الحدث- تحرير بني صخر
سحبت رواية " جريمة في رام الله" من المكتبات الفلسطينية بقرار النائب العام المستشار أحمد براك لاحتواء نصوصها على مصطلحات مخلة بالحياء والأخلاق والآداب العامة حسب ما وصفها النائب براك، والتي من شأنها المساس بالمواطن ولا سيما القصر والأطفال منهم، وقد تم ضبط الرواية للكاتب الصحفي عباد يحيى والمعروضة للبيع لدى المكتبات حماية لهؤلاء الفئات العمرية وابعادهم عن " الانحراف" على حد تعبير براك.
ولم يجف حبر الأقلام الناقدة لحتى هذه اللحظة، وقد اختلف اسلوب النقد ، ومنهم من يؤيد قرار سحب الرواية، ومنهم من يعتبر هذا القرار مجحف بحق الكتاب الآخرين، واعتباره انتهاك لحرية الرأي والتعبير.
أما الطرف الآخر، فقد جذبتهم جرأة الكاتب، وعلى الناصية الأخرى يقف من يتلقطون المصطلحات والكلمات الدائرة داخل الرواية، والتي تعتبر بنظرهم قد تجاوزت الخطوط الحمراء للعرف والعادات وحتى الأداب العامة وهم بذلك يوافقون النائب براك بسحب الرواية.
قال الكاتب عباد يحيى: " لم يحدث أي جديد في القضية، ومازالت الرواية متحجزة، وقد تصل الأمور إلى المحاكم... ونحن ننتظر".
" قراءة واحدة تثبت عكس ما يعتقدون"
وبالحديث عن مصادرة الرواية أكد الكاتب عباد يحيى لـ "الحدث " بأن مصادرتها قد خلف جواً من التضليل والمبالغات واتسعت المساحة لتداول الإشاعات حول الرواية، ومما جعل المناخ عدائياً جداً هو عدم توفر الرواية بين يدي القراء ليطالعوها وبشكل كامل، ومنهم من يقرأ بعض السطور فقط وهذا الأمر مقلق بالنسبة له، فإن هذا الاجتزاء للنص قد يشكل عاملاً مساعداً تجاه نشر المعلومات الخاطئة عن الرواية وعن كاتبها.
أضاف يحيى: " قراءة واحدة للرواية تثبت عكس ما يعتقدون ".
"انتقاد الرواية ساعد على انتشارها بشكل أوسع "، "شكرا لك أيها النائب العام، القرار ساعد في انتشارها "، "هل يحق للنائب العام أن يصادر الرواية "، "أين وزارة الثقافة ؟". جمل وتساؤلات قد طرحها الشارع الفلسطيني ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً " فيس بوك"، فقد عجت الحسابات الخاصة بهم بسطور تعبر عن غضبهم ورضاهم عن الرواية، واللافت أن البعض قد أنتقد الرواية من خلال بضع قصاصات ومقاطع للنصوص نشرت على "فيس بوك" وتداولتها الصفحات المختلفة معلقة على المصطلحات المستخدمة.
ألفاظ ليست على لسان الكاتب
في ذات السياق، قال يحيى: "إن الألفاظ المستخدمة في الرواية قد كتبت في سياق خاص و دقيق جداً حتى يفهمها القارئ، وهذه الألفاظ المستخدمة ضمن سياق النص لا تعبر عن موقف الكاتب بشكل شخصي وإنما هي مرتبطة بسياق الأحداث والشخصيات التي جاءت في الرواية".
وأضاف: " هذه الألفاظ قد نجدها في الكثير من الكتب والروايات الفلسطينية وغير الفلسطينية المنشورة لدينا، وهذه الكتب متوفرة بأعداد كبيرة وموجودة في المكتبات، والناظر لنصوصها يجد كم الألفاظ والمشاهد المستخدمة والتي تماثل بمضمونها الألفاظ المستخدمة في ورايتي، ولكن الفارق يكمن بأن رواية (جريمة في رام الله) قد كتبت بها عبارات وردت على لسان الشخصيات وليس على لسان الكاتب نفسه على عكس الروايات الاخرى".
أكمل حديثه: " العبارات المتداولة قد انتزعت انتزاعا وبدت للقارئ أنها ذكرت على لسان الكاتب وهذا غير صحيح، فمن قالها لسان الشخصيات المذكورة في الرواية، وقد وضعت ضمن سياق العمل الأدبي".
لغة التهديد والوعيد
"لغة التهديد والوعيد والتصفية هذا اسلوب غير لائق ويعكس صورة سلبية عن المجتمع الفلسطيني، وهو بطبيعة الحال يفتح المجال للتوجه للقضاء لمحاسبة هؤلاء الأشخاص". هكذا بدأ الكاتب عباد يحيى حديثه عن الانتقادات التي وجهت إليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بالرواية ".
وأضاف: "لكل انسان الحق في ابداء رأيه تجاه رواية أو قصة وحتى فلم، وأنا قدمت نصاً أدبياً ومن يريد أن ينتقد أو يوجه الرد فله الحرية بذلك ولكن دون تهديد، أما من يعترضون على اعتبار الرواية تخدش الحياء العام، فقد وصفو الرواية بعبارات لا تقل حياءً عما ذكر في الرواية.بالمقابل هناك اصرار غريب على نشر النصوص المأخوذة من الرواية، فإن كانت منافية للأداب كما يقال لماذا تنشرونها؟ وقد نشرت بشكل هائل ".
أما من يعترضون لكونها تخدش الحياء العام، ذات الاشخاص تخدهم يصفون الرواية بعبارات لا تقل عن الواردة بالرواية، وأيضا هناك اصرار غريب على نشر النصوص المأخوذة من الرواية فأن كانت منافية للأداب والذوق العام فلماذا تنشرونها؟ لماذا تنشرونها بشكل هائل ".
أين تتجه القضية؟
وبعد أن سحبت الرواية، وتكالبت الأراء، فهل يضيع حق الكاتب وتضيع الرواية وتبقى محتجزة لدى الجهات المسؤولة؟ اسئلة كثيرة قد تدور في أذهان البعض وحتى الكاتب عباد يحيى، فهل سيحصل على قرار قضائي يشبع قلمه.
قال يحيى: " أتمنى ان تعدل النيابة العامة عن قرارها، وليس هذا فقط، فعلى وسائل الاعلام المختلفة والمؤثرة أن تجابه مهنياً ادعاءات التحريض والهجوم والتهديد الذي تعرضت إليه انا ورواتي، وهذا أمر غير قانوني.
وبالحديث عن موقف مؤسسات حقوق الانسان ووزارة الثقافة، أكد يحيى بأن هناك تحرك من قبل الجهات القانونية والحقوقية بجانب وزارة الثقافة، ولكن حتى هذه اللحظة لم يحدث أي تغيير يذكر في القضية، وما زالت الرواية محتجزة، حتى أنه من الممكن أن تتجه الأنظار صوب المحاكم حسب ما ذكر يحيى لـ "الحدث".
وأضاف: " أصدرت الهيئة المستقلة لحقوق الانسان مطالبة وجهت للنيابة العامة لوقف الإجراءات المتخذة ضد الرواية، لكون هذا الإجراء يمس بحرية الرأي ويعكس صورة غير حضارية عن الحالة الفلسطينية".
وقد ختم عباد حديثه: "الرد على الكلمة يكون بالكلمة، وليس بالتهديد وبالحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي وفيها تهديد ووعيد لي ولأصدقائي ".