الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"سارة نتنياهو.. المرأة الَّتي تَهْمس في أُذُن رئيس الحكومة"/ بقلم: رائد دحبور

2017-02-21 10:52:18 AM
رائد دحبور

 

سلَّطتْ الزِّيارة الممتازة– كما وصفها نتنياهو نفسه- والتي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن مؤخراً الأضواء مجدداً وبكثافة لافتة هذه المرَّة على شخصية زوجته سارة نتنياهو ودورها في التأثير على سلوك رئيس الحكومة تجاه استبعاد العنصر النسائي من المناصب الرَّفيعة في الطَّواقم الحكوميَّة اللصيقة برئيس الوزراء، إلى الدَّرجة التي انبرت فيها بعض المواقع الإخبارية وبعض النشرات الصَّحفية بوصف الحكومة الإسرائيليَّة بالحكومة الذُّكوريَّة التي تتعمد استبعاد النِّساء من المناصب الحكومية الرَّفيعة؛ وذهبت بعض التحليلات والآراء إلى أنَّ ذلك هو بفعل تأثير سارة– وطبيعتها الغيورة- على زوجها حيث ترغب بأنْ تكون هي المرأة الوحيدة التي تهمس في أذن رئيس الحكومة. وذهب البعض الآخر إلى القول أنَّ ذلك يعود إلى الخشية من دعاوى التَّحرُشات الجنسية التي ترفعها النِّساء ضد الشَّخصيات العامَّة، والتي طالت في السَّابق شخصياتٍ عديدة ومنها على سبيل المثال شخصية رئيس الدَّولة الأسبق موشيه كتساف، كما كان كثيرٌ من الغمز واللمز وحتَّى النِّقاش العلني قد جرى في الماضي حيال سلوك رئيس الدولة الأسبق عايزر فايتسمن الشَّائن في تعامله مع النِّساء العاملات في محيطه الرَّسمي.

 

كانت شخصية سارة نتنياهو في الأيَّام الأخيرة– وهي السيدة الأولى كما توصف في الإعلام الإسرائيلي- وصورها في فناء المكتب البيضاوي في الكابيتول إلى جانب زوجة الرَّئيس الأمريكي محوراً بارزاً من محاور الاهتمام وتناول وسائل الإعلام الإسرائيلي لحيثيات ومجريات الزِّيارة. وكانت عناوين من قبيل "سارة نتنياهو تخطف الأضواء في البيت الأبيض" و"والرَّئيس ترامب مهتم بمعرفة الكثير عن سارة وهو معجب بشخصيتها" و"حكومة نتنياهو الذُّكوريَّة" و"والجدل الجنسي حول شخصية سارة نتنياهو المثيرة جنسياً" عناوين ومحاور للنقاش طيلة الأيَّام القليلة الماضية في الفضاء الإعلامي الإسرائيلي وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي؛ إلى درجة أنَّ رئيس الوزراء بن يامين نتنياهو نفسه شارك ومن خلال صفحته على موقع "فيس بوك" مقالاً في صحيفة هآرتس انبرى فيه الصحفي بني تسيفر للدفاع عن شخصية سارة نتنياهو ودورها الإيجابي في حياة زوجها رئيس الحكومة كونه ينتمي لجيل الشَّباب- نسبياً، إلى جانب زوجته الشَّابة– من القادة السياسيين في الصف الأوَّل في إسرائيل وهو ما يبدو أمراً استثنائيَّاً في الحياة السياسية الإسرائيليَّة.

فقد نشر بيني تسيفر، المحرّر الثقافي المرموق في الصحيفة، في عمودٍ للرَّأي زعم فيه أنّ مصدر العداء تجاه سارة نتنياهو هو الثقافة الذكورية التي تهيمن على السياسة الإسرائيلية، والتي تبثّ الخوف من المرأة القوية وذات الشخصية الجنسية المثيرة !

