نادت الفتاة الملقبة بالحمراء جارها ذا الزي الصيني، وأخبرته أن المرأة التي تسكن الغرفة الأخيرة قد دخلت في شهرها السادس من الحمل، وأن عليه الاتصال كما هي العادة بالمعهد السويسري لإتمام عمليات الولادة والتوزيع، وهكذا كان. بعد يومين، كانت طائرة صغيرة الحجم قد حطّت في حيّ الزهور لقرية في الهند، ثم أقلّت على متنها المرأة ويرافقها طبيب يعود بها إلى سويسرا.
تغيّر العالم، واستحدثت قوانين جديدة، وصار دستور واحد يحكم، وفي كل دولة هناك مجلس يناقش القضايا المجتمعية، ويحل المشاكل كلها وفقاً للقوانين العالمية التي تنظم وتجدول البشرَ في مجموعات، كما سيحدث مع المولود الجديد.
المعهد، أو مصنع الأطفال، أو بوابة الحياة، فيه يخرج المواليد الجدد إلى هذا العالم، حيث لا مكان غيره، إذ كما تقرر على كل امرأة تدخل شهرها السادس أن تتصل بهم وتخبرهم أن هناك مولود قادم، وخلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أيام تكون طائرة في المكان، تحمل الأم والكائن بداخلها إلى هناك، حيث تتم العناية على أكمل وجه، وعندما يقرر الأطباء، يقومون بعملية قيصرية، ويعطون للطفل رقماً متسلسلاً، وينظمون جدولاً لتغذيته، حيث ينتهي دور الأم بعد فترة معينة تلازم فيها الطفل بعض الوقت، ريثما يطمئنون على كليهما.
بعد أن ينهي الطفل فترة أمه، ثم فترة الحضانة في معهد آخر في اليونان، يكون المختصون قد أنهوا ترتيبات اختيار المكان الجديد للطفل، حيث يدرسون توزيع البشر في الدول، ومقدار استيعاب كل دولة من الوافدين الجدد، آخذين بعين الاعتبار المصادر المتوفرة هناك.
عادت الأم إلى الهند، وبارك أهل الحارة لها، وأقاموا حفلاً صغيراً بهذه المناسبة، أما الطفل فقد تقرر الذهاب به إلى المغرب، حيث تم استقباله أيضاً بالأحضان والقبل، وإحالته إلى المركز المحلي للعناية به ريثما يبلغ عامه الرابع، حيث تخصص بعد ذلك غرفة بمرافقها الخاصة البسيطة له، في أحد المباني المشتركة بمرافقها العامة. ظل الجميع ينادون عليه برقمه، حيث يأمر النظام هكذا، ألا تطلق الأسماء ولا الألقاب على أي أحد إلا بعد أن يقرر هو، ولا يساق إلى دين أو جماعة إلا بعد أن يقرر هو، في وقت يتكلم الجميع لغة واحدة، اللغة الإنجليزية، وتستثنى من ذلك بعض اللغات في شعائر خاصة، لكن إذا تقرر الخطاب والحديث، فلا لغة إلا المكتوبة في الدستور.
كبر، وتعرّف على أهله الجدد، وصار أصدقاؤه المقربين خمسة، شيخ قصير يقال إن أصله من اسكتلندا، وامرأة يهودية، ورجل أسود كالليل، وطفلة أصغر منه، بنمش كثيف وشعر برتقالي، وشاب في نفس عمره، لا يستطيع الكلام بطريقة سليمة.
في عيد ميلاده السادس عشر، وقف أمام أهل الحي، وقال: اسمي فراغ، ولكنّي أعرفكم، ولا ديانة لي، لكنّي أشعر أن الله حولي، ولا أريد السفر إلى أي مكان، أنتم عائلتي، لا أكره أحداً، وأحبكم جميعاً.
ملاحظة: من يموت، يقوم من حوله بالإجراءات نفسها، ثم تسافر طائرة به لترميه بعيداً، في مقبرة جماعية واحدة، تسمّى بوابة المجهول.