يرى سياسيون وحقوقيون فلسطينيون، أنّ غياب محاسبة، إسرائيل، وإدانتها على ما ترتكبه من جرائم وانتهاكات بحق الفلسطينيين، يُعطّل أي جهود لتحقيق السلام في المنطقة.
وأكد هؤلاء، أنّ محاسبة المجتمع الدولي لإسرائيل، شرط أساسي، لضمان إعمار قطاع غزة، وتوفير الأمن، كي يكون مقدمة لتحقيق السلام.
وكان الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، بان كي مون، قال في ختام زيارته لقطاع غزة، أول أمس الثلاثاء، إنه ملتزم بالعمل على إنهاء نصف قرن من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتحقيق السلام لفترة طويلة، وضمان أمن "إسرائيل" .
وقال كي مون، إن السلام في الشرق الأوسط، وأمن إسرائيل، يرتبطان بتوفير كافة الاحتياجات الإنسانية لسكان قطاع غزة، والعمل على حل مشاكلهم التي تتصاعد وتتزايد.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أنّ المجتمع الدولي مُطالب من أجل توفير الأمن وتحقيق السلام، بإخضاع إسرائيل للمحاسبة.
وأضاف عوكل: "مطلوب من المجتمع الدولي أن يُلزم إسرائيل بوقف اعتداءاتها، وأن يتم محاسبتها، حتى تدرك أن أي عدوان ترتكبه لن يمر دون عقاب، ودون ذلك سنبقى أمام مشهد كارثي، تغيب فيه عملية السلام الحقيقية والمثمرة".
وشدد على أن إسرائيل لن تتوقف عن الاستيطان، ومصادرة الأرض، وتهويد القدس، وقد تعيد ضرب غزة من جديد، في حال لم يتم ردعها من قبل المجتمع الدولي.
وأكد أن الأصل في الجهد الذي ينبغي أن يقوم به المجتمع الدولي، هو تحميل إسرائيل وهي الطرف الذي دمر قطاع غزة، وارتكب المجازر المسؤولية المباشرة والوحيدة عما اقترفت أيدي، مؤسساته العسكرية.
وخلال زيارته قال كي مون، إن الأمم المتحدة، أنشأت لجنة تحقيق خاصة لمحاسبة "مخترقي القانون الدولي، وتقديمهم للعدالة".
وشدد كي مون، أنه من غير المقبول، أن يتم في كل مرة تدمير قطاع غزة، ثم إعادة بنائه، مشددا بالقول: "سياسية الهدم ثم البناء، والبناء ثم الهدم، يجب أن تتوقف".
وحتى تتوقف هذه السياسة (الهدم ثم البناء)، التي يطالب بها الأمين العام للأمم المتحدة، عليه أن يقوم بمحاسبة إسرائيل، وإدانتها، هكذا يرى ناجي شراب أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة.
وأضاف شراب لوكالة الأناضول: "بان كي مون يتحدث عن سلام في المنطقة، وأن الأمم المتحدة ستعمل على ذلك، لكن دون إدانة لإسرائيل، وتشكيل لجان تحقيق دولية، تحاسب مرتكبي جرائم الحرب، ومن قتل وجرح الآلاف، في قطاع غزة".
واستطرد إنّه دون محاسبة فاعلة لإسرائيل، وإدانتها، سيستمر مسلسل التدمير في قطاع غزة.
وأردف أن "الأمم المتحدة، تطالب الضحية (غزة) بأن تلتزم بالهدوء، كي يتم توفير الأمن، المفروض أن يتم محاسبة الجلاد (إسرائيل)، وإلا فالحديث عن السلام وإعمار غزة، مجرد أمنيات وتصريحات".
واتفق مع الرأيين السابقين مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، عصام يونس، قائلاً إنّ منظمة الأمم المتحدة، مطالبة بتفعيل القرارات الدولية، الخاصة بإدانة إسرائيل.
وأضاف يونس لـ"الأناضول" "الحديث عن الأمن، وتحقيق السلام في المنطقة، يتطلب آليات قانونية دولية، تتكفل بمحاسبة إسرائيل، ومحاكمتها على ما ترتكبه من انتهاكات بحق الفلسطينيين، في قطاع غزة".
ومضى قائلاً "إن عدم محاسبة إسرائيل، وإدانتها يشجعها على الاستمرار دوما في ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات".
وطالب يونس السلطة الوطنية الفلسطينية بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، والتوقيع على المعاهدة المؤسِسة للمحكمة الجنائية الدولية، المعروفة باسم معاهدة روما، كي تصبح المحكمة مختصة بالنظر في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية.
وتأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم ضد الإنسانية، ويقع مقرها الرئيسي في هولندا.
وتعد المحكمة الجنائية هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة، وبلغ عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة 121 دولة حتى 1 يوليو /تموز2012، وتمتنع العديد من الدول عن التوقيع على ميثاق المحكمة.
ووفق حقوقيين وأطباء دوليين، وصلوا قطاع غزة مؤخرا، فإنّ "إسرائيل تقوم بانتهاكات إنسانية خطيرة بحق الفلسطينيين، من بينها استخدام أسلحة تفتك بالمصابين، وتبتر أجسادهم".
وتنفي إسرائيل استخدامها أسلحة محرمة دوليا، إلا أن بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق والمعروفة بـ" لجنة غولدستون" التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عقب العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة (2008-2009) وترأسها القاضي الجنوب أفريقي اليهودي ريتشارد غولدستون، كشفت عن ارتكاب إسرائيل "جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين" خلال ذلك العدوان.