الحدث- ريم أبو لبن
كتب وزير العدل السابق وعضو الكنيست عن حزب الليكود الإسرائيلي دان مريدور، مقالاً للرأي نشر في صحيفة هارتس الإسرائيلية، يشير فيه إلى الأسباب التي قد تجعل المشرعون الإسرائليون يصوتون ضد قرار شرعنة الاستيطان في الضفة الغربية.
وجاء في نص المقال:
لم تطبق دولة الاحتلال الإسرائيلي سيادتها بشكل تام على الضفة الغربية، وهذا يعود إلى كونها تمرر قانوناً ينظم الملكية الخاصة للسكان الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية، وهذا يشكل بحد ذاته خطوة كارثية، ويعمل على إنهاء المشروع الاستيطاني الإسرائيلي المراد تحقيقه.
قد يكون على رأس الأسباب الداعية لرفض التصويت ضد الاستيطان هو أن الكنيست الإسرائيلي قد تم انتخابه من قبل الإسرائيليين أنفسهم، فهو يقوم بدور المشرع ومراقبة أعمال الحكومة، وبالمقابل فإن الكنيست لا يشكل مصدراً مشرعاً حسب رأي أصحاب الملكية الخاصة من أبناء الضفة الغربية، غير أنه لم يسن القانون الذي يقوم بدوره بتنظيم الملكيات الخاصة التابعة للفلسطينيي وليس لديه سلطة تشريع على الملكيات الخاصة الفلسطينية. وهذا يقع ضمن المبادئ الأساسية للديمقراطية والقانون الإسرائيلي المعمول به.
إذا وفي تاريخ دولة الاحتلال، لا توجد حكومة قد فرضت سيادتها على الضفة الغربية، وهذا الأمر ينطبق أيضا على الحكومات السابقة أي في عهد مؤسس حزب الليكود وسادس رؤساء وزراء دولة إسرائيل مناحم بيجن، وعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابع إسحاق شامير.
وجاء في المقال: "وهنا يتضح بأنه إذا أردت أن تسن قرار شرعنة الاستيطان في الضفة الغربية عليك بالمقابل أن تفرض سيادتك على تلك المناطق، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تمنح سكان الضفة الغربية حق المواطنة، وأن يشاركوا في التصويت في انتخابات الكنيست الإسرائيلي ".
القانون الدولي قد يسمح بالسيطرة على ملكيات الأراضي ومن خلال " الاحتلال العدواني"، وقد يحدث هذا الفعل ويسمح به من باب حفظ الأمان وليس من جوانب اخرى، وكما هو مسموح به دولياً، فإن القانون الإسرائيلي أيضا يؤيده.
أما السبب الآخر الداعي لرفض التصويت، فإن القانون المقترح هو قانون غير منصف وسيجلب "العار" لإسرائيل، وعليه فإن عضو الكنيست الإسرائيلي زئيف بنيامين ( بيني بيغن)، وله وزنه إسرائيلياً قد أطلق على القانون المتعلق بالاستيطان " قانون السرقة". إذا لا تشريع لقانون رديء ولا يؤذن بالسرقة.
والسبب الثالث يتمحور حول تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والذي أشار فيه بأن القانون المتعلق بشرعنة المستوطنات قد يقرب الحكومة الإسرائيلية إلى المحكمة الجنائية الدولية. وإن كان نتنياهو على حق، فكيف ستتجنب الحكومة مسألة مناقشة شرعية المستوطنات في المحكمة؟ لاسيما وأن القانون الدولي لن يصمت وسيقول كلمته.
وبناءً على مطالبة فلسطينية، فإن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، سوف تناقش امكانية اعتبار فلسطين دولة ولها سيادة، وكذلك هل من الممكن أن تقوم المحكمة الجنائية الدولية بمناقشة الجرائم التي ارتكبت على الأراضي الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي.
ويذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت من قبل وبالأغلبية العظمى بأن فلسطين هي دولة.
وتساءل الكاتب هنا: إن نظام روما الأساسي التابع للمحكمة الجنائية الدولية، قد أثبت بأن المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية غير شرعية وغير قانونية، فهل تريد إسرائيل الاستمرار في الاستيطان وضم الملكيات الخاصة الفلسطينية ووضعها تحت سيادتها؟
وفي ذات السياق، جاء في المقال:" هذا القرار قد يشكل خطراً على المشروع الاستيطاني وبشكل كامل، وبما في ذلك مدينة القدس و" الكتل الاستيطانية" وهناك فرصة لضمها للأراضي المسيطرة عليها إسرائيليا. فلماذا الاشتراك في هذا الخطر؟"
أما السبب التالي فقد دام لأكثر من 50 عاماً، حين حاولت الحكومة الإسرائيلية وحتى هذه اللحظة ودون توقف بالاستمرار بما وصف حسب ما جاء بالمقال بـ " النضال" لاستحقاق الحق، وحقها هنا بالاستيطان والتوسع ضمن نطاق أراضي الضفة الغربية، وقد جاءت هذه المحاولات الفعلية دون أي تدخل دولي.
وبالرغم من هذا التوسع الاستيطاني، فلم تستخدم الجهات الدولية أي وثيقة ضد اسرائيل، وذلك لأن اسرائيل كانت حريصة كل الحرص أثناء حديثها عن الاستيطان بعدم التطرق في الحديث عن الأراضي الخاصة والتي تعود ملكيتها للفلسطينيين ومن أجل بناء المستوطنات عليها.
وهذا أمر تلتزم به اسرائيل أمام محكمة العدل العليا وكذلك أمام العالم، ولن تعمل على كسر هذا المبدأ القانوني والدبلوماسي.
وبعيداً عن هذا، ما هي إذا الصورة الذهنية التي خلقت في عقول العالم حول الاستيطان الإسرائيلي؟ ومن خلال تشريع القانون القاضي بشرعنة الاستيطان، وضم الملكيات الخاصة وتحت السيطرة الإسرائيلية سوف تصبح الكرة في ملعب منظمة التحرير الفلسطينية.
غير أن المعارضين للسياسة الإسرائيلية تجاه التوسع سوف يقولون انظروا ماذا يفعلون هؤلاء ! وهذا دليل على أن وجود المستوطنات مقترن بفعل السرقة.
وفي نهاية المقال، كتب وزير العدل السابق وعضو الكنيست عن حزب الليكود الإسرائيلي دان مريدور:
" لا تقول سنمرر القرار ومن ثم تقوم المحكمة العليا بإلغاءه، وبأن ايدينا لن تسفك الدماء هذا تصريح لا يقوله القادة وانما الجبناء".
وبالتأكيد هذا سيسمح لـ " الديماغوجيين" -وهم من يقومون بالدعوة إلى العمل العنيف الفوري لمعالجة الأزمات الوطنية- بأن يتنفسوا الصعداء وبالمقابل يشعرون بالارتياح تجاه إنقاذ اسرائيل من اجراءات المحكمة العليا، وتتهم المحكمة مباشرة بأنها قد تجاوزت السلطة السياسية وهذا شيء مخجل فعلا".
إذا هذا القانون المقترح غير عادل وغير دستوري، وهو يتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الإسرائيلي، كما أنه يضر بإسرائيل وبكافة المستوطنات في الضفة الغربية. غير أن التصويت ضده لا يقلل من شأن أعمال و تاريخ الكنيست الإسرائيلي.