رأي الحدث
إن كانت للمحتل محاولات لإعادة صياغة الذاكرة بما يفرضه من وقائع وبما يصنعه من أحداث لتكون تاريخاً لنا يكتبُ غداً؛ فإنه بعدُ لا يدرك أن في “فن” تشكيل الذاكرة معاملاً موضوعياً مهما؛ هو أولئك الشخوص الذين سيقع عليهم فعل التذكر. الذاكرة بعكس التاريخ لا يكتبها الأقوى بل هي فعلُ الضعيف الذي يعيشُ على الذكرى.
والذاكرةُ ما تزال حيةً تُحيي الأمل كما فعل أهلنا في المناطق الفلسطينية المحتلة في 48، الذين يتحركون كل عام تحت شعار “يوم استقلالهم يوم نكبتنا” لإعادة إحياء ذكرى قرى ومدن هدمت وهُجر منها أهلها. هذا العام سار أهلنا إلى قرية “لوبيا” بحشد عظيم قدر بـ 10 آلاف مشارك، ما أبطل مقولة جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل السابقة، حين قالت “الكبار يموتون والصغار ينسون”، فصغار اليوم يتذكرون وطنهم أكثر من “كبار” الثورة، ومتمسكون بأرضهم أكثر من أجدادهم “المنكوبين” في النكبة و “المنكوسين” في النكسة.
الذاكرةُ لا تموتُ، هي تورثُ كالأرض واللغة، كما قال محمود درويش، وتنتقلُ من جيل إلى جيل، و “ليست شيئاً يقبع هناك دون حراك ليمتلكه أو يحتويه أي امرء”، كما كتب إدوارد سعيد ذات مرة.