الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تكتيكات ترامب للتمكن والسيطرة وجه خير غير متوقع/ بقلم: أحمد زكارنة

2017-01-24 09:46:49 AM
تكتيكات ترامب للتمكن والسيطرة وجه خير غير متوقع/ بقلم: أحمد زكارنة
أحمد زكارنة

 

حبس العالم أنفاسه مع تسلم الرئيس الأمريكي الجديد "دونالد ترامب" لمهام منصبه لقيادة أكبر دولة حول العالم، بعد فوزه على منافسته مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، وتوقع عدد كبير من المحللين والمتابعين سواء في الغرب أو الشرق، أن الرجل قد يتسبب في كوارث سياسية عدة داخلياً وخارجياً، ووصف البعض فوزه بـ"زلزل العالم السياسي"، ذلك لما عرف عن الرجل من تصرفات مثيرة للجدل حيناً، وشاذة أحياناً أخرى.

 

استلم ترامب مهام منصبه، لينهي مسلسل تصريحاته الغريبة التي كان يطلقها بين الحين والآخر أثناء حملته الانتخابية، ومنها توعده الشعب المكسيكي ببناء جدار عازل بين بلده والمكسيك، وكذلك منع المسلمين من دخول أمريكا، والتعرض للمرأة بعباراتٍ جنسيةٍ مشينة، فضلاً عن وعده الفظ بنقل سفارة بلاده في إسرائيل من "تل أبيب" إلى القدس.

 

إلا أن متابعي القادة عبر التاريخ، يعلمون أن كل السيناريوهات محتملة، خاصة لو توقفنا أمام سيكولوجيا شخصية مثل شخصية ترامب المتهورة، وهو يحاول متعمداً أن يُخرِج إلى العلن ما لم يتجرأ غيره على إخراجه، وهو ما أشار إليه موقع "أنترابرنور" الإخباري مفنداً خمس تكتيكات سيكولوجية يتقنها دونالد ترامب تُمكن صاحبها من السيطرة على المواقف، والوصول إلى ما يريد.

 

ومن هذه التكتيكات، محاولة الظهور بهيئة الرجل الأحمق، ليستهين أعداؤه به، ولا يرونه خطراً على نجاحهم، وبهذا لن يبذلوا قصارى جهدهم في تحقيق نجاح ضده، وهو ما وقعت فيه كلينتون.

 

 فضلاً عن معرفة أساليب جذب الجمهور لما يقوله ويعبر عن شريحة منهم، وهو ما كان يحاول تكراره طيلة فترة الحملة الانتخابية.

 

وكذلك جلب أكبر قدر من الاهتمام من خلال افتعال العديد من المشاكل، خاصة مع وسائل الإعلام، وهو ما فعله ترامب فعلاً.

 

إضافة إلى امتلاك سلطة كبيرة من خلال التحكم في ما يركز عليه الجمهور، ليحصل من خلال الصراخ والتحدث بطريقة مزعجة، على فرصة لتوجيه الإعلام والجماهير في الاتجاه الذي يريد، ويكسب أصوات أعداد أكثر من الناس.

 

وصولاً إلى طرح مقترحات غير منطقية أكبر بكثير مما يريده، فهو يستخدم مهارة "الطرح الأول مجرد بداية للتفاوض"، وبذلك يسيطر سيكولوجياً على الموقف، تماماً مثلما يسيطر لاعب الشطرنج على اتجاه اللعبة من خلال اتخاذ الحركة الأولى، وهو ما قام به في تصريحين محددين، الأول فيما يخص الجدار العازل بين بلاده والمكسيك، والثاني فيما يخص نقل سفارة بلاده إلى القدس.

 

وإذا ما دققنا في خطاب الانتصار الذي ألقاه ترامب، سنلاحظ تحولاً جوهرياً في توجهاته الفكرية، مما يعزز الفكرة القائلة بأن لغته في حملته الانتخابية، لم تكن سوى مصيدة جاذبة للأصوات، ليس أكثر.

 

الرجل إذن، يفعل ما يفعل عن قصد يريد به الوصول إلى نتائج بعينها، وهنا علينا أن نتذكر حديثه المتناقض مع تصريحاته، حول إمكانية الوصول إلى حل في قضية الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تلك القضية التي نراها معقدة، ويراها الغرب أكثر تعقيداً لأسباب مختلفة منها ما هو سياسي، ومنها ما هو تاريخي وحتى ديني. ما يفيد بأن شخصية مثل شخصية ترامب وبعكس ما يتفوه به، يمكن أن يفاجأ العالم بلعب دور لم نكن نتوقعه بالاتجاه المعاكس لما نسمعه أو نقرؤه من تصريحاته المتناقضة في الكثير من الأوقات.

 

وإن عدنا إلى التاريخ، سنجده يذكرنا بريتشارد الرابع ملك إنجلترا قائد الحملة الصليبية السفاح الملقب بـ "قلب الأسد" الذي أزهق الكثير من دماء المسلمين سعياً لاحتلال بيت المقدس، وتوصله إلى توقيع اتفاق مع قائد المسلمين صلاح الدين الأيوبي، عرف بـ "صلح الرملة".

 

وإذا ما وصلنا إلى القرن العشرين، سنتذكر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي كان يراه الغرب ذلك الديكتاتور المجنون، ونراه القائد الزعيم الملهم، صاحب المقولة الشهيرة: "إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"، وقبوله بالمبادرة الأمريكية، المعروفة باسم "مبادرة روجرز" نسبة إلى وليام روجرز وزير الخارجية الأمريكي في عهد ريتشارد نيكسون، قبل ترك الأخير لمنصبه، ووفاة عبد الناصر.

 

وبالعودة إلى تاريخنا الراهن، فإن رجل الأعمال "دونالد ترامب" المعروف بإتقانه عقد الصفقات الاقتصادية، أظنه لن يتوان عن محاولته تسجيل اسمه في كتاب التاريخ، عبر محاولته التوصل إلى عقد سلام لأعقد قضية في القرن العشرين، ولم يتمكن أكثر من عشر رؤساء أمريكيين وصلوا إلى البيت الأبيض قبله من إيجاد حل عادل وشامل لها.

 

هذا الراهن قد يبدو للبعض غريباً، إلا أن منطق الأمور غير المستقيم مع بداية الألفية الواحدة والعشرين، يؤكد أن الكثير من المفاجآت قد تغير وجه السياسة الدولية، وهنا علينا أن ننتظر إذا ما كان ترامب سيكون وجه شؤوم علينا وعلى العرب، أم سيكون بتكتيكاته وجه خير غير متوقع.