ينتظر العالم حالة من عدم الاستقرار في ظل إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.
ويبدو أن هذه الإدارة لا تتمتع ببعد نظر في قضايا العالم خاصة في ظل إنحسار قوة أمريكا كدولة عظمى وحيدة في العالم ترسم سياسات العالم على أهواء ملياردير لا يجيد إدارة شؤون أمواله فكيف به يدير شؤون العالم وينسج علاقات متوازنة مع دول عظمى كالصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، ويسعى إلى تفجير منطقة الشرق الأوسط ويستدعي العالم الغربي والعالم الإسلامي، عندما يتحدث عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. لسنوات كثيرة لم تقدم الإدارات الأمريكية على مثل هذا الإجراء لإدراكها العواقب التي ترتب على نقل السفارة إلى القدس.
لقد لعبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عهد ريغان إلى عهد أوباما دور الوسيط بين الفلسطينين والإسرائيلين في البحث عن صيغة لإنهاء الصراع وكانت خلاصة هذه الجهود حل الدولتين دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية ودولة إسرائيل على حدود الرابع من حزيران عام 1967 واستقر العرف الدبلوماسي الأمريكي على مدار السنوات الماضية أن نقل السفارة الأمريكية للقدس سواء الشرقية أو الغربية يعني اعتراف الولايات المتحدة بضم القدس بشطريها إلى دولة إسرائيل ولذلك لم تقدم على مثل هذه الخطوة.
ونية إدارة ترامب وما تسرب من تصريحات حول نقل سفارة أمريكا إلى القدس سوف تعيد خلط الأوراق من جديد في الصراع العربي- الإسرائيلي ولا يدرك ترامب أن القدس جزء من العقيدة الإسلامية والمسيحية، أي أنه سوف يستدعي ملياراً ونصف المليار مسلم ومثلهم المسيحيين ويبدو أن الرئيس ترامب لا يبالي بعداء المسلمين في العلم خاصة بعد تصريحاته حول محاربة السياسة أن يميز المسلم المتطرف من غير المتطرف فهل يريد شن حرب على الدول العربية والإسلامية.
إن من شأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أن تدمر عملية السلام وتفتح باب الصراع على مصراعيه وتوسع دائرة العنف في المنطقة وتلغي أي دور أمريكي كوسيط في الصراع. وأشار أكثر من مسؤول فلسطيني إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية سوف تسحب إعترافها بدولة إسرائيل وستطالب بتجميد عضوية إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
إن ما يدفع حكومة نتنياهو إلى تكثيف حديثها عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس إدراكها لضعف وعدم إتزان ترامب الذي يجاهد بعدائه للصين وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي ويغذي النزاعات العنصرية في المجتمع الأمريكي ويختصر النساء الأمريكيات والطبقة السياسية الأمريكية والأقليات من أصول لاتينية وإسلامية ونتنياهو يتوقع أن يقدم مثل هكذا رئاسي على خطوة نقل السفارة.
ولكن هل خلت إدارة ترامب من ساسة يقدرون عواقب الأمور وينظرون إلى مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم. أم أن هذه الإدارة سوف تعود إلى سياسة الانكفاء وراء الأطلسي التي اتبعها أوائل القرن الماضي.
كل دولة تقول إنها هي أولاً ومن حق ترامب أن يقول أمريكا أولا ولكن كيف لأمريكا أن تعيش في عالم اليوم المتشابك والمترابط بعيداً عن أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.
لا بد من التروّي ودراسة عواقب كل قرار تتخذه إدارة ترامب على مصالح أمريكا أولاً ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس يستدعي ملياراً ونصف مليار نسمة لأمريكا.