هذه قصتي
أيها المرهفون كما حاسة اللمس..
فاستمعوا جيدا
وافهموا حكمة الأحجية...
نشأت على هوس بالمتاهة
زادي كثير من الصبر
ولاعة
والدخان..
يتكاثف في رئتي غيمة من سواد مخيف
يغالبني جسد متعب بي
يغالبه شغفي بالتبدد
شوقي إلى غابة تستريح هنالك في اللامكان
ثم تبتدئ الأغنية:
ويا قلبي سير بيا لحياة لغابة
كول لخطوات لا تولي موراك ذيابة
وسير بيا هيم في السر يسقيك شرابه
وكي تخبطها روح لله واسكن كتابه
ثم تختنق الأغنية...
فالحياة التي تزرع الموت عضت يدي
صرخت بأعلى الجموح
وأسمعتها مفردات البذاءة من معجم الشارع انكسرت طينتي فكتبت إلى صانع الخزف البشري:
"يشرفني أن أتقدم إلى سيادتكم الموقرة بطلب إعادة ترميمي بعد أن أتعبتني التشققات... إلخ".
كتبت وأرسلتها عبر ساعي النوايا
دفعت رسوما ليوصلها أولا وسريعا
وعدت إلى طينتي حيث برد لعين
يهاتفني:
أنت مثل أبيك الذي ظل في جنة الرب يوما
وغادرها مرغما باتجاه العراء..
أنت مثل أبيك تحاول أن ترتقي سلما في السماء..
اعذروني على الانقطاع هنالك صوت يذكرني أنني وردة للفناء..
ما علينا..
نشأت مع النار أيضا
سبرت رؤاها فعلمني عبثي أن أثير الحرائق، أنزلها في القلوب لأختبر الصدق فيها..فيفجعني جوعها لدمي رغم أني أشعلت نار المحبة فانقلب الآخر المتربص بالذات نار الجحيم..
كيف تحرق من عانق الجمر طفلا
بكى في الولادة جرحا يلوح بعيدا
وغنى مع الريح حرقته انكتبت في كتاب الإله القديم..
أتذكرني
_في الكتاتيب أجلس_
أغرق في أبد اللوح
لم أبلغ العاشرة..
أتأمل ما فعل الخضر
يا ربكم نحن محض شخوص تعيش القيامة قبل الأوان
وتخطفها الآخرة
أتذكر سوط الإمام وقد قلت :ها قتل الطفل.. يا ربه.. قتل الطفل..
لكنني أتذكر أنف الإمام يسح دما
ويدي قبضة من لهب..
قصتي
_أيها المرهفون كما حاسة اللمس_
أسطورة صاغ أحداثها الغيب قبلي
ما زلت أمشي
وعيني على غابة تتمدد خلف حدود التعب
غابة في العدم....