الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الإعلام العبري يبث الإشاعة والعربي يروج.. "هآرتس، وعربي 21" نموذجاً.. كتب أحمد زكارنة

2017-03-04 06:58:48 PM
 الإعلام العبري يبث الإشاعة والعربي يروج..

باتت شخصية رأفت الهجان، شخصية جدلية يلعب بها الإعلام العبري منذ تسعينيات القرن الماضي دون كلل أو ملل، للنيل في القدرات العربية، تحديداً في مجال الاستخبارات.

 

ففي محاولة قديمة حديثة يواصل الإعلام العبري محاولاته التشكيك في حقيقة الدور الذي لعبه "الهجان" بعد زراعته داخل الكيان الاسرائيلي، حيث نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريراً اليوم السبت قالت فيه: إنه سيشمل المفاجأة للعرب، وذلك بنشر معلومات جديدة ومثيرة حول من عُرف في الأوساط المصرية والعربية بـ "رأفت الهجان".

 

وزعمت الصحيفة أن رفعت الجمال، الذي قدمه مسلسل "رأفت الهجان" كضابط مصري اخترق المخابرات الإسرائيلية كان في الواقع عميلاً مزدوجاً عمل بشكل أساسي لصالح إسرائيل وأسهم في تمكين إسرائيل من الانتصار في حرب 1967.

 

هذه الادعاءات التي يقذف بها الإعلام العبري عبر منصاته ومنها صحيفة "هآرتس" العبرية ليترجمها عنه موقع "عربي21"، ليست بالادعاءات الجديدة، "المفاجأة المثيرة" كما ورد في عنوان "هآرتس، وعربي 21" على حد سواء.

 

 ففي 13 أغسطس عام 1993، عرضت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية قصة "جاك بيتون" أو "رأفت الهجان"، مشيرة إلى أنه فى مايو عام 1955 وصل إلى إسرائيل يهودى باسم "جاك" مهاجر جديد من مصر على ظهر السفينة القادمة من مرسيليا، وعاش بعدها لمدة عام فى إسرائيل محاولاً فتح طريق لأعماله المختلفة، وفى أثناء ذلك العام كان يسافر إلى روما، وفيها يحصل على أموال ثم يعود إلى تل أبيب.

 

وتكمل "معاريف": وفى ليلة ممطرة وباردة اندفعت فرقة من المخابرات الإسرائيلية إلى منزل "بيتون" شمال تل أبيب، وحاصرت القوات المنزل، وانتظرت حتى حل الظلام، لتداهم البيت ويعلن لـ"جاك" أنه مقبوض عليه، وبعد تحقيق قصير ممزوج بالتعذيب انكسر "جاك بيتون" وبدأ يحكى حياته وتفاصيل عملية إدخاله إلى إسرائيل كعميل للمخابرات المصرية".

 

وتمضى الرواية الإسرائيلية قائلة، إنه بعد القبض عليه، تجاوب بسرعة مع محقق المخابرات الإسرائيلية، وظهر فى التحقيق نبوغه وذكاؤه وكفاءته العالية فى عقد الصداقات مع الجميع، وهنا بدأ المحققون فى استغلاله لكى يعمل عميلاً مزدوجاً، وبدأ يعمل بين مصر وإسرائيل، وينقل للمخابرات المصرية كل المعلومات الخاطئة التى زودته بها المخابرات الإسرائيلية، ليحصل على مبالغ كبيرة من المخابرات المصرية والإسرائيلية معاً، لينفقها على النساء واللهو.

 

وتضيف الرواية الإسرائيلية التى ذكرتها صحيفة "معاريف"، أن المشكلة الوحيدة التى قابلت رجال المخابرات الإسرائيلية، هى شخصية ذلك العميل غير المستقرة، ولذلك استعانت بالمحللين النفسيين أثناء استجوابه، ونظراً لأنه كان يحترم نفسه، ويتقمص شخصية البطل، فقد كان على رجال المخابرات الإسرائيلية إرضاء ذلك فيه.

 

وفي عام 2011 نشرت صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" ذات الرواية بنفس التفاصيل، ليدعي بعدها بأعوام قليلة الجنرال في الاحتياط، إفرايم لبيد، وهو متقاعد أمضى سنوات عديدة في الخدمة بشعبة الاستخبارات العسكريّة، في مقالٍ نشره في موقع (Israel Defense) إنّ "الجاسوس المصريّ رفعت علي الجمال"، الذي عرض التلفزيون المصري قصته، كان عميلاً مزدوجاً، حمل الاسم السري (يتيد)، ومعناها بالعربيّة وتد أوْ إسفين.

 

وزعم لبيد في حينه أنّه قام بنقل معلومات مضللة للمخابرات المصريّة عشية عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967. مضيفاً: "قامت المخابرات الإسرائيليّة بتجنيده كعميل مزدوج مقابل العفو عنه وعدم تقديمه للمحاكمة بتهمة التجسس لصالح دولة معادية".

 

إلا أن الشخص الأكثر اطلاعاً في اسرائيل على هذه العملية، والذي قضى ست سنوات مُشغلاً بشخصية "يتيد، الهجان" هو "دافيد رونين" الذي عمل نائباً لرئيس "الشاباك". قال في إحدى تصريحاته بعد نشر الرواية الإسرائيلية: "إن سبب غضب جهاز "الشاباك" المستمر منه، أنه تجرأ على التلميح إلى قضية "الهجان". حين نشر "رونين" في تسعينيات القرن الماضي رواية بعنوان "لسعة النحلة" تحدث فيها عن قصة العميل المزدوج، ملمحاً إلى "الهجان" وقدرته على خداع الشباك. وبعدها بسنوات ألّف كتاباً آخر في هذا الموضوع، لكن "الشاباك" والموساد أيضاً عرقلا نشره طالبين إجراء تعديلات عليه.

 

وبالعودة إلى التقرير الذي أعاد نشره موقع صحيفة "هآرتس"، وترجمه موقع "عربي21"، نجده يدعي على لسان معلق الشؤون الاستخبارية في الصحيفة "عوفر أدرات"، ذات الادعاءات التي ذكرت أعلاه من كافة هذه المصادر وغيرها، دون حرف واحد أو معلومة واحدة أو حتى تفصيلة مختلفة عما ذكر سابقاً، اللهم أن الإعلام العبري يقوم بدوره المنوط به في نشر وإعادة نشر هذه الإشاعات، على مبدأ "اكذب ثم اكذب حتى تصدق نفسك، فيصدقك الآخر"، ليقوم الإعلام العربي بدور المروج، إما عن جهل أو عن عدم فهم، وما أشرنا إليه اليوم من فعل "هآرتس، وترجمته من قبل عربي21" ما هو إلا نموذج حي، نتمنى أن تنتبه الأخيرة وأخوتها له كي لا تقع في شرك هذه الألاعيب، فتصبح ألعوبة.