الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التأهيل المجتمعي للمعلم بين الحاضر والمأمول/ بقلم: رمزي شاهين

2017-01-22 09:42:55 AM
التأهيل المجتمعي للمعلم بين الحاضر والمأمول/ بقلم: رمزي شاهين
رمزي شاهين

 

 نلاحظ أن أركان العملية التربوية التعليمية تقوم على عناصر أساسية تؤدي في تكاملها إلى تقوية القاعدة التي تبنى عليها هذه العملية برمتها، لتصل إلى الهدف المنشود في خلق جيل يرتكز في حياته العملية على الإبداع والتفكير والانفتاح .

 

تتمثل هذه الأركان في التنشئة الأسرية، والمؤسسة التربوية، والمناهج التعليمية، إضافة إلى المعلم الذي بدوره وبثقافته واطلاعه تتمحور وتتفاعل وتدور حوله كل هذه العناصر. إذ أن هذه العملية في مجملها ترتكز على هذا الإنسان وعلى كيفية طرحه للمفاهيم التعليمية والثقافية والاجتماعية ولربما السياسية أيضا.

 

لأن المعلم الذي يؤمن بالنقد البناء ، من منطلق احترام التعددية وقبول الآخر ، هو الوحيد القادر على تقديم المادة التعليمية بشكل بنائي- مهما اختلفت نوعية المادة التعليمية المقدمة للطالب- حيث يضمن من خلالها الوصول إلى بناء مجتمع صغير يستطيع التأثير بقوة تمكنه من نقل تجربته إلى المجتمع الكبير، خاصة أن المعلم يلعب دورا كبيرا في بناء الحضارات كأحد العوامل المؤثرة في العملية التربوية الناتجة عن تفاعل الخبرات والمعارف والاتجاهات.

 

هنا تأتي أهمية تأهيل وتدريب المعلم اجتماعيا وحضاريأ وديمقراطيا، ليستطيع بعدها الفصل بين توجهاته وتطلعاته وأفكاره الشخصية بما يسمح له استيعاب الجميع بغض النظر عن ماهية توافق وجهات النظر الأخرى مع طروحاته، عوضا عما نراه في محاولة الكثير من المعلمين فرض وإسقاط توجهاتهم ومعتقداتهم وانتمائتهم على طلبتهم من منطلق السلطة المعطاه لهم وكأنهم الوحيدون الذين يملكون الحقيقة والمعرفة، مع علمهم التام أن المعرفة والحقيقة أمور نسبية ليست حكرا على أحد خاصة ونحن في زمن ثورة الاتصال والمعلومات.

 

هذا يقودنا إلى التركيز على أهمية تأهيل المعلم بحيث يستطيع تنمية إبداع الطالب وقدراته المعرفية من خلال النهج القائم على التفكير والتواصل كعملية أساسية في التعليم، كذلك من خلال إفساح المجال للمتعلم التعبير عن رأيه وكل ما يجول في خاطره بحيادية وموضوعية بعيدا عن التبعية والاستقطاب، مهما اختلفت أو اتفقت مع رأي المعلم أو رأي المحيطين به، من مبدأ أن الاختلاف حضارة وتطور وانفتاح وقبول للآخر .

 

إن ما تم طرحه من الصعب أن يرى النور دون أن تلعب وزارة التربية والتعليم دورا في مساعدة المعلم والإشراف عليه وتوجيهه، وليس مراقبته فقط ، لنبتعد بذلك عن الدور البوليسي ونستعيض عنه بالإشراف التربوي العيادي.

 

كما من الأهمية بمكان السعي لنقل تجارب المعلمين الناجحة في هذا المجال سواء في المدارس المحلية أو العالمية إلى باقي المدارس، وكذلك الوقوف على الاتجاهات العالمية المعاصرة في البلاد المتقدمة من حيث كيفية إعداد وتدريب الكوادر التعليمية، مع التركيز على الإعداد الليبرالي الديمقراطي المنفتح والقائم على مبدأ الاختلاف كركيزة متينة في التغيير الإيجابي بهدف الخروج من حالة الانغلاق والتعصب وفرض الرأي وإسقاطه على الغير.

 

إن محورية الدور الذي يقوم به المعلم ستبقيه الرقم الأهم في الإصلاح التعليمي والتربوي المتميز المبني على المساواة والمواطنة وقبول الاختلاف سواء صلحت المناهج التعليمية أم طلحت .