الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المواطن الكحيان وحكومة التكنوقراط/ بقلم: مراد حرفوش

2017-02-13 09:41:19 AM
المواطن الكحيان وحكومة التكنوقراط/ بقلم: مراد حرفوش
مراد حرفوش

 

السوق الفلسطيني يشهد ارتفاعا مضطردا ومتزاحما في جميع السلع والموارد الاساسية والغير الاساسية والغياب المقصود للدعم المطلوب بتوفير الحد المعهود لكي يعيش المواطن الكحيان والغلبان على امره حياة ميسورة ولا يحتاج لمخلوق الا ان الحكومة العتيدة تسترشد بسياستها الاقتصادية بنظام اقتصاد السوق الحر الذي لا يجعل دور للحكومة كي تحافظ على التوازن مابين الفئات والشرائج المجتمعية وانما تخلق طبقات عليا وسفلى، وهذا غياب بامتياز لمبادئ العدالة اجتماعية، لذلك تعد ميزانيتها السنوية وفق للسياسة الليبرالية الجديدة  بفرض سلسلة من الضرائب المباشرة والغير مباشرة يتحملها الفقراء والفئات المهمشة في مجتمعنا، وبهذا يسود الاعتقاد لأقطاب الحكومة التكنوقراط بأن تخفيف الديون الخارجية وخاصة ديون القطاع الخاص الذي يعرف الربح لا الخسارة في ظل هذا النهج الاقتصادي، ولا يشير بأي حال من الاحوال الى مبادئ التوازن الاجتماعي والحماية الاجتماعية وتوزيع الدخل الوطني، وهذا النظام الاقتصادي تسبب باتساع الفوارق الطبقية والشرائح الاجتماعية والمالية في المجتمع الفلسطيني، وتناسب تماما مع السياسات المالية والتدخلات الاقتصادية التي تقودها حكومة الذين جلهم جاءو من رواد الليبرالية الاقتصادية .

 

بات من المؤكد أن الشق الأخر من رؤيتها يعتمد على تقليل الاعتماد على الدعم الخارجي وهذا ليس خطأ ولكن فلسفة هذه الرؤية لا تؤدي الى هذا الهدف المنشود، خصوصا اذا كان عنوان هذه الفلسفة فرض ضرائب باهظة تثقل كاهل المواطن الغلبان دون أن يستشعر بالخدمات المطلوبة، بعيدا عن الحداثة والتجديد ودون أن تتناسب مع المجالات المعيشية والتعليمية والاقتصادية والترفيهية والخدماتية وغيرها من المجالات المتشابكة والمختلفة التي تكون ضمن مسؤوليات الحكومة اتجاه مواطنيها.

 

السؤال المحير! كيف تستطيع الاستغناء عن الدعم الخارجي في ظل غياب الرؤية الوطنية للسياسة الاقتصادية للتخلص من التبعية للاقتصاد الاسرائيلي؟

 

وهنا مشكلتان رئيسيتان تواجهان الاقتصاد الفلسطيني الأولى تكمن في بروتوكول باريس الاقتصادي الذي كبل اقتصادنا وشوه بنيته وتركيبته وجعله تابع لدولة الاحتلال بشكل كبير، والثانية تتمثل في غياب رؤية وطنية اقتصادية انتاجية لدعم المنتجات والموارد الوطنية.

 

وتعزيزا لنفس السياق يأتي تساؤل هل يستطيع المواطن الكحيان توفير المتطلبات المعيشية في ظل الارتفاعات الجنونية دون مراعاه لمستوى الدخل ومتطلبات الصمود في مواجهة الحصار لقطاع غزة والاغلاقات اليومية بالضفة والاستهداف للوجود الفلسطيني بشتى الطرق، وانحسار السوق الفلسطيني وارتفاع معدلات البطالة التي تتجاوز 28%، إضافة الى ما يقارب 320 الف عائلة فلسطينية تقبع تحت خط الفقر.

 

 مع هذا التزاحم من المتطلبات الحياتية والاجتماعية والغلاء الفاحش بشكل مفاجئ دون مسوغات، ونظام رأسمالي لا يرحم، هل يكون تخفيف الديون وتقليل الدعم الخارجي على حساب المواطن الغلبان الذي يعيش طوال الشهر غارق بالحسابات وجدولة الديون تارة لشركة الكهرباء وتارة أخرى لشركة الاتصالات، أو لفواتير المجالس المحلية والبلدية او للأقساط الجامعية والمدرسية وغيرها من المناسبات.

 

هذا الواقع البائس بأسره لم يجعل حكومتنا المبجلة وعالية الخبرة والتمكين أن تدرج في جدول اعمالها وبرنامجها سوى مزيد من الضرائب! إن واقع حالنا يقول إن جل الخدمات التي تقدم الى جمهور شعبنا من تعبيد شارع او بناء غرف صفية من الشمال وحتى الجنوب تأتي بتبرع ودعم اما من اليابان او دول الاتحاد الأوروبي او احدى المؤسسات الدولية، فاين برنامج التنمية الوطنية يا حكومتنا! الآن أنتم عرفتم لماذا لا اريد حكومة التكنوقراط.