 

كان تسيفر، الذي زار سارة نتنياهو في مقرّ إقامة رئيس الحكومة، قد هُرِعَ للدفاع عنها وعارض الانتقادات الموجّهة ضدّها. وقال: "إنّ الزوجين يديران نمط حياة ويتصرّفان بشكل متواضع بالمقارنة بزوجين في مكانتهما، وبالمقارنة مع الرئيس الفرنسي وزوجته اللذين يعيشان بنمط حياة تبذيري". بعد ذلك، وصف تسيفر المشكلة الثقافية الكامنة في جذور النقد الموجّه إليهما، وعلَّله بالتَّالي، فقد كَتَبَ:

"هناك شيء غير صحّي في الثقافة السياسية الإسرائيلية الذكورية والفاقدة لأي تهذيب وآداب؛ وهو الخوف من المرأة المثيرة. حسب رأيي؛ فقد بُنيت حول هذا الخوف من المرأة المثيرة كل الحملة المكدّسة من قصص سارة نتنياهو".

 

وأضاف بني تسيفر قائلاً في هآرتس: "للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل يترأس البلاد شخص شابّ نسبيًّا، يعيش في علاقة زوجية نشطة من الناحية الجنسية، مع امرأة شابّة والتي هي في المقام الأول زوجة وأم شابّة. في كل دولة أخرى يعتبر هذا الأمر شيئاً أكثر قبولاً وشيئاً محبوباً. وليس هنا، في بلاد لم تجنح في أن تفصل نفسها عن التعقيد اليهودي الذي يرى في العلاقات المثيرة بين الزوجين شيئاً يجب إخفاؤه عن الأعين عندما تكون شخصية عامّة. وماذا نفعل إذا كانت سارة نتنياهو ذات حضور لا يمكن إخفاؤه. تلك هي خطيئتها الرئيسية".

 

كانت التَّعليقات صاخبة وساخنة على مقال بني تسيفر، إلى درجَةٍ وصف بها البعضُ المقال بالمُخِلّ بالآداب، وبالشَّائن والخارج عن المألوف. لكنَّ نتنياهو شارك المقال مِمَّا فاجأ الجميع وكتب تعليقاً عليه جاء فيه:

 

"في فترة الانتخابات فإنّ الهجمات الساخرة والكاذبة حول زوجتي تزداد وتكسر الأرقام القياسية للشرّ والخبث. دعكم من القيل والقال، والأكاذيب والهجوم على أسرتي. الجيد أنّ هنا وهناك بعض الصحفيين الشجعان، المستعدّين للسير ضدّ التيّار ونشر الحقيقة حول سارة نتنياهو   ."

 

يُذَكِّرُنا ذلك بالنِّقاش الصَّاخب الذي كان يجري داخل المجتمع السياسي والإعلامي الإسرائيلي حول شخصية الوزيرة "ليمور لفنات" في حكومة نتنياهو الأولى عام 1996 وحول غيرة "سارة" منها ومن علاقتها بزوجها وما كانت تأتي به من شَغبٍ إعلاميٍّ حيال ذلك، وما تأتي به الآن، وإنْ بدرجَةٍ أقل، حيال علاقة زوجها الرَّسمية جداً بوزيرة العدل الشَّابَّة عن حزب البيت اليهودي إييلت شاكيد. كما يُعطينا فكرة ويُلقي الضَّوءَ على مزايا وخصائص الطَّبقة السياسية التي تحكم إسرائيل الآن وبمستويات النِّقاش التي تجري داخل الأوساط السياسية والإعلاميَّة هناك، ويعيد التذكير بشخصية وكارزما نتنياهو ذاته الَّذي لمْ يجد من مآثر أمنية وقتالية يتحدَّث بها عن شخصيته في كتابه "مكان تحت الشمس" سوى رحلَةٍ تدريبيَّة قام بها ضمن سرية عسكرية راجلة من الأغرار اخترقت البلاد من نتانيا حتَّى نهر الأردن في سنوات سبعينيات القرن الماضي، عوضاً عن حديثه حول شخصية شقيقه جوناثان ضابط دورية الأركان الذي قتل في عملية تحرير الرَّهائن الإسرائيليين في مطار عنتيبي في أثيوبيا في سبعينيَّات القرن الماضي أيضاً. كما يُعيدُ التَّذكير بشخصية المرأة التي تهمس في أُذُنِ رئيس وزراء إسرائيل وبسايكولوجيَّة ودلالات ذلك الهمس الخّفِيّ.