحقيق الأمن، وأثبتت التجربة الاخيرة من خلال صمود الشعب الفلسطيني في غزة، أن إسرائيل دفعت ثمن لعدوانها، وأعتقد أن إسرائيل وقادة إسرائيل عليهم التفكير وإعادة التقييم لموقفهم، أنه إذا تكرر هذا العدوان مرة أخرى لا قدر الله وهذا ما لا نرجوه، إنها ستدفع ثمن أكبر مما دفعته، وفي هذا الوقت على الدول العربية أن تبحث على خيارات اخرى بناء على ما يطلبه الفلسطينيون".
محمد مصطفى: أبشر جميع المشككين بأننا ماضون إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن
وحول رأيه بنتائج مؤتمر إعادة الإعمار قال وزير الإقتصاد الفلسطيني ونائب رئيس الوزراء في حكومة التوافق الوطني محمد مصطفى، إن هذا المؤتمر ناجح بكل المقاييس، من الناحية الأولى من افتتاح المؤتمر من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس وكانت بداية قوية مشجعة، والكلمات كانت موفقة بكل المقاييس ومشجعة لكل الاطراف.
وأضاف مصطفى في حوار أجراه معه موفد "الحدث" إلى القاهرة، من الناحية الثانية الرسالة السياسية خلال المؤتمر كانت رسالة سياسية داعمة بشكل قوي لدولة فلسطين وضرورة انهاء الاحتلال، وعدم تكرار العدوان على غزة مرة أخرى وكفى أهلنا في القطاع دمارا وحروبا.
أما من الناحية الثالثة، وهي الدعم المالي الذي كشف عن أن العالم يشعر بحجم الدمار الذي أصاب غزة والحاجة المالية إلى إعادة إعمار غزة، وما تم تقديمه من مساهمة مالية مشجع جدا، لذلك نستطيع القول أن هذا المؤتمر ناجح .
وكان وزير الأقتصاد الفلسطيني محمد مصطفى قد شارك في أعمال مؤتمر إعادة إعمار غزة يوم الأحد الأول من أمس.
ومضى في رأيه حول نتائج المؤتمر قائلاً، "هذا المؤتمر بشكل أساسي هو لتقديم دعم مالي لفلسطين، ولكن معالجة القضية الفلسطينية بالتأكيد سيأخذ أدوات وأشكال مختلفة بشكل كامل.
ورد مصطفى على كافة المشككين في توجه القيادة إلى مجلس الأمن بالقول " أبشر الجميع بأننا ماضون إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتقديم المشروع الذي أعلن عنه السيد الرئيس أبو مازن في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا هو المسار الذي سنركز عليه خلال الأيام القادمة، المسار الذي يطالب المجتمع الدولي أن يأخذ قرارا حاسماً، ويضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال وهذا هو الحل الجذري الذي نتوقعه ونتمناه، والكلمات التي أستمعنا إليها تؤشر في هذا الاتجاه".
منيب المصري: حان الوقت لكي تعرف إسرائيل أن عليها الإلتزام بالقانون
واتفق رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري مع وزير الإقتصاد الوطني حول رأيه بنتائج مؤتمر إعادة الإعمار، واهمية الكلمة التي كان قد ألقاها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بداية أعمال المؤتمر.
حيث قال خلال حوار أجراه مع موفد "الحدث" عقب إنتهاء جلسة المؤتمر في القاهرة، "المؤتمر جيد وأهم شيء أن الكلمات كانت تركز على العمل ، خطاب أبو مازن كان جامع وأوضح أن عليه واجب يجب أن يقوم به، وحان الوقت لكي تعرف إسرائيل أن عليها الإلتزام بالقانون، ومثل ما قال السيد الرئيس شو ناقصنا إحنا حتى يكون عنا دولة مستقلة، والدولة الفلسطينية كانت يجب أن تقوم من 50 سنة وإعتراف الدول بنا واجب، وهذا يجبر إسرائيل ويحرجها أمام العالم".
ويضيف المصري، هناك مسؤولية على العرب تجاه الفلسطينيين أن يساهموا بإعمار غزة والفلسطينيين والعرب قادرين لوحدهم على تعمير غزة، ويجب تحميل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية ما تم تدميره في غزة.
دون أن ينسى أحد أكبر رجال الأعمال على الساحة الفلسطينية، أهمية وحدة الصف الفلسطيني واستمرار المصالحة، وفي هذا الشأن يقول: "أهم شيء توحيد الصف الفلسطيني، وذهاب حكومة الوحدة الوطنية إلى غزة كان جداً مهم ، ومنذ قبل كان يجب ترتيب الصف الفلسطيني، في هذه المرة هناك وحدة صف وإنهاء للإنقسام، وأنا من الاشخاص الذين عملوا على ذلك منذ 7 سنوات وتم ذلك في النهاية ونحن الآن موحدون وهذا أهم شيء".
وأضاف "كلنا نعمل على إنهاء الاحتلال مع الأخوة العرب، ونحن لا نريد ضمانات نحن نريد صوت واحد وهدف واحد هو إنهاء الاحتلال ونحن نستحق ذلك".
وقالت منظمة " أوكسفام انترناشيونال" إن الجزء الأكبر من الأموال التي يتعهد بها المشاركون في مؤتمر المانحين الدولي لإعادة إعمار غزة بالقاهرة سيظل في حسابات مصرفية لعدة عقود قبل أن يصل إلى الناس ما لم يجري رفع القيود الإسرائيلية المفروضة منذ فترة طويلة على الواردات.
ومنذ أن فازت حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في كانون الثاني 2006، تفرض إسرائيل حصارًا بريا وبحريا على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في حزيران من العام التالي، واستمرت في هذا الحصار رغم تخلي "حماس" عن حكم غزة، وأداء حكومة توافق وطني فلسطينية اليمين الدستورية أمام الرئيس الفلسطيي، محمود عباس، في الثاني حزيران الماضي.
ورجح خبراء فلسطينيون اعتماد إسرائيل سياسة جديدة للتعامل مع قطاع غزة، بعيدا عن تلك التي أقرّتها طيلة السنوات السبع الماضية منذ بدء الحصار، والقائمة على التضييق والخناق، وذلك لعدم جدواها ولاعتبارات سياسية، تفرضها متغيرات الواقع السياسي.
واتفق محللون سياسيون ومراقبون، على أن إسرائيل ماضية بعد حربها الأخيرة، في رفع الحصار، بشكل تدريجي، عن القطاع، وإنهاء سياسة "لا تحيا غزة، ولا تموت".