ترجمة الحدث - أحمد بعلوشة
فيما يلي ترجمة لمقال نشرته صحيفة هآرتس تحاول فيه ان تصل لمعنى وأصول كلمة "يهودي"
وفيما يلي نص المقال المترجم:
كلمة "يهود" جاءت من "يهودا"، المملكة القديمة التي تركزت في القدس، في القرن الثاني قبل الميلاد. ولكن كيف جاء الاسم العبري للمملكة؟
أقرب إشارة إلى مملكة يهودا هو لوح من الطين وجد في نمرود، عاصمة الامبراطورية الآشورية العظيمة (والذي أصبح الآن كومة من الأنقاض في شمال العراق بعدما قام تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بطمس المدينة القديمة).
اللوح المسمى بـ (كالهو) يحمل ملخصا مرقما بالرقم 7، والذي يعود تاريخه إلى ما يقرب من 733 عام قبل الميلاد، ويصف المآثر العسكرية من الملك الآشوري تغلاث بيليسر الثالث.
وقبل أن نرى كيف كانت تسمى المملكة قديماً يهودا -التي تحولت إلى مجموعة عرقية دينية تسمى "اليهود"-، يجب أن نرى كيف حصلت المملكة على اسمها في المقام الاول.
سعيا لتأسيس نظام
المملكة الإسرائيلية الأصلية كانت تسمى يهودا. وخلال الفترة الفارسية أصبحت الأرض مقاطعة لتلك الامبراطورية وسميت بمقاطعة اليهود. ثم في العصر الروماني أصبحت الأرض مقاطعة رومانية تسمى يهودا. ولكن دعونا نناقش أول تلك الكيانات المتعاقبة.
وفقاً للكتاب المقدس، المملكة كان تسمى بالقبيلة التي تنشأ فيها. وكانت هذه القبيلة يهودا، والتي حصلت عل اسمها من الابن الرابع ليعقوب.
وكما هو الحال مع إخوته، يوضح الكتاب المقدس اسم يهودا على أساس لعبة الكلمات، والتي فقدت تماماً في الترجمة: "وحبلت محدداً وولدت ابنا وقالت: الآن سوف أشكر الرب، ثم اسمته يهودا" سفر التكوين 29:35.
ويهودا تكتب (Judeh)، وتأتي (deh) هنا بمعنى الثناء أو الشكر. واذا كان الاسم مكون من (يهو) التي تعتبر شكل مختصر من الاسم الإلهي، و(داه) بمعنى الشكر، فإن ذلك يعني أن الاسم الكامل هو (الحمد لله).
يرفض كثير من علماء الكتاب المقدس اعتبار التوراة على أنها مجرد مجموعة من الخيالات التي وضعت على مر العصور، خصوصاً فيما يتعلق بشرح العلاقة بين القبائل، ولماذا ينبغي أن يكونوا أهل يهودا أسياداً على الآخرين.
إذا لم يكن أهل يهودا السابقين موجودين أصلاً، فكيف جاء الاسم لهذه القبيلة؟
العلماء يتفقون مع الكتاب المقدس على أنَّ النصف الأول من الاسم هو شكل مختصر من الاسم الإلهي، إلا أنهم يختلفون على النصف الثاني منه.
عالم الآثار الأمريكي وليام أولبرايت افترض أن جزءا من الاسم (odeh) هو فعل يعني "أدى"، من جذر كلمة يودا، وهي ذات صلة باللغة العربية، ولكنها غير موجودة في العبرية، وبالتالي، وفقا لأولبرايت فإن اسم القبيلة يعني "بقيادة الرب".
أما العالم اللغوي الألماني اليهودي يوليوس ليوي، فيعتقد أن الاسم يعني "يهويز" أي الناس، إلا أن كل هذه التفسيرات تبدو غير مرجحة.
يهودا دُمِّرت
بينما حصلت يهودا على اسمها هذا، إلا أنه لم يدم طويلا. في 586 قبل الميلاد، تم تدمير المملكة من قبل الامبراطورية البابلية ثم تم نفي نخب بني إسرائيل إلى بابل.
في العام 538 قبل الميلاد، صدر مرسوم سايروس العظيم يقضي بإمكانية عودة المنفيين من بني إسرائيل إلى أراضيهم والتي أعيد تشكيلها باعتبارها مقاطعة فارسية تتمتع بحكم شبه ذاتي اسمها يهود.
للأعوام الـ 700 التي لحقت تلك الحقبة، حافظت القدس وضواحيها على بعض من شكل اسم الأرض التي تنتقل من حاكم إلى حاكم. وانتهى هذا عندما تم سحق ثورة بار كوخبا 135 ميلادي. حيث قام الرومان بطرد اليهود وسميت المنطقة بسوريا وفلسطين.
ولكن ماذا سيعني كل هذا بالنسبة للكلمة الإنجليزية "Jew" يهودي؟
الانحدار من العصور المظلمة
بينما سقطت الامبراطورية الرومانية ودخلت أوروبا في العصور المظلمة، في القرن الرابع والخامس الميلادية، تحولت اللاتينية المستخدمة في المقاطعة الرومانية شيئاً فشيئاً إلى ما يسميه العلماء "اللغة الفرنسية القديمة". الكلمات اللاتيمية تبدأ بحرف "i" والتي تم استخدامها كما يتم استخدام حرف "j" بالعبرية (والذي لم يكن يستخدم آنذاك). وفي وقت لاحق خلاف القرون التالية للرابع والخامس تحول الاسم تدريجياً وبحلول القرن العاشر الميلادي، صدرت الكلمة الفرنسية لليهودي judeu وبعد قرن من الزمان تحولت الكلمة إلى juiu.
في الوقت نفسه، في عام 1066، قامت مجموعة من الناطقين بالفرنسية الأستقراطيين المعروفين باسم نورمان بقيادة وليام الفاتح، بالسيطرة على إنجلترا.
النورمان لم يجلبوا الفرنسية فقط إلى إنجلترا، بل جلبوها أيضاً لليهود، الذين جعلوا انجلترا وطنهم الدائم لأول مرة، وذلك مثبت بالأرقام. الأجانب الجدد كانوا معروفين باسمائهم الفرنسية، وبعد الغزو النورماندي قام الفرنسيون بإضافة حرف f في نهاية كلمتهم، لتصبح Juif كما هي حالياً.
أقدم استخدام في اللغة الانجليزية لمصطلح Jew وفقاً لقاموس أوكسفورد للغة الانجليزية هو من عام 1275 تقريباً. وفي القرون المتتالية، ظهرت العديد من الاختلافات في الكلمة: Ive, lewe, lew, وغيرها.