الحدث-غزة
قطرات قليلة من المطر سقطت في اليومين الماضيين، كانت كفيلة بتكدس "مياه الأمطار" في شوارع قطاع غزة، وتجمعها في الساحات المنخفضة، واختلاطها بمياه الصرف الصحي.
هذا الأمر رآه مراقبون فلسطينيون، مقدمة لما ستكشف عنه الأيام القادمة من كارثة إنسانية، جراء التدمير الواسع لبنية قطاع غزة التحتيّة، خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.
وقال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية، ناجي سرحان، إن الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، منذ عام 2007، بالتزامن مع العدوان الأخير، والتدمير الهائل الذي تعرضت له البنية التحتية سيتسبب بكارثة كبيرة في فصل الشتاء.
وأضاف :"العام الماضي، شهدت مدينة غزة منخفضاً جوياً، تسبب بإغراق أحياء سكنية كاملة، بسبب الحصار، وعدم تنفيذ المشاريع التطويرية، التي تساهم في تحسين البنية التحتية، والآن، نحن أمام واقع مخيف خلّفه العدوان الإسرائيلي، سيجعلنا أمام بنيّة هشة، يصعب عليها مواجهة أي كميات كبيرة من الأمطار، أو حتى عادية".
وأدى العدوان الذي شنته إسرائيل في السابع من تموز الماضي، إلى تدمير البنية التحتية لقطاع غزة، حيث تم تدمير العديد من شبكات الصرف الصحي و شبكات الطرق، وآبار المياه.
وتحول قطاع غزة وشوارعه إلى أكوام من الركام، قدرتّها وزارة الأشغال بنحو 2 مليون ونصف طن.
وبحسب إحصائيات فلسطينية، فقد تجاوزت الخسائر الاقتصادية الإجمالية المباشرة وغير المباشرة في المباني والبنية التحتية وخسائر الاقتصاد بكافة قطاعاته في قطاع غزة، 5 مليار دولار تقريبا.
وحذر يحيي الأسطل، رئيس بلدية خانيونس جنوبي قطاع غزة، من كارثة إنسانية قد تحدث في فصل الشتاء، جراء التدمير الواسع للبنية التحتية.
وقال الأسطل لوكالة الأناضول، إنّ حجم الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي يستوجب البدء الفوري في إعادة الإعمار، وتأهيل الشوارع.
وتابع "أي مطر قادم، قبل إصلاح خطوط المياه، وآبار الصرف الصحي، وما تم تدميره خلال الحرب، سيتسبب في كارثة حقيقية، خاصة في المناطق المتضررة".
ويخشى سكان قطاع غزة، من أن يؤدي التدمير الإسرائيلي للبنية التحتية، إلى آثار كارثية تعيدهم كما يقول الحاج الخمسيني مروان سالم إلى ما واجهوه العام الماضي، من مأساة.
وأضاف لوكالة الأناضول، وهو يشير بيده إلى بيته المدمر جزئيا بفعل الحرب:"العام الماضي دخلت مياه الأمطار إلى بيوتنا، هذا العام، لا أدري ماذا ستفعل بنا، ونحن في ظل هذه المأساة الكبيرة".
وتعرض قطاع غزة في فصل الشتاء العام الماضي (كانون أول) لمنخفض جوي قطبي عميق تسبب في أضرار كبيرة في البنية التحتية الهشة أصلا بفعل الحصار وأغرق أحياء سكنية كاملة ما أدى لتشرد آلاف العائلات.
وقدرت حكومة غزة السابقة آنذاك الخسائر المادية المباشرة للمنخفض بـ 64 مليون دولار.
ورأى خبير الاقتصاد الفلسطيني محسن أبو رمضان، أن بنية قطاع غزة لن تكون جاهزة لاستقبال فصل الشتاء هذا العام.
وأضاف لوكالة الأناضول أن "البنية التحتية باتت هشة، ومدمرة بالكامل، ولن تستطيع تحمل مواجهة أي منخفض، أو حتى معدلات أمطار طبيعية، ودون البدء في إعمار قطاع غزة، وتحديدا البنية التحتية، وإصلاح ما دمرته إسرائيل فإننا أمام مأساة حقيقية".
وخلال الحرب، قصفت الطائرات الإسرائيلي أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي بالقطاع ، حيث كانت تعالج 40 مليون لتر ماء يومياً.
وشدد أبو رمضان، على أن إعمار بنية غزة التحتية يحتاج إلى رفع كامل للحصار، وفتح المعابر التجارية وإدخال الآليات والأدوات اللازمة لتجهيز وتقوية بنية القطاع وتطوير أداء البلديات.
وقال رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين علي الحايك، في قطاع غزة، إنّ إصلاح الشوارع، وترميم شبكات الصرف الصحي، وتمكين البلديات ودعمها تحتاج إلى شهور عديدة.
وأضاف: "للأسف البنية التحتية في قطاع غزة، تعيش الآن أسوأ مراحلها؛ بسبب العدوان الإسرائيلي الأخير، وفصل الشتاء على الأبواب، ما يعني أننا أمام كارثة إنسانية".
وأضاف الحايك، أن العدوان الإسرائيلي الشرس جعل من خطط مشاريع البنية التحتية في قطاع غزة، عبارة عن برامج إغاثية طارئة، بعيدة عن التأسيس لإستراتيجية اقتصادية شاملة تعيد الحياة للبنية التحتية.
وحذر الحايك من التداعيات الخطيرة التي قد تحدث لآلاف العائلات التي دمرت وتضررت منازلها بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، في حال قدوم فصل الشتاء.
وقال "المجتمع الدولي، مطالب بضرورة التحرك العاجل، والبحث بشكل سريع عن حلول لإنقاذ قطاع غزة، من كوارث إنسانية قادمة